سام برس
سان فرانسيسكو (رويترز) - بدأت ميرفت جودة منذ أسبوعين تُغطِّي حجابها بغطاء رأس معطف وهي في سيارتها مع طفليها. وفسرت ذلك لطفليها قائلة إن البعض قد يحاول إيذاء أمهما لأن غطاء رأسها يكشف بسهولة عن هويتها كمسلمة.

وقالت ميرفت البالغة من العمر 39 عاما وتعيش في جنوب كاليفورنيا "الآن أجد نفسي مضطرة إلى هذه الأحاديث مع أطفالي. وما ينفطر له فؤادي أن أقول لأطفالي إن اختياري ولائي لديني قد يحرمني من الشعور بالأمان."

ومع تنامي المشاعر المناهضة للمسلمين في أعقاب مذبحة الثاني من ديسمبر كانون الأول في سان برناردينو بولاية كاليفورنيا التي ارتكبها زوجان مسلمان يستلهمان فكر تنظيم الدولة الإسلامية، تقول الكثير من العائلات المسلمة الشابة إنهم يخشون على سلامتهم ويواجهون متاعب فيما يتصل بهويتهم كأمريكيين ومسلمين.

وعلى سبيل المثال قالت ميرفت إنها أفهمت أطفالها أن أفعالهم قد تكون محلا لمزيد من التمحيص والتدقيق.

ومن ذلك أنها تُعلِّم طفلها البالغ من العمر ثمانية أعوام ألا ينطق أبدا كلمة "ينفجر" مهما كان السياق الذي يتحدث فيه وألا يتظاهر أبدا بأنه يلعب بمسدسات حتى إذا كان أصدقاؤه يفعلون ذلك. وقالت إن طفلها يسأل هل الناس يكرهونه هو وعائلته وهو سؤال تعجز عن الإجابة عنه بعد أن تلقت تعليقات تنم عن الكراهية وتهديدات بسبب حجابها.

واشتدت المشكلات منذ قتل مسلحون موالون لتنظيم الدولة الإسلامية 130 شخصا في باريس في 13 من نوفمبر تشرين الثاني.

ولكن حتى قبل وقائع العنف في باريس كانت المشاعر المعادية للمسلمين في ازدياد وقد تفاقمت مع الكلمات والتصريحات الطنانة للمرشحين المحتملين في انتخابات الرئاسة الأمريكية من قول الجمهوري بن كارسون في سبتمبر أيلول أن المسلمين لا يصلحون لتولي الرئاسة إلى دعوة الملياردير دونالد ترامب في الآونة الأخيرة إلى فرض حظر على هجرة المسلمين إلى الولايات المتحدة.

وقال حاكم فلوريدا السابق جيب بوش -وهو جمهوري لاقت حملته من أجل الترشيح لانتخابات الرئاسة متاعب في الأشهر الأخيرة- إن الولايات المتحدة يجب ألا تسمح بدخول اللاجئين السوريين إلا لمن يثبت أنه مسيحي، وهم نسبة ضئيلة من الملايين التي فرت من البلاد التي مزقت الحرب أواصرها
ميرفت جودة مع أطفالها في منزلهم في بينا بارك بولاية كاليفورنيا الأمريكية يوم الخميس.

وتقول بعض الأسر المسلمة إنها تخشى المد المتزايد لجرائم الكراهية الموجهة إلى ديانتهم مثلما حدث حينما عثر على رأس خنزير على باب مسجد في فيلادلفيا في السابع من ديسمبر كانون الأول وهي الواقعة التي استحوذت على العناوين الرئيسية لوسائل الإعلام. ولحم الخنزير ومنتجاته حرام في الدين الإسلامي.

بيد أن بعض حوادث التحامل والتفرقة في المعاملة تمضي دون أن يهتم بها أحد مثلما حدث حينما ألقت امرأة قهوة ساخنة على مجموعة مسلمين تؤدي الصلاة في متنزه في كاليفورنيا في السادس من ديسمبر كانون الأول. ويقول مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية الذي يتتبع مثل هذه الوقائع إن أعمال التخريب والتخويف التي تستهدف المساجد الأمريكية هذا العام بلغت أعلى مستوى لها في الأعوام الستة التي يحتفظون بسجلات لمتابعتها.

ورصد المجلس 71 حادثا في المساجد هذا العام تتراوح من التخريب إلى المضايقات وتدمير الممتلكات والرفض من الجيران في المناطق التي توجد فيها مساجد.

ويقول كثير من المسلمين البالغ عددهم 2.8 مليون في الولايات المتحدة إنهم يخشون أن تتفاقم هذه التوترات أثناء سباق انتخابات الرئاسة الذي يشهد بالفعل استغلال مشاعر الغضب والتعصب.

الدفاع عن هوياتهم

يقول شبان مسلمون إنهم غالبا ما يشعرون بالحاجة إلى إثبات أنهم يتخلقون بالأخلاق الأمريكية لينأوا بأنفسهم عن المتشددين.

ويقتضي هذا في نظر البعض مثل سارة حداد تذكير الناس بأنهم يشاهدون مباريات كرة القدم أو يستمعون إلى موسيقى البوب.

وقالت سارة مشيرة إلى فريق كرة القدم المحبوب في تكساس "أنا أحب دالاس كاوبويز." وأضافت سارة -وهي عالمة في بحوث السرطان عمرها 27 عاما في ساوث كارولاينا ولديها طفله عمرها ستة أشهر "حضرنا عيد الشكر مع والدي. وكأنك مضطر أن تفعل هذا لتقول أنا أمريكي، ولكن في النهاية ما هو الأمريكي؟"

قالت إنها لم تحدد بعد كيف ستشرح لطفلتها حينما تكبر خطاب الإسلاميين المتشددين أو التعبيرات المناهضة للمسلمين. وتشبه هذا المأزق بوالدين يتساءلان متى يبلغان أطفالهما أن سانتا كلوز ليس له وجود أملا في أن تستمر براءتهم أطول فترة ممكنة.

وأضافت قولها إن "11 سبتمبر دمرت براءة طفولتي." مشيرة بذلك إلى هجمات 11 من سبتمبر أيلول 2001 . وقالت "لا أريد أن أصدق أنه بعد خمسة أعوام ستكون الأحوال بهذا السوء أو أشد سوءا."

وفي بالتيمور قال عارف خان إنه لا يريد لطفولة ابنه أن تحددها الأحاديث عن حوادث إطلاق الرصاص وغيرها من الهجمات.

وقال إنه وزوحته التي ترتدي الحجاب يتخذون احتياطات حينما يغادرون المنزل. فهما يحاولان التأكد أنه لا أحد يتبعهما ويختاران بعناية الأماكن العامة التي يصليان فيها حينما يكونان خارج البيت. وقال إنه وزوجته يريدان أن يتحلي ابنهما البالغ من العمر شهرا واحدا باليقظة حينما يكبر لكنهما يأملان أيضا تعليمه أن القيم الإسلامية والأمريكية يكملان بعضهما بعضا.

وقال خان البالغ من العمر 29 عاما "لا نريد أن يكون شغله الشاغل كيف نحارب السلوكيات السلبية الموجهة لنا. نريده إنسانا يعبر عن القيم الإسلامية والأمريكية الحقة."

وقالت جنان المرايطي وهي فتاة مسلمة عمرها 15 عاما ملتحقة بمدرسة كاثوليكية في لوس أنجليس إنها كثيرا ما تشعر بأنها مضطرة إلى الدفاع عن دينها حينما تثار مسألة تنظيم الدولة الإسلامية في المناقشات في الفصل الدراسي.

وقالت إنها تشجع الأسئلة من المدرسين وزملائها في الفصل الدراسي لكنها تحاول أحيانا التهوين من خلفيتها الإسلامية والفلسطينية حينما تكون مع أصدقائها الأمريكيين.

وقالت "أشعر وكأن لي هويتان. فمع أصدقائي المسلمين أشعر أنني لست مسلمة حق الإسلام ومع أصدقائي غير المسلمين لا أتحدث عن الأمور الجارية لأنها تثير استياءهم

حول الموقع

سام برس