بقلم / عبدالكريم المدي
لواء العمالقة الذي يقع في منطقة حرف سفيان بمحافظة عمران ( على تخوم محافظة صعدة وعاصمتها) لم يتم اقتحامه ، من قِبل الحوثيين أبدا ، والذي أُقتِحم هي المفاوضات، والجهود الملموسة التي تبذلها الحكومة والقيادة الكويتية من أجل إنجاحها.

نعم لم يتم اقتحام هذا اللواء حتى بمقاتل واحد ، أو تُطلق بإتجاهه طلاقة واحدة، أويُنهبُ من مخازنه مسدس واحد ، كما انه لم يطرأ عليه أي جديد، وعلى الجميع الإطمئنان التام بأنه سليم معافى بأفراده وضباطه وقيادته وأسلحته، وما إعلان الجانب (الحكومي) تعليقه لمفاوضات الكويت بسبب ما اعتبرته قناة العربية خرقا ، لا يحتمل للهدنة، إلا عبارة عن شماعة وتخريجة يستشفُّ المرء أن الهدف منها هو ( إفشال المفاوضات ) .

وقبل أن أنقل لكم الحقيقة من قلب الحدث (لواء العمالقة )، لابد من أن أطرح تساؤلاً ملحّاً هنا : ياتُرى كم سيظل العالم الغربي والشرقي والشمال والجنوب يُبحر في البحيرة الآسنة للخطاب السياسي والإعلامي الذي تضعه فيها وتُحركه سياسات وسلوكيات وألاعيب لا تحترم حقوق الإنسان ولا أذهان الآخرين ولا تُراعي فضيلة الاختلاف والتنوع والحوار، والحقّ والباطل؟

في الواقع أريدُ أن أتكلم في موضوع كهذا بكل شفافية وصراحة، لأنني كنتُ أول من أنزعج وأدان خطوة ( أنصار الله ) التي لا أساس لها على أرض الواقع، ومن هذا المنطلق بحثتُ مخلصاً لمعرفة الحقيقة وبعد بحث مستفيض ، نسق لي أحد الضباط مع زميل له ، من ضباط قيادة (العمالقة )،وقد قمتُ بالتواصل معه بالفعل، وهو العقيد الركن / ياسرالفلاحي ، الذي قال لي بالحرف الواحد : (الحقيقة – يا أخي العزيز- وأقسمُ على ذلك ،هي التالي:لم يدخل أو يقتحم اللواء أي شخص، ولم تُطلق أو تُنهبُ منه حتى رصاصة واحدة ، كل ما في الأمر هو أن لجنة عسكرية من زملائنا الضباط ومن القيادة في صنعاء طرحوا مقترحا مفاده أن تعود النقاط الأمنية التي تتبع الجيش ( الشرطة العسكرية ) والتي سبق وان قُصِفت كل أمكان تمركزها من قبل الطيران السعودي ،اتفقوا على عودتها ، وحينما دخل قائد محور حرف سفيان ، الذي مقر قيادته ، أصلا، وسط معسكر لواء العمالقة ،دخلت معه سرية صغيرة من منتسبي الشرطة العسكرية،وهي عبارة عن وحدة حماية لقيادة المحور، وأفرادها زملاؤنا ورفاق سلاحنا من الجيش ويأتمرون بأمر القيادة في صنعاء ، كما هو الحال بالنسبة لنا ) .
وحينما قلتُ له : قبل فترة كان هناك من يشيع خبر إعلانكم الولاء للحكومة (الشرعية) المتواجدة في العاصمة السعودية..!

قال لي : كيف نتّبع هذه القيادة وكيف نرضى على أنفسنا أن نكون مع من قتل شعبنا وأنتهك سيادتنا ، وحاصربلادنا ، وأردف بالقول: هل تعلم كم صاروخا من طائرات السعودية سقط في اللواء ؟ قلتُ له : لا أعلم : قال: اسقطت المملكة دخل هذا اللواء ( 320) صاروخاً، دمرت كل المباني ، والهناجر والمنشآت،ولم يبقى أي مبنى سليما ، واستشهِد جرّاءها (16) جنديا وضابطا ، وجُرح (28) آخرين . هذه هي مكرمات السعودية التي تزايد اليوم باسمنا وتتاجر بدمائنا وثوابتنا) .
مؤكداً بصورة قاطعة بأنهم يأتمرون بأوامر وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان في صنعاء، ومن يجلس على كرسي الرئاسة في القصرالجمهوري في العاصمة.

كان حديث العقيد الفلاحي متسما بحرقة شديدة ، مفندا كل ما سُوِقَ وأُشيع ،واصفاً إياه بالكذب البواح .كما قطع الشكّ بالقين حينما أكد لي بأن جميع معدات وأسلحة اللواء موجودة في أماكنها ، والإمور تسير بشكل طبيعي ، سيما بعد أن تم تسوية سوءالفهم البسيط الذي كان بين قيادتهم ووزارة الدفاع في صنعاء..

وبعد أن قلتُ له : وسائل الإعلام الخليجية وكثير من العربية والعالمية تنشر خبر اقتحام ما يسمونها بـ (مليشيات الحوثي ) للواءكم، وذكرت له أن عدد المقتحمين – حسبها – قد بلغ (1000) مقاتلا.. رد عليّ : هذا إفتراء وتضليل، وكي أكون أمينا في حديثي معك ، سلطة الأمر الواقع ( أنصارالله ) جنّدت عدد (40) فرداً وتم دخولهم قبل أيام بصورة رسمية من بوابة المعسكر كأفراد مجندين يتبعون قيادة محور حرف سفيان ،يلبسون الزي العسكري الرسمي ويتلقون التدريب والتأهيل المعتاد ،المتبع من قِبل وزارة الدفاع والجيش اليمني ، ولم يرفع أي فرد منهم أي شعار من شعارات جماعة( أنصار الله )، ولم يبدر منهم أي سلوك مختلف .. هذه هي الحقيقة.

في الأخير نخلصُ إلى أن ما سوّق له إعلام ( العاصفة ) وأنصاره ، لا يختلف كثيراً عن تفسيراتهم الدائمة بعد قصف طائراتهم للمدنيين ، وبالتالي لا يعدو هذا الخبر عن كونه الكذبة الخاصة بهذا الشهر، وكذبة إبريل الخاصة بهذا العام ،التي كان بطلها لواء عريق كلواء العمالقة الذي أُختيركبش فداء وأضحية أولى في طريق القرابين القادمة المعدّة سلفاً لجولة مفاوضات الكويت، تمهيدا لإعلان فشلها من جانب وفد ( السعودية) ، الذي نعتقدُ أن جهوده الوطنية والعروبية ستُكلّل في نهاية الأمر بعودته لعاصمة القومية والعروبة والمقاومة ( الرياض) ، حاملاً وسام إفشالها ، مع البرنامج الجديد لتوزيع الأدوار القادمة عبر الفضائيات التي ستوجه، بالطبع، نحو تحميل الطرف الآخر مسؤلية مواصلة حصار وقتل هذا الشعب الصابرجواً وبراً وبحراً، وإستكمال تدمير ما تبقّى من مدارس وطرقات ومصانع وأسواق ، وصالات أعراس وجامعات..

تساؤل أخير :هل فهمتم – إذن – السرّ الحقيقي الذي يقف وراء اختلاق خبر إقتحام لواء العمالقة ..؟
نقلا عن رأي اليوم

حول الموقع

سام برس