بقلم / سلوى خليل الأمين
لم يكن مفاجئا ما حدث في اليمن، فمنذ بدء الحرب على سورية وما تلاها من فشل المخططات التي رتبها وأفتى بها سيد الكون الأميركي، والكل ممن نفذها ودعمها ماليا ولوجستيا دون أي التباس، واقف بالمرصاد لكل من يعطل هذه المشاريع التدميرية في سورية والعراق والمقاومة في لبنان وفلسطين، ولكل ثورة شعبية حرة في اليمن والبحرين، وعلى رأسها إيران.
هؤلاء العملاء المنتشرون من تركيا امتدادا إلى الأردن والخليج ومن يتعاون معهم سرا أو علانية من الدول العربية الأخرى والدول الأوروبية، هم أصل البلاء. علما أن حساباتهم ورهاناتهم التي رفعوها سيفا مسلطا على عقول الناس في بلادهم قد باءت بالفشل، حيث لم يكن الظن أن سورية قادرة على الصمود والتصدي، وأن رئيسها آل على نفسه الثبات في أرضه وبين شعبه حتى الرمق الأخير، إيمانا بأن ما يصيب وطنه وشعبه يصيبه في الصميم، وأن أمر الكرسي عنده سيان،كما صرح أكثر من مرة، المهم سورية وسيادتها وحرية شعبها وكرامتهم التي هي فوق كل اعتبار.‏
هذه الرهانات الكونية والعربية باءت بالفشل، وأماطت اللثام عن كل ما هو مخفي في الصدور من خوف وهلع من الجارة الكبيرة إيران، التي وقفت بوجه الطاغوت الأكبر أميركا وأجبرته على احترامها واحترام سيادتها، من منطلق ما تمتعت به من كرامة ووطنية واحترام،جعلتها تدخل في دائرة الدول العظمى المنتجة للقوة النووية والمتمكنة عسكريا، بحيث أصبح حكام الخليج يرتعدون خوفا منها، باعتبار أنها تشكل خطرا عليهم، وخصوصا أن إيران استطاعت دعم القضية الفلسطينية منذ ثورة الخميني، ولم تتراجع قيد أنملة عما التزمت به تجاه الشعب الفلسطيني وحقه بالعودة إلى وطنه، أضف إلى ذلك مساعدتها المقاومة ضد إسرائيل في غزة ولبنان، ودعمها لصمود سورية والعراق في وجه الاحتلال الأميركي،من منطلق إيمانها الثابت بالقضية الفلسطينية التي أسقطت من أجندات المستعربين. هذا الأمر لم يرق لحكام الخليج الذين لم يحركوا طائرة واحدة من طائراتهم باتجاه العدو الصهيوني، لا على الجبهة المصرية ولا على الجبهة السورية ولم يتشاطروا في حماية لبنان من اجتياحات إسرائيل وما سببته من دمار وقتل وما خلفته من شهداء، واعتبروا حرب تموز 2006 في لبنان مغامرة، وكذلك الحرب ضد غزة برغم الدمار الهائل والقتل المبرمج الذي نال لبنان وغزة من جراء ذلك، ورفضوا تقبل النصر على بني صهيون،بدليل أن ما حصل من اعتداءات وحروب واجتياحات إسرائيلية، كان خارج حسابات هؤلاء المستعربين، الذين لم يأبهوا خلال تاريخهم الطويل لاغتصاب فلسطين وتشريد شعبها، ولم يحركوا طائراتهم يوما لقتال بني صهيون وعصابات داعش التكفيرية، لهذا أصبح عدوهم الأكبر كل من يساند ويدعم قتال إسرائيل، ولهذا كانت «عاصفة الحزم» التي يتماهى عندها السؤال: لمصلحة من هذه الهجمة الشرسة على اليمن السعيد؟‏

لقد أتتهم الحمية العربية والحماسة المنقطعة النظير ضد الشعب الفقير في اليمن، الذي يطالب بأبسط حقوق العيش والأمن والأمان والكرامة الوطنية، لهذا تنادوا واجتمعوا وقرروا الهجوم في ليلة غبراء مستعملين كل ما هو مخزون لديهم من صواريخ الطائرات، من أجل ضرب الشعب اليمني الفقير، المغلوب على أمره الثائر من أجل كرامته الوطنية وسبل العيش المطلوبة إنماء وتطويرا ودخولا في عصر الألفية الثالثة التي لم يعرفها الشعب اليمني بأغلبيته،حتى تاريخنا هذا، بسبب سياسة التجهيل والتهميش المفروضة عليه عن سابق إصرار وترصد، علما أن تلك المليارات من الدولارات التي صرفت على تدمير بلاد الشام وحالياعلى اليمن، لو صرفت على إنماء المجتمعات العربية الفقيرة، ومنها الجارة اليمن،لكانت أنتجت ما تطمح إليه من استقطاب.‏

لكن بقاء اليمن السعيد على ما هو عليه، أي غارقا في الفقر والمرض والجوع والمهانة وقلة الزاد، فهو أمر لا يعنيهم إلا حين تتدخل إيران من أجل المساعدة، في الوقت ذاته الذي تتدفق فيه ثرواتهم دعما لإرهابيي العالم الدواعش والقاعدة والنصرة وغيرهم ممن تم شراؤهم بأبخس الأسعار، وذلك من أجل تغذية الحروب المتنقلة في المنطقة العربية ضد حلفاء إيران.‏
لقد بذلوا الغالي والنفيس من أجل تدمير سورية وإزاحة رئيسها بحجة دعم الشعب السوري المغلوب على أمره كما ظنوا ويظنون، هذا ما أعلنوه وفبركوه عبر وسائل إعلامهم المرئي والمسموع والمقروء، وجندوا له الأبواق في لبنان وجامعة الدول العربية وعند كل من يغرف من خزائن بيوت مالهم، لكن مجرى الأحداث أثبت ضيق أفقهم السياسي وحقدهم الأرعن، لهذا فشلت مخططاتهم في إخضاع سورية والمقاومة وإلعراق يعني دول الطوق، وباتوا ينظرون بهلع إلى ما يجري في اليمن السعيد من تحرك للحوثيين الذين أبدوا احترامهم لدول الجوار والأشقاء العرب ولكل معاهدات الصلح مع السعودية، لكن نجاح الحوثيين أبناء اليمن في جعل بلدهم تركب المركب الآيل إلى الدخول في المجرى الصحيح للوطن، آلم حكام السعودية، وخصوصا أنهم شعروا أن هذه القوة المستحدثة للحوثيين، تقف خلفها إيران، لهذا يجب معاقبتهم .‏

في سورية تكلموا عن دعمهم للشعب، وغضوا الطرف والعقل عن قوة الدعم الشعبي السوري لرئيسه وكذلك أهمية ثبات الجيش العربي السوري الذي يعرف معنى الوطنية والنضال وحماية الوطن، أما في اليمن فخطابهم معاكس تماما، إذ إن حماية الرئيس الذي رفضه شعبه وجيشه أمر واجب الوجوب، بل هو أمر يستدعي تجييش كل طاقات مجلس التعاون الخليجي العسكرية وحتى باكستان والأردن من أجل عاصفة من الحزم يريدون من خلالها تركيع شعب اليمن .‏
هنا المواقف تعبرعن مضامينها وأشكالها المبتورة، فكيف يحق للسعودية جارة اليمن الشقيق أن تدعو إلى حماية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وتوجيه الطائرات الخليجية مجتمعة ومعها الطائرات السودانية والأردنية، في الوقت الذي تضل فيه الطريق إلى تحرير فلسطين، وبيت المقدس،وتأبى مناصرة أهل غزة خلال العدوان الإسرائيلي، وكذلك تعتبر حرب تموز 2006 في لبنان مغامرة، وتتهم حزب الله في لبنان بأنه البادئ بالعدوان، علما أن لجنة فينوغراد الإسرائيلية أثبتت أن الحرب على لبنان مخطط إسرائيلي مسبق.‏

المشكلة التي تبدو من خلال الهجوم الشيطاني على اليمن وشعبه، أن العرب لا يقرؤون، هذا ما قالته غولدا مائير يوما،حين سئلت عن الجدوى من اتباع نفس المخطط السابق في الحرب على العرب فأجابت: إنهم شعب لا يقرأ، وطبعا هي تقصد أولئك الذين احتلوا العروش وصنعوها على مقاساتهم وغطسوها بالذهب وهم بدو رحل ما زالت الجاهلية معربشة على عقولهم، التي ترفض الإذعان للمنطق القائل: أن إيران دولة إسلامية، وأن الإسلام واحد موحد، وأن المذاهب من صنع البشر، ولم يتم شرعنتها من رب العالمين ولا رسوله، وأن كل مسلم هو على هدي الله وكتابه الكريم وسنة رسوله، أي إن كل مسلم مهما كان اختلاف مذهبه الذي يتبعه، فهو مسلم لله تعالى ما دام يقرأ الشهادتين.‏
صحيفة الثورة السورية

حول الموقع

سام برس