بقلم / حمدي دوبلة
بالأمس مر مرور الكرام لم ينتبه له أحد ولم ينل من الترحاب والاحتفاء ما يستحق وحسب ما أعتاد عليه في كل عام.

الـ22 من مايو أنه اليوم الأعظم والأجمل في تاريخ اليمن واليمنيين في عصرنا الحديث غير أنه حل هذا العام والوطن مكلوماً يئن بجراحاته وآهاته .. ينزف دماً طاهراً دون وجه حق ويذرف دموعاً حرى من كل جفن دون أن يكترث لذلك أحد عذراً مايو الذنب ليس ذنبنا فقد وجدنا أنفسنا أمام عدوان غاشم لا يبقي بشراً ولا شجراً ولا حجراً .. عدوان ظالم غير مسبوق في التاريخ من حيث وحشيته وبشاعته وإهماله لقيم وأخلاق الفرسان وقواعد الحروب والاستهانة بحياة البشر وحقهم في الحياة .. عدوان استباح كل شيء في الوطن ونصب نفسه وصياً وجلاداً لشعب مسالم فقير لا يمتلك معظم أبنائه قوتهم الضروري ومع ذلك لم يرعوى هذا العدوان الأرعن في إرسال صواريخه وقذائف الموت والخراب على رؤوسهم صباح مساء وعند كل صلاة لتزهق الأرواح وتنشر الخراب والدمار على كل شبر في هذه الأرض المباركة التي لم تصدر إلى اشقائها الأعداء إلا كل الخيرات والطيبات على مر العصور.

عذراً مايو .. فالصادم والمزلزل في الأمر أن العدوان يشنه أشقاء من ذوي القربى والجوار لأسباب واهية لا تستطيع اقناع صغير أو كبير ومبررات غير منطقية أعطت لنفسها الحق في تجاوز كل القواعد الإنسانية المتعارف عليها في علاقات الشعوب والأمم على هذه الأرض.

عذراً مايو العظيم نعلم جيداً عظمتك ودلالاتك العميقة في الانتصار للخير والسلام والوحدة في مواجهة خطوب الحياة ففيك ارتفعت راية اليمن عالية خفاقة في ذلك الصباح الجميل من عام 1990م لتحكي للعالم أجمع أروع الملاحم اليمانية الأصيلة في تناسي الآلام والصغائر وتغليب مصالح الوطن الأم .. لكن الجميع في هذا العام البائيس كانوا مشدوهين من هول الصدمة والفاجعة التي لم تستوعبها عقولهم النظيفة حتى وأن مر شهران كاملان من القتل والتدمير والدموع والمآسي التي تتوالد يومياً على أرضنا وفي أوساط مجتمعنا على مرأى ومسمع من العالم الذي لطالما تشدق بمفاهيم ومبادئ حقوق الإنسان واحترام الحياة والحريات وقيم الخير والسلام.

عذراً مايو .. لم نتمكن من إضاءة الشموع ونشر الزينة في الأحياء العتيقة والتلال الشامخة والسهول الخضراء والبحور والهضاب ولم نستطع أن نملأ سماءك الأبية بألوان الفرح والابتهاج.. فقد كانت هذه السماء عشية ذكراك الخامسة والعشرين تمطر على رؤوس الأبرياء والآمنين الصواريخ والقذائف والتفجيرات وحلّ أزيز طائرات العدوان الغاشم بديلاً لأغاني الفرح .. في واحدة من أعنف الغارات الوحشية التي حفلت بها أيام العدوان الـ60 لتحمل لنا دلائل إضافية على حقد وانتقام هؤلاء المتجردين من كل قيم وصفات المروءة والرجولة والأخلاق الفاضلة على هذه الذكرى العظيمة والمحطة المضيئة في تاريخ الوطن العربي.

عهداً يا مايو .. فهذه المحنة ستمر فقد تعودنا على المحن والشدائد والفنا الخطوب والأهوال لكننا دائماً ننتصر على كل الصعاب ونخرج مرفوعي الرأس منتصرين لوطننا وحقنا في العيش الكريم دون وصاية من أحد..

فأخلاقنا وعراقتنا في التاريخ الإنساني كفيلان بضمان الظفر على من لا أخلاق ولا تاريخ له ولعلنا نلتقيك العام القادم وقد تغير حالنا إلى أحسن حال بإذن الله تعالى فهو الناصر والمعين وقديماً قالوا: مابين غمضة عين وانتباهتها يغير الله من حال إلى حال, وكل عام والوطن اليمني وأبناؤه العظماء في أحسن الأحوال.

حول الموقع

سام برس