بقلم / محمد قائد العزيزي
دائما الحوارات العربية فاشلة والاتفاقات السياسية تكون منعدمة تماما بين الفرقاء والمتصارعين العرب على السلطة والوصول إليها ؛ هذه الحوارات العدمية و الفاشلة بطبيعتها يزيد من فشلها وطول أمدها الغرب حين يكون هم رعاة ووسطاء وبنفس الوقت محكمين بين الأشقاء العرب ؛ فهم أي الغرب من يزيد الطين بلة و يعملون على إذكاء هذا الصراع وتأجيج الخلافات والهوة بين العرب وتوسيع دائرة الصرع السياسي ؛ وبالرغم من هذا كله تجد الأشقاء العرب والمسلمين يتقاطرون بل ويتزاحمون ويتسابقون ويستنجدون بالغرب ضد خصومهم ؛ ويطلبون الإنصاف و العدل منهم .. يحكمونهم لحل خلافاتهم وهم يعملون علم اليقين أنهم ألد الناس خصومة وحقدا على هذه الأمة .

نعم .. إن حواراتنا نحن العرب فاشلة سامجة ؛ باهتة ؛ والدليل ما يجري اليوم من حوارات عقيمة وذات بُعد و نفس طويل كما هو حاصل بين أطراف الصراع الليبي والسوري واللبناني و اليمني أيضا .. الليبيون مختلفون في جزئية من الحوار ؛ هذا الاختلاف الذي يصل عمره إلى الآن يزيد عن أربعة أشهر وربما يزيد ؛ وفحوى هذا الخلاف تسمية رئيس الوزراء ؛ تخيلوا أعزائي القراء أن الخلاف طوال هذه الأشهر حول نقطة بسيطة جدا قد يفشل نتائج الحوار الذي قد تم التوصل إليه طوال فترة الحوار ابتداء من شكل الدولة والنظام وصولا إلى تقاسم الحقائب الوزارية ؛ وحنبوا مؤخرا أو وصلوا إلى طريق مسدود في التوصل إلى اسم رئيس الوزراء؛ وربما يصل الاحتدام في الصرع حد الحرب بين الأطراف المتحاربة التي قد تتحول من متحاورة إلى متحاربة بسبب عدم التوصل إلى اتفاق يفضي إلى تسمية رئيس الوزراء فقط .. وللحصيف إمكانية القياس على كل الصراعات و مشاكل العرب العويصة من خلال هذا الاحتدام والصراع الليبي الليبي .

تلك الحوارات التي تعقد جولاتها و خلافاتها على طاولة واحدة أو الحوارات غير المباشرة داخل الغرف المغلقة ؛ إن نجحت تجد من يفشلها ويضع العراقيل والشروط ويشعل الفتن ليعيد الصراعات والخلافات إلى مربعها الأول؛ وإبقاء الشعوب العربية داخل نار الحرب والدمار والفتن والتناحر لفترات طويلة .. والسؤال من المستفيد من كل هذا الصراع؟!

اعتقد أن الجواب على مثل هذا السؤال واضح و جلي ؛ لكني مضطر إلى إيصال إجابة مختصرة لمن يدعي بغبائه عن عدم معرفته عن المستفيد من هذا الصراع ؛ فأقول أن المستفيد من ذلك بالدرجة الرئيسية هم الغرب من نحتكم إليهم اليوم ليجدوا لنا حلول لمشاكلنا ؛ ويأتي بعدهم أذناب الغرب من العرب الذين يصنعون و يؤججون كل هذه الصراعات في الساحة العربية وبين الأشقاء والمسلمين ؛ ومن بعد هؤلاء المستفيدين المنظمات الحقوقية الدولية ومجلس الأمن والعاملين عليها الذين يجنون الأرباح والمليارات من أموالنا وما تدفعه الدول المستفيدة من الصراع .

ينعقد جنيف 2 الخاص بالمتصارعين اليمنيين في الأيام القليلة القادمة و بحسب التصريحات الإعلامية و كذا الأفق تؤكد لنا أن انسداد الحلول السياسية هو العامل السائد حتى الآن على الأقل ؛ هذا التشاؤم الذي نحس به ليس محضاً من خيال ولكنه تشاؤم متداول في الشارع اليمني المتابع لكل القضايا والحوارات العربية الفاشلة والعقيمة والنتائج والحلول ولقضيتهم اليمنية على وجه الخصوص .

وللتأكيد أكثر على كل ما طرح آنفا فإن القوى السياسية اليمنية تحاورت وبشكل مستفيض في فندق موفنبيك ووصلت إلى اتفاق على كل شيء تقريبا بعد حوار دام ما يقارب العام ؛ وعندما تمحور النقاش حول النتائج الأخيرة والنهائية والحاسمة حول مجلس الرئاسة وتسمية الرئيس والحكومة والفترة الانتقالية وجدت هذه الحوارات والنقاشات من يفسدها؛ حيث تفاجأ الجميع بقيام السعودية وحلفائها بشن الحرب والاعتداء على اليمن بهدف إفشال الحوار اليمني وإنهاء مرحلة الصراع وولوج أبناء اليمن مرحلة جديدة تضمن لهم مستقبلاً آمناً ومستقراً .. ولذلك أفشلت السعودية الحوار و نجاحه بالحرب وبتعاون أذنابها من أبناء جلدتنا لأنها أي السعودية لا تريد لليمنيين الاتفاق ولأنها لم تجد الكم الكافي من الشخصيات التي يمكن أن ترتبط بفلكها تستطيع من خلالهم التحكم و السيطرة على الإرادة و السيادة و الدولة في اليمن .

و أخيرا .. و في ظل هذا الواقع المرير المفعم بالمآسي و الألم و الخراب و الدمار يبقى الشعب اليمني متعلقاً بقشة الأمل بأن يفضي الحوار في جنيف 2 إلى نتائج تنهي الحرب و الخروج من دائرة الانسداد السياسي إلى الحلول لإنهاء هذا الصراع الغبي بين المتصارعة في الداخل و الخارج و تحقيق الأمن و الاستقرار الذي ينشده كل أبناء الوطن بمن فيهم المتصارعين و المتحاورين و المتحاربين على السلطة .

حول الموقع

سام برس