بقلم / روزانا رمّال
أفلس بنك الأهداف السعودي في الحرب على اليمن، وأفلست معه الذرائع والحيل العسكرية، فلا الحوثي يردّ ولا هي تنتصر، ولم يتغيّر شيء سوى دمار هائل ومشهد مريع من الركام وأشلاء البشر المبعثرة في أحياء الناس.
يلفت في هذا الإطار التصعيد غير المسبوق الذي تقوده السعودية بطائراتها، فقد بلغ القصف أبعد مدى وأكثر أذى وحصداً للأرواح، حتى وصلت الحصيلة في يوم واحد الى أكثر من 600 ضحية بين شهداء وجرحى من المدنيين اليمنيين، حيث دُمّر حيّ سكني بأكمله في صنعاء، بعد استهدافه بقنابل فراغية وأسلحة فتاكة.
الصور التي انتشرت والكاميرات التي استطاعت تصوير لحظة القصف الجوي تظهر الكمّ الهائل من المتفجرات التي كانت تسقط على الجبال فتغيّر معالمها لشدّة فتكها وقدرتها التدميرية.

لا تعبث السعودية في هذا المشهد هباء، فهي تعرف جيداً أنّ الوقت طال وأنّ الحرب الجوية نفذت فيها ما يمكن ان تعوّل عليه كامل تحقيق مكسب مقبل كان لا بدّ ان تظهر في أول أيام الحرب، أي بالاستفادة من مهابتها وعنصر المفاجأة والسيطرة على زمام الأمور كطرف مهاجم عسكرياً.

عاش لبنان فترة مماثلة في عدة حروب شنّت عليه من قبل العدو «الاسرائيلي» كان أشهرها عدوان 1996م وما حفظ منه في الذاكرة من مجازر أشهرها مجزرة قانا واعتداء 2006م وحفظ منه أيضاً مجزرة قانا 2…
في اليوم الـ27 للحرب «الاسرائيلية» على حزب الله كما أسمتها طلبت تل أبيب تمديداً من الولايات المتحدة فاتصل أيهود أو لمرت رئيس الوزراء حينها بكوندوليزا رايس وزيرة خارجية إدارة بوش الابن، وكان أن أعطت واشنطن تل أبيب ما تريد فمدّدت لها قرابة أسبوع.

ضاق الخناق على «إسرائيل» وأفرغت أهدافها لكنها لم تفلح في أن يكون هذا التمديد مكسباً يغيّر مجرى الحرب، فعمدت إلى التصعيد والقصف على المدنيين بطريقة جنونية، حتى عرف أن آخر أيام الحرب كانت الأشدّ ضراوة وقساوة على الجنوبيين، وقد حصد العدد الأكبر من الضحايا، وسعت «إسرائيل» خلاله إلى البحث عن هدف بشري يحرّك الرأي العام الدولي ويضغط عليها لتتوقف فكانت مجازر قانا 1 وقانا 2 كبش الفداء وتعالت صرخات المجتمع الدولي أن حان الوقت ليتوقف العدوان ويجتمع مجلس الأمن من أجل ذلك.

بعين المراقب أو العارف أو المنسّق مع حلفائها تتصرف السعودية بذات الأسلوب، وهي اليوم تكثف طلعاتها الجوية وتتقصّد حصد أكبر عدد ممكن من الأرواح لتكون عنصراً ضاغطاً على المجتمع الدولي فيقول لها «كفى»… لم يعد يجدي الاستمرار لأنّ التراجع بالنسبة إلى السعوديين علناً غير وارد وان سعت إليه تحت الطاولة.
أول البوادر ظهرت من أوروبا حيث أعلنت المانيا عن عدم تأييدها لهذه الحرب فدعا وزير خارجيتها فرانك فالتر شتاينماير إلى عقد مؤتمر دولي للسلام بخصوص اليمن، مستبعداً أن ينجح الخيار العسكري في حلّ الأزمة اليمنية.
من جهته دعا بان كي مون أمين عام الأمم المتحدة إلى وقف فوري لإطلاق النار في اليمن.

يبدو أن التصعيد في اليمن وإراقة الدماء وتقصّد قتل اكبر عدد ممكن من اليمنيين هو هدف عسكري مضمونه سياسي يستجدي صراخ العالم ليردع الرياض التي لا يبدو أنها ستتراجع بسهولة، وبالتالي تستمرّ الحرب باحتمالاتها كافة حتى تنضج تسويات وفرص تؤمّن لآل سعود من خلالها مخرجاً مقبولاً بعد إخفاقهم في تحقيق أهداف العدوان، إنْ كان لناحية تقدّم الحوثيين أو القضاء على مقدراتهم العسكرية التي لم تمسّ حتى الساعة…
مقلاً عن موقع «توب نيوز

حول الموقع

سام برس