بقلم / علي البخيتي
الى حميد والحبيشي والحاج وكل المرتزقة والمطبلين الجدد للحوثيين
....نعم زرت السعودية....وبعلم قيادة أنصار الله "الحوثيين"



(كيف أدخلت السعودية إيران الى عمق المنطقة العربية
...وأوصلت اليمن الى وضعه الحالي؟)، كان ذلك عنوان مقال كتبته بتاريخ 30 يوليو 2015م، تحدثت فيه عن خطأ المملكة في التعامل مع العرب الشيعة، الاثني عشرية والزيدية والاسماعيلية، حيث تعاملت معهم بمنطق وفكر مؤسستها الدينية وليس بمنطق ومصالح نظامها السياسي، مما دفع تلك الكتل الى أحضان إيران، حيث شعروا أن انتمائهم المذهبي أقدر على حمايتهم من انتمائهم العربي.

سأتحدث في هذا المقال عن ضرورة الحوار المباشر بين المملكة والحوثيين، بل بين المملكة وبين كل الشيعة العرب، سواء اثني عشرية أو زيدية أو اسماعيلية، حيث باعتقادي أن على المملكة ان تتعامل معهم كعرب وليس كشيعة، لتعزز انتمائهم العربي بدلاً من دفعهم الى حضن ايران عبر تعزيز انتمائهم المذهبي بواسطة الحروب العسكرية والإعلامية التي تشن عليهم والتي غالباً ما تشكك في ولائهم لمنطقتهم وأوطانهم ولانتمائهم العربي.
***
لقد سعيت لإيجاد حوار بين المملكة والحوثيين قبل اندلاع العدوان الخليجي على اليمن، الذي تقوده الرياض، وتخلفت عنه دولة واحدة هي سلطنة عمان، وطالبت الحوثيين باستغلال الدعوة التي وجهة لهم من مجلس التعاون الخليجي للحوار في الرياض، وبالأخص أن الدعوة جاءت بعد مناورات الحوثيين على الحدود مع السعودية وبعد خطاب حماسي لقائد أنصار الله شن خلاله هجوماً غير مسبوق على المملكة وآل سعود.

كان لدي قناعة تمامة أن رفض الحوثيين للحوار سيجعل المملكة تحسم قرارها بالتدخل عسكرياً، وصرحت بذلك لجريدة السياسة الكويتية بتاريخ 11 مارس 2015م –أي قبل العدوان بأيام- قائلاً (رفض الدعوة للحوار وخاصة من “أنصار الله” (الحوثيون) معناها “دعوة إلى الحرب وتحويل اليمن إلى منطقة صراع إقليمي)، رابط المقابلة: http://albkyty.blogspot.com/2015/05/11-2015.html
فعلاً انفجرت الحرب بعد ذلك التصريح بنصف شهر تقريباً، ودخلت اليمن في مستنقع حرب أهلية مدفوعة بعوامل داخلية عديدة، على رأسها انقلاب الحوثيين على السلطة، وعوامل خارجية، تمثلت في العدوان الخليجي والصراع الإقليمي على اليمن.
***
ومع كل ذلك لا أزال مؤمن بضرورة وجود حوار سعودي حوثي مباشر، أو بالواسطة للتمهيد لحوار مباشر، فوجود أهم حاضنة شعبية للحوثيين على حدود المملكة يجعل من الحوار أمراً ضرورياً للطرفين، لأنه يستحيل على أي منهما إزالة الآخر من الخارطة، وحربهما تضر البلدين وتخدم أطراف إقليمية ودولية تتآمر على السعودية وتتآمر بعضها كذلك على الحوثيين.

استمرار الحرب –في اليمن وباقي البلدان العربية كسوريا والعراق- والتحريض الطائفي المرافق لها ساهم في تمزيق النسيج الاجتماعي للأمة العربية، وهذا يصب بلا أدنى نقاش في صالح إسرائيل والغرب، وعلى إثر ذلك لم تعد القضية الفلسطينية تحظى بأي اهتمام، إضافة الى أن الغرب مستفيد من تلك الحروب، عبر اضعاف أي دور عربي في المنطقة، إضافة الى بيع السلاح ومن ثم الاستفادة من صفقات إعادة الاعمار، والعراق أبرز مثال.
***
لم تتوقف المساعي التي بذلتها للحوار بين السعودية والحوثيين حتى بعد بدء العدوان على اليمن، وآخر تلك المحاولات زيارتي الى جدة –وليس الى الرياض- بناء على دعوة شخصية من بعض المسؤولين في السعودية، بعد حديثي مع أصدقاء يمنيين عن أهمية وإمكانية فتح نافذة حوار بين الحوثيين والسعودية والدور الذي قد العبه، ولم أكن ارغب في كشف تفاصيل زيارتي الى جدة التي كانت في العشر الأواخر من شهر رمضان الفائت، لولا ما نشره رئيس تحرير الأخبار ومدير البرامج السياسية في قناة المسيرة التابعة للحوثيين حميد رزق، حيث كتب أنه سيتم نشر تفاصيل زيارتي للرياض، وحاول تشويه أهداف تلك الزيارة، وأعتقد أنه تحصل على نسخة من رسالة بعثت بها للأخ عبدالملك الحوثي عبر الأخ حسين العزي -مسؤول العلاقات الخارجية في الحركة ورئيس وفدهم التفاوضي الى عُمان حالياً- عن تفاصيل زيارتي تلك ونتائج لقاءاتي الشخصية مع مسؤولين سعوديين تربطني بهم علاقة صداقة.

وأتوقع أن حميد رزق عرف تفاصيل تلك الزيارة من بعض من يعتبرون أنفسهم خصوم لي داخل الحركة ودائماً ما يسعون الى تشويه صورتي، أو أن أحد الأصدقاء اليمنيين الذين في الرياض والذي التقيتهم صدفة وأنا برفقة صديق سعودي هو من سرب الخبر دون قصد.
***
ليعرف حميد وكل المطبلين والمرتزقة الجدد مع الحوثيين الذين يتم تسريب أي اخبار اليهم بغرض تشويهي عبرهم، أمثال أحمد الحبيشي وعبدالجبار الحاج، ليعرف الجميع أن تلك الزيارة كانت ومنذ اللحظة الأولى بعلم ومعرفة قيادة أنصار الله "الحوثيين" ممثلة في حسين العزي، ولا استطيع القول أنها بموافقتهم، لأني لا أحتاج الى موافقتهم بعد استقالتي منهم، بل جاءت بجهود شخصية بيني وبين أصدقاء يمنيين وسعوديين، وكان الهدف منها –من جانبي- استطلاع الأوضاع في المملكة ومعرفة إمكانية إيجاد تسوية سياسية عامة للأزمة في اليمن، وإمكانية فتح نافذة لحوار سياسي بين الحوثيين والمؤتمر الشعبي العام من ناحية وبين المملكة العربية السعودية من ناحية أخرى.

ليعرف أولائك المطبلين أن لدى عبدالملك الحوثي تقرير كامل –شفهي ومكتوب- عن تلك الزيارة سلمته لحسين العزي شخصياً فور عودتي، وتلقيت وعداً بالرد على ما في التقرير من مقترحات فيما يخص حل الأزمة السياسية والحروب الداخلية، وما يتعلق بإمكانية إيجاد نافذة حوار بين الحوثيين والمملكة اما بشكل مباشر أو عبر واسطة، ولا أزعم أني نقلت رسائل رسمية مباشرة من الطرفين، إنما نقلت انطباعاتي عن الزيارة ورأيي في إمكانية الحوار مع المملكة، وما الذي تريده؟.
***
لا أعتبر زيارتي للسعودية فضيحة، ومستعد لزيارتها مجدداً إذا ما وجهت لي دعوة، طالما هدفي مشروع وهو المساعدة على إيجاد حلول ومخارج، سواء بين الأطراف اليمنية، أو بين الحوثيين والمؤتمر الشعبي العام من ناحية وبين السعودية من الناحية الأخرى، واخفائي للزيارة كان من باب الكتمان لكي تثمر جهودي وتنجح وليس من باب مداراة فضيحة، ولو كان لزيارتي أغراض أخرى ما أبلغت قيادة أنصار الله بها منذ اللحظة الأولى وأنا لا أزال في بيروت.

ولقد تعمدت خلال زيارتي التي استمرت لأيام أن أواصل كتاباتي الناقدة للعدوان وبقوة -والتي كان يطلع عليها حسين العزي مع علمه أني في جدة- لأختبر قدرة السعوديين على تحمل النقد من ضيف لديهم، ولأختبر نفسي كذلك، ولم يتم معاتبتي أو لومي من أصدقائي السعوديين، على العكس من ذلك وجدتهم مرحبين بي جداً وأكرموا ضيافتي، واستمر نقدي للعدوان حتى بعد عودتي الى اليمن، وصفحتي في الفيس بوك ومقالاتي سباقة في نشر المجازر التي ترتكبها طائرات وبوارج العدوان ضد المدنيين اليمنيين والبنى التحتية والمؤسسات الحكومية، ومع ذلك اتصالاتي مستمرة بأصدقائي السعوديين على أمل تقريب وجهات النظر.
***
صحيح أن نقدي زادت وتيرة ضد الحوثيين بعد عودتي من بيروت، وذلك بسبب احتكاكي المباشر بالمظالم والتجاوزات والانتهاكات التي يرتكبونها، وزيارة الكثير من الأسر لمنزلي -رجال ونساء وأطفال- وكل منهم يحمل معه مظلومية، وعندما أعجز عن معالجتها يتحول جهدي الى هجوم على الحوثيين، على العكس من ذلك كنت مسترخياً عندما كنت في بيروت، ولا أرى الا ما ترتكبه طائرات العدوان، فلم أكن محاطاً بمثل تلك الأجواء من الشكاوى والمظالم والانتهاكات.
***
سأكتب لاحقاً مقالاً أو أكثر عن نتائج زياراتي ونقاشاتي مع أصدقاء -ولا أقول مسؤولين- سعوديين، لأننا تحدثنا كأصدقاء وليس كمتحاورين أو أطراف رسمية تتفاوض، لكني لا أنكر أني ومن خلال تلك الزيارة خرجت بصورة مختلفة بعض الشيء عن الصورة النمطية التي كانت في ذهني عن المملكة ونظام حكمها.

وفي الأخير أوجه رسالة لأحمد الحبيشي الذي تحول الى مطبل كبير للحوثيين بعد أن كانت صحيفة 14 أكتوبر التي رأس تحريرها خلال بعض حروب صعدة تشن عليهم أبشع حرب إعلامية وتشوههم بل وأخرجتهم من الملة، أقول له: في الوقت الذي كنت فيه مرتزقاً مع صالح تهاجم الحزب الاشتراكي وزملاء عمرك من عمالقة اليسار اليمني، وفي الوقت الذي كنت تحلل فيه دماء الحوثيين وأموالهم وأعراضهم وكل الانتهاكات بحقهم وتصفهم بما أخجل عن كتابته، كنت أنا في سجن الأمن السياسي في 2008م بسبب دفاعي عن الحوثيين وسعيي لكشف جرائم نظام صالح ضدهم، وكنت اقرأ داخل السجن ما تكتبه عن الحوثيين من هجوم وتعريض وأكاذيب.

وأقول للحوثيين: هنيئاً لكم بالحبيشي وبالمرتزقة الجدد، أصبحتم تستقبلون المتردية والنطيحة وما أكل السبع من مرتزقة الأنظمة السابقة، الذين كانوا رأس حربة في الهجوم عليكم.
نقلا عن صفحته بالفيسبوك

حول الموقع

سام برس