بقلم/عبدالله الصعفاني
بعيداً عن التفاصيل الأخلاقية وأماكن الابتعاد والاقتراب من الصواب والخطأ ، أثبتت الأحداث منذ اشتعال شرارة فوضى ربيع 2011م أن في اليمن لا أقول صقور وحمائم وإنما صقور وديدان.. صقور قادرة على التأثير ، تقف على الأرض وتمتلك أذرعاً وقوة.. وديدان لا يصدر عنها غير الضجيج واللزوجة والفحيح السياسي الأخرق ، وكان سوق حوار موفنبيك أول شهادة كشفت حقيقة البراميل الفارغة التي لا تنتج غير صراخ "يعقّد" ولا يحلحل .. يوتّر ولا يرخي .

يومها كنت معتكفاً في مراقبة الجلسات المفتوحة وما يتسرب من الجلسات المغلقة شأني شأن الجموع الذين اخطأتهم كشوفات النحس وكشوفات البركة التي أرسلها زعماء المؤتمر والإصلاح وأنصار الله وغيرهم من صقور الأجنحة القبلية والعسكرية والدينية والحزبية والحراكية .

وكان لافتاً أن الأغبياء والأذكياء معاً داخل موفنبيك لا يقولون شاردة وواردة إلا ويتصلون بالصقور للحصول على إذن أو موافقة أو منع أو منح ، حتى أن الخيال شطح بي فرأيت ذيولاً ترتفع وترتخي في مؤخرات متحدثين ومتحدثات !

يومها راودتني رغبة في أن أنقل ما تحدثت به في بعض الأماكن إلى ورق الصحف فأكتب مثلاً مادام الخمسمائة " وشوية " الذين بعثتهم زعامات النفوذ لا يهشون ولا ينشون وإنما يصرخون بأوامر من أرسلوهم إلى هضبة ظهر حمير تحت جبل نقم، ما المانع لأن يتوقف كل خادم للجرافي عن الذهاب إلى مؤتمر الحوار وتنعقد اجتماعات جادة بين الجرافيين أنفسهم كأن يجتمع مباشرةً كلاً من علي عبدالله صالح وعبدالملك الحوثي ومحمد اليدومي وعبدربه هادي وعلي محسن وحميد الأحمر وعلي سالم البيض .. حينها يمكن حل الأزمة باليسير من النوايا الطيبة ولكن ..

من كان يجرؤ على طرح هذا المقترح رغم واقعيته .. فهناك ماكينة من الأدعياء الجاهزين لإطلاق تهم الخيانة للثورة .. والربيع .. والقطيع .. الذي أدى باليمنيين إلى صورة " نسخ ولصق " من كتاب الانتقال ببعض البلدان العربية من فصل الفساد إلى فوضى دفعت بالشباب ثم مكرت بهم في منتصف الطريق نحو الفوضى الخلاقة وحتى فصل التوحش الذي شاهدنا مثلا عليه في قيام رتل من الغوغاء بتجريد اثنين من اليمنيين من ملابسهم وإطلاق المئات من الأعيرة النارية وكأن الضحايا ديناصورات سقطوا من كتاب التأريخ وليسوا أوادم تكفي أربع رصاصات لإزهاق أرواحهم وشفاء غليل وحقد الفاعلين !

أعرف بأنه فات الميعاد على التذكير بفداحة إيكال مهمة حل مشكلة اليمنيين إلى ملتقى غاغة الموفنبيك بدلاً من الضغط لاستدعاء اللاعبين الأساسين ، لكننا رغم فداحة ما صنعناه في هضبة موفنبيك وفداحة العدوان وفداحة نفاق العالم وما أصاب ويصيب اليمن من الكوارث لا نستغني عن تذكر فضيلة التفريق بين الصقور وبين الديدان ولو من باب عدم التعويل على أسماء ومكونات حزبية وثقافية وإعلامية ومدنية اختفت من المشهد الدامي مكتفية بسقط المتاع مع إطلالات تلفزيونية خارجية تقبض بالصباح وتحرض في المساء على المزيد من قتل اليمنيين والمزيد من تدمير منشآت ومقدرات عسكرية ومدنية هي حصاد عقود من الراهن الحاضر وآلاف السنين من الحضارة .. والله المستعان !
نقلا عن صحيفة رلثورة

حول الموقع

سام برس