بقلم / جميل مفرح
* في لحظات نشوة واستكبار وغرور غير محدود.. فتحوا النار على كل من تساءل حول عدوانهم السافر على بلد جار لهم، وخاصموا وهددوا كل من حاول أن يستهجنه..!! واكتشفوا متأخرين أنهم لم يكتفوا بتلك الخطيئة السيئة.. بل خسروا أيضاً الكثير من الأنظمة والشعوب التي تنتمي إلى المنطقة والتي تحيط بها.. روسيا.. الصين.. سوريا.. العراق.. الجزائر.. لبنان.. إيران.. ودول وأنظمة بعيدة أخرى.. وشعوب لا حد لها..!! والآن هاهي تلك الشعوب وتلك الضغوط السياسية الناتجة عن عنجهيتهم وصلفهم تضيف المزيد من التفكك حتى من أقرب الحلفاء، وأيضاً المشاركين في تحالفها وعاصفتها المحزومة.. وربما الأيام القليلة القادمة، على سبيل المثال، ستضع مصر وباكستان وتركيا والمغرب وتونس في مواجهتها.. وليس حتى على خطوط الحياد!!
* مأزق الشقيقة الكبرى يضيق ويقترب من أن يتحول إلى خانق.. وها هي تبدأ في استدراج الخارج البعيد وتضغط عليه بكل قواها ليكون جزءاً من لعبتها الخطرة.. عله يسعفها بمخرج يمسح خطوط العار وخيوط الرعب من على وجهها، دون أن يؤذي هذا الوجه، الذي مضى عليها عقود وهي ترممه بمساحيق وعمليات التجميل التي أنهكته.. وبدأت تضفي عليه الإرهاق والشيخوخة..!! الشقيقة الكبرى تلهث منذ بضعة أيام بحثاً عن مخرج وتحمل مسؤولية حماقاتها من أعطوها الضوء الأخضر لارتكاب هذه الخطيئة.
* لقد وصل الأمر أشده، خصوصاً مع انحسار تلك النشوة المتعالية، نتيجة للمتغيرات المتسارعة وللذكاء الممعن الذي أبداه اليمنيون، وهم يكتفون بالفرجة عليها والصمت إزاءها وهي تمعن وتتوغل في الحماقة والخطيئة.. ويحرمونها حتى من مبررٍ ولو بسيطٍ يستدعي كل هذا الغضب وهذه النار.. بالإضافة إلى بروز مثبطات وعثرات في طريقها وهي تتلمس غطاء أو تشريعاً من أية هيئة أممية.. وخصوصاً من تلك الدول التي لم تسلم من همجيتها وتهجمها، منذ الساعات الأولى لعاصفتها التي يبدو أنها لم تعصف ولن تعصف بشيء، سوى مُلكها المسنِّ، وغطرستها المهترئة.. والأمر الأشد ضراوةً وإيقاداً للرعب والقلق.. ما تشهده مسئولية هذا الأزمة من انحسارٍ وتضاؤلٍ، وكأنه بدأ يستدير على خصرها الذي هي من تتعمد سلَّ خنجرٍ وطعنه، في هوجائيةٍ، استهجنها الواقع واستغرب لها الأدنون والأقصون.
* السكرة تمضي، وتتبعها الآن السكرات.. تجتاح بدن هذه العجوز التي احتلتها اسرةٌ واحدةٌ، أحكمت القبضة على شعبها، لتنسب وطناً بأكمله يقترب عدد سكانه من الثلاثين مليوناً إلى اسم الجد الأكبر لهذه الأسرة المتغطرسة الجائرة (سعود)، وتعاملت مع هذا الشعب بأكمله كقطيعٍ من العبيد، وفي عبودية مطلقة تجانبها الحدود!! لقد استأثر مجموعة الرِّعاع البدو هؤلاء بثرواتٍ هائلةٍ كان من المفترض أن تتجاوز نسب توزيعها محيط هذه الأسرة، لأنها من حقِّ كامل هذا الشعب المذعن، والمنهك بهذه العبودية التي لم تعد كائنةً في مجتمعٍ إنسانيٍّ حديث، عدا هذا في الحيِّز الجغرافي المُستلب أرضاً وإنساناً وثرواتٍ!!
* الآن.. يبدو أن هذه العائلة العجوز المترهلة قد بدأت تشعر بما وقعت فيه.. وباتت تدرك أنها اُستدرجت إلى شركٍ خطرٍ، نُصب لها على الأرجح من الغرب البعيد الذي كانت تعتقد أنها أقربُ وأفضلُ أتباعه وأياديه في تشكيل السياسات والتحالفات والصراعات، واستنزاف الموارد التي جعلت وتجعل من هذا الحيز مقصوداً ومُبللاً بلعاب الجشع..!! ها هي خاصرتها تتضاءل ويرك عودها تحت وطأة الضغوط.. القادمة من الخارج باتجاه الداخل.. وأشد من ذلك الضغوط المتنامية من داخل جسدها باتجاه الخارج.. وهو ما سينتج عنه انفجارٌ سيحوِّل ذلك الجسد إلى أشلاء وذرات.. وليس ببعيدٍ على نبيهٍ ومتابعٍ ما يحدث داخل ذلك الجسد المتهالك والمغدور من انفعالاتٍ وتفاعلات رفضٍ منذ سنواتٍ وعقودٍ، خصوصاً في شرقه والجنوب.. ومن الطبيعي أن يدرك الكثيرون ماذا يعني الشرق والجنوب في مملكة الديناصورات المتسلطة!!
* يبدو بجلاء أن ما قامت وتقوم به هذه الدولة القميئة المعشر والجوار، يومئ الآن بتوقيت اللحظة الفاصلة وموعد إلقاء النظرة الأخيرة على جثامين الهدأة والاستقرار والتسلط والثراء الفاحش، التي حظيت به هذه الأسرة منذ قرن من الزمان.. وأن اليمن كما يبدو هي رصاصة الرحمة التي ستخترق قلب هذه العجوز.. فالمسألة، مما تلوح إشاراته، لم تعد تتعدى العامل الوقتي أو التوقيتي.. إنه دنوٌّ وشيكٌ من فاصلة الزوال.. فما تراها فاعلة؟! وما تراهم يعتزمون بعد؟! فالمؤكد أن استمرار هذه العجوز السيئة في هذا الغي، هو بمثابة عملية انتحار.. وواقع ما يحدث لا ينم عن شيء أبلغ أو أنجى من ذلك..!!

حول الموقع

سام برس