سام برس
نضم صوتنا الى صوت رئيس الوزراء الفرنسي الذي طالب دول الخليج بفتح حدودها امام اللاجئين السوريين فهي اولى بهم.. فخمسة ملايين منهم داخل سورية وخارجها يواجهون شتاء قارصا.. اوروبا الغنية اغلقت حدودها.. ومئات الآلاف منهم في البلقان على حافة الكارثة.. فلماذا هذا العقوق العربي؟

بعد خمس سنوات تقريبا من انفجار الازمة السورية، ورأيناها تزداد تعقيدا يوما بعد يوم، وتتحول الى خطر اقليمي ودولي، وتهدد تبعاتها بحروب تحرق اصابع من يتدخل فيها من الشرق والغرب على حد سواء، لا نعتقد ان من خططوا، او تدخلوا بدعم هذا الطرف او ذاك، ماليا وعسكريا، وسياسيا، كانوا يتوقعون النتائج التي نراها حاليا.

لندع الجوانب السياسية والعسكرية جانبا، ونتركها الى مقالة لاحقة، في هذا المكان او غيره من هذه الصحيفة “راي اليوم”، ونركز على الجوانب الانسانية الصرفة، فنحن على ابواب موسم الشتاء القارص، ان لم يكن دخلناه فعلا، وهناك اكثر من خمسة ملايين لاجيء داخل سورية وخارجها يعيشون في مخيمات لجوء مزرية في دول الجوار، او في المهاجر الاوروبية، وهذا لا يعني ان من يتواجدون في المدن والقرى والارياف السورية افضل حالا، سواء كانوا في المناطق التي يسيطر عليها النظام او فصائل المعارضة المسلحة.

المشكلة تكمن في الانقسام الحاد بين معسكريين اساسيين متطورين في الازمة السورية، الاول، امريكي خليجي اوروبي يريد اسقاط النظام ورحيل رأسه بكل الطرق والوسائل، ويضخون مليارات الدولارات وآلاف الاطنان من الاسلحة لتحقيق هذا الهدف منذ اليوم الاول للازمة، والثاني، معسكر يضم روسيا وايران يقاتل على كل الجبهات العسكرية والسياسية لمنع سقوط النظام، وفي ظل هذا الصراع يدفع الشعب السوري الثمن من دماء ابنائه وارواحهم.

مانويل فالس رئيس الوزراء الفرنسي لفت الانظار في تصريحات ادلى بها السبت اثناء زيارته لاحد تجمعات اللاجئين السوريين في بلاده الى نقطة على درجة كبيرة في الاهمية، عندما قال ان اللاجئين السوريين في منطقة البلقان معرضون لكارثة انسانية هذا الشتاء، لان الدول الاوروبية “الثرية” ستغلق حدودها في وجههم لانها استوعبت بما فيه الكفاية، وطالب دول الخليج العربي الى استقبال المزيد من اللاجئين السوريين.

دول الخليج لن تستجيب لنداء رئيس الوزراء الفرنسي وستستمر في احكام اغلاق ابوابها في وجه اللاجئين السوريين، وادراة وجهها الى الجانب الآخر، فالمملكة العربية السعودية ادعت انها استقبلت اكثر من مليونين منهم، ولم تقل كيف ومتى، ولا تريد ان “يزايد” عليها احد في هذا المضمار، اما شقيقاتها الصغرى قتذرعت بأن تركيبتها السكانية الحساسة لا تسمح باستقبال هؤلاء اللاجئين.

ويجادل بعض السوريين بأن هذه الدول، وخاصة تلك التي تتدخل بالمال والسلاح في سورية تحت عنوان الحرص على الشعب السوري وامنه واستقراره ورخائه، تحت مظلة نظام حكم ديمقراطي ليبرالي حر، مطالبة بأن تثبت اقوالها ونواياها هذه عمليا بفتح ابوابها امام افراد هذا الشعب وعائلاته التي تركب البحر، ويموت بعضهم غرقا بحثا عن لقمة عيش وايواء كريم في المهاجر الاوروبية “الكافرة”.

هذا الجدل ينطوي على الكثير من الصحة، خاصة ان هذه الدول عربية مسلمة وغنية، وموقفها من اللاجئين السوريين السلبي، وغير الانساني في احيان كثيرة، ينطوي على الكثير من القسوة، وعدم الانسجام مع المنطق بفروعه كافة، ولهذا نطالب، وعبر صفحات هذه الصحيفة بتغيير هذه السياسات والمواقف، وفتح الابواب، ولو مواربة، امام الاشقاء السوريين اللاجئين وتقديم مساعدات اكبر لمن هم في مخيمات اللجوء، او تقطعت بهم السبل في دول البلقان حيث يواجهون الموت بردا، بعد ان تجنبوه بقدرة الخالق ورحمته في عرض البحر.
“راي اليوم”

حول الموقع

سام برس