نهى البدوي
عاد تنظيم القاعدة في اليمن للظهور مجددا وبقوة بعد أن تلاشى حظوره فيها، قبل الصراع والحرب الدائرة في اليمن بين المليشيات المسلحة التابعة لصالح وجماعة الحوثي من جهة وبين اللجان الشعبية المسلحة والقوات الموالية للرئيس هادي من جهة أخرى، مستفيداً من المناخ الذي وفرته له الحرب والأقتتال كأحد العوامل الرئيسية المحفزة لعودة ظهوره ومساعدته على البقاء مستغلاً الاحتراب الدائر في جنوب اليمن لإعادة نموه لتحقيق مكاسب بنيوية لتعزيز قدراته التنظيمية وبنيته البشرية تجسد في قيامة بمهاجمة السجون وإطلاقه لعدد كبير من عناصره نزلاء السجون في محافظات عدن ولحج وحضرموت والضالع بينهم قيادات كبيرة ابرزهم القيادي البارز في تنظيم القاعدة خالد باطرفي.

ظهور التنظيم في هذا الوقت بالذات يحمل كثير من الأهداف لخلط الأوراق بين المتحاربين للحصول على داعمين جدد له ولا يستبعد أن ظهوره قد يتم توظيفه من قبل إيران لضرب الخصوم في المنطقة، وبشكل عام فان التنظيم يسعى للاستفاده من الاقتتال الأهلي في اليمن ويتجه لتوظيف البعد الديني والمذهبي للأطراف المتحاربة لاستمالة تعاطف القبائل وكسب مزيداً من التقارب القبلي والشعبي، لتوفير الحماية لعناصره، وحرية الحركة، رغم أنه فقدت حاضنتها القبلية بنسبة كبيرة في السنوات الثلاث الماضية، كما أن الاقتتال وظروف الحرب مكنته من نهب الأسلحة من بعض المعسكرات وخاصة في عدد من مناطق الجنوب، بالاضافة لسعيه تحسين صورته بين أوساط الشباب بالتأثير النفسي والعاطفي عليهم لاقناعهم بأن عدوهم مشترك، والمراهنة على البعد الديني المذهبي للحرب (شيعي - شافعي) لاشاعة واحدية الهدف (محاربة الروافض) بغية إذكاء الصراع وإطالة أمد الحرب ليستقطب عناصر جديدة إلى صفوفه.

في ظل استمرار وتغذية هذه الحروب والاقتتال الداخلي الحاصل في اليمن، وغياب المبادرة لإخمادها ، والتي تأكل الأخضر واليابس وتؤسس لواقع مأساوي قادم، يبقى رهان تنظيم القاعدة في اليمن على الاقتتال الداخلي كأحد العوامل الرئيسية لإفشال أية محاولات للدولة وللمجتمع لإقتلاع جذورة، بل ويمكّنه من ترميم ولملمة صفوفة لإعادة إنتاج نفسه ولو في شكل جديد قادر على التأثير في المشهد القائم رغم الفشل المتكرر لتحقيق مشروعه.

وبالنظر إلى خطورة هذا العامل الذي اصبح كالإكسير لاستمرار وبقاء "تنظيم القاعدة في شبة جزيرة العرب" بقوة قادراً على إجهاض جهود الدولة والمجتمع وتدمير ما سبق تحقيقه من نجاح على طريق استئصال شافته في الحروب السابقة التي خاضتها الدولة ضد الإرهاب خلال الثلاث السنوات الماضية، ليستعيد نموه من جديد، وأمام هذه المعطيات فأن الوضع يتطلب من جميع الأطراف والجماعات المتحاربة، وكل السياسيين والخيّرين في اليمن استشعار المسؤولية والعمل على وقف نزيف الدم وهذا الاقتتال الذي يفسح المجال لعودة ظهور تنظيم القاعدة بكل فروعه والتصدي لهذا الخطر الذي يستهدف المجتمع والجيران بعد أن بدات مؤشرات نتائجها تبرز بقوة في اليمن.

n.albadwi2013@hotmail.com

حول الموقع

سام برس