سام برس
تعرضت جهود المغرب الرامية إلى الحفاظ على صورتها كدولة حديثة مستقرة في الآونة الأخيرة إلى حالة من الصدام في قضايا تتعلق بالجنس والسياسة والدين.

ففي الرابع عشر من يونيو / حزيران، ألقت السلطات القبض على سيدتين مغربيتين كانتا تسيران في سوق مفتوحة في جنوب أغادير، وقيل إنهما تعرضتا لاعتداء وتحرش جنسي على يد مجموعة من الناس بسبب ارتداء ما وصف بملابس "مستفزة وغير محتشمة"، ومن المقرر مثول السيدتين أمام المحاكمة بتهمة "الإخلال بالحياء العام".
وسوف يصدر الحكم النهائي في 13 يوليو/تموز.
وأشعلت القضية جدلا في الصحافة المغربية ووسائل التواصل الاجتماعي بشأن حقوق المرأة والأقليات، ووضعت الليبراليين في مواجهة مع الإسلاميين المحافظين وأذكت موجة احتجاجات ضد ما يراه البعض بأنه حملة تصدي تستهدف حرياتهم.

"ارتداء التنورة ليس جريمة"
بموجب المادة 483 من قانون العقوبات المغربي يعتبر مذنبا كل من ارتكب "الفحش العام" أو "الإخلال بالحياء العام" ويعاقب بعقوبة السجن لمدة عامين.
لكن قضية السيدتين حشدت الكثير من الليبراليين الذين يخشون من تكون بداية طريق غير مرغوب فيه.
وتقول تقارير إن 500 محام تقدموا للدفاع عن السيدتين، لكن نظرا لضيق قاعة المحاكمة، استطاع مائتان فقط حضور الجلسة.
كما دشن أنصار السيدتين صفحة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك تحت عنوان "ارتداء التنورة ليس جريمة" فضلا عن تقديم التماس على الانترنت يدعون فيه وزير العدل إلى "اتخاذ قرار بإطلاق سراحهما ومعاقبة المتحرشين"، واستطاع الالتماس أن يجذب ما يزيد على 26 ألف توقيع.
وعلى موقع التواصل الاجتماعي تويتر، دشن أنصار السيدتين هاشتاغ باللغة الفرنسية يحمل نفس الشعار ويظهر مغاربة من الجنسين يرتدون تنورات قصيرة خلال احتجاج.

وذكرت صحيفة "تيل كيل" المغربية الأسبوعية أن عددا من الاحتجاجات نظمت خلال شهري يونيو/حزيران ويوليو/تموز، وردد المحتجون هتافات مثل "الأمن في الأماكن العامة شئ صحيح" و "كفى عنفا بالمرأة" و "لا للعودة إلى حكومة بن كيران (الإسلامية المعتدلة)".

وينص الفصل 19 من الدستور المغربي، الذي أقر في عام 2011، على أن "يتمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية" كما ينص على أن الدولة "تسعى لتحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء".
وانتقد "التحالف المدني المغربي لتفعيل الفصل 19" الحكومة وعدم تطبيقها القانون، وأطلق التماسا عام 2014 يطلب فيه من رئيس البرلمان "النظر في تطبيق كامل للفصل 19".
الجنس والدين
أثير موضوع الحرية الجنسية في أبريل/نيسان 2015 عندما أجرت المغرب تعديلات على قانون العقوبات.

وأبقى التعديل، الذي خفض عدد الحالات التي يمكن أن يطبق فيها الإعدام، على حظر "الجنس غير الشرعي" وحظر عدم الصيام في شهر رمضان.
وقال وزير العدل إنه مستعد للحوار، لكنه أضاف "لا نقاش في الهوية الإسلامية للدولة". كما أقر تعديل القانون عقوبة "ازدراء الأديان" ومعاقبة مرتكبها بالسجن عامين.

وقالت الناشطة المغربية مروة خويا على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك إن الأحداث الأخيرة في المغرب جميعها "يتعلق بالجنس والدين وبكل ما أثارته من جدل وصراع حول الدين والأخلاق بدلا من التصدي لقضايا سياسية واقتصادية متجذرة".
وانتقدت النخبة بمحاولتهم "فرض أيدولوجيتهم من خلال القمع" في حين فشلت أمام المغاربة في ضمان "حقوقهم وحريتهم والبديل عن ثقافة الجهل والخنوع والتخلف".

حول الموقع

سام برس