بقلم / وليد المشيرعي
الأرض فيها ملايين اللغات، لكنها "بتتكلم عربي" حسب النشيد القومي الشهير لصاحبه الفقيد سيد مكاوي.
الجماهير المليونية ظلت تصدح بذلك النشيد من محيطها الذي كان هادراً إلى خليجها الذي ما عاد ثائراً إلا على أشقائه.
عشرات السنين تفصلنا عن ذلك الزمان لا أعني زمن النشيد فقط بل زمن الروح القومية العربية التي حركت شعوب الأمة وزلزلت فيها الكثير من العروش.

في تلك الحقبة تجشمت مصر قيادة العمل العربي المشترك لتحقيق حلم الأمة المشروع في الوحدة والتآخي وبناء المقدرات والصعود إلى قمة الهرم الحضاري الأممي الذي نزلت عنه ذات يوم في تاريخها التليد.
وفي تلك الحقبة أيضاً قدمت مصر الكثير من التضحيات لأجل المشروع "الحلم العربي" الذي لا تزال قسمات وجه الزعيم جمال عبدالناصر تحكيه للأجيال بلونه الأسمر وابتسامته التي لم تبهت رغم تآمر الأشقاء في حياته وبعد رحيله المبكر.
تضحيات مصر العظيمة حينها لم تكن لأجل مكاسب وقتية رخيصة ولا لبناء مجد ذاتي لزعيمها الذي لم يورث لأبنائه بيتاً يؤويهم.
كانت لأجل الأمة جميعاً .. وآتت ثمارها في كل قطر عربي رغم التآمر والخيانة.

اليوم صورة العمل العربي المشترك التي يقودها أمراء البلاي ستيشن في الخليج تتقزم بصورة تؤكد أن الزمن لايأتي بأحسن..
وهاهي الأناشيد الفائرة بإيقاعات السامبا تتوالى تحريضاً ضد الشعب العربي في اليمن ومعها مئات الفضائيات المشاركة في جريمة تدمير مقدرات هذا الشعب تحت مسمى حمايته!!
عشرات آلاف القتلى المدنيين حصدتهم قنابل الموت القادمة من الخليج وبلاد الحرمين هؤلاء لم يشبعوا بطونهم الجائعة ولم يفكروا بتهديد أمن "المملكة" قبل أن يعلم ذووهم أن طيران "الأشقاء" قتلهم لكي يحميهم من "الخطر" الإيراني.
هؤلاء كان أطفالهم الذين جندلوا معهم يسألونهم تحت دوي القصف "ماذا فعلنا بالسعودية لكي تقصفنا؟".

هؤلاء كانوا بانتظار بصيص أمل ينقذ بلدهم الغارق في أزمة سياسية واقتصادية طاحنة قبل أن ينالوا شهادة الدخول إلى جنة بارئهم ورازقهم.
هؤلاء ربما لم يزوروا مصر ونيلها لكنهم سمعوا عن زعيمها فامتلأت بحبها وعشقها قلوبهم قبل أن تمزقها الشظايا بمباركة مصرية مدفوعة الأجر وبثمن بخس.
هؤلاء ربما لم ينشدوا يوماً "الأرض بتتكلم عربي" لكنهم رووا بدمائهم أرض العروبة في زمن البترودولار.
نقلا عن صحيفة الثورة

حول الموقع

سام برس