بقلم/د.محمد عبدالله الحورش
كثر الكلام عن تركيا والحدث الاهم فيها ، فالبعض قال انقلاب وفشل ، والبعض قال مسرحية مخرجها اردوغان ، والبعض قال مؤامرة من قبل امريكا أو روسيا ، والبعض قال...الخ

وبحسب الافتراضات والاحتمالات الذي قالت انقلاب حقيقي او الذي قالت مسرحية..الا انه وسواء كانت جدية او مسرحية فأن الحق يقال ولابد من قوله ان ماحدث في تركيا يعد درسا لنا نحن العرب حتى نعرف كيف يتم التعامل مع هكذا احداث وكيف عمل الشعب التركي وتحرك لاسقاط الانقلاب وليس كالشعوب العربية يوم مع فلان واليوم الثاني مع علان وهلم جر إتباع للمثل اليمني "من تزوج أمنا كان عمنا"..وهكذا انتقاما لاحقادنا الغبية وعقولنا المتخلفة الرجعية حتى اسقطنا أوطاننا وأحرمنا اولادنا طعم الحياة ..هذا فقط عن النموذج الاول ( الشعب)...

اما النموذج الثاني فهي (المعارضة التركية) الذي لا يسعني في هذا المقام الا ان ارفع لها القبعة وانحني لها احتراما واجلالا ، ليس لأنها دافعة على اردوغان بل لأنها حافظة على تركيا من تكرار موجة الاحتجاجات والمظاهرات الذي عصفت ولازالت تعصف بالوطن العربي وانهار الدماء لازلت تدافق حتى اللحظة.

هذه المعارضة الذي قدمت حب تركيا على خياراتها التي كان من الممكن ان توصلها للسلطة..هذه المعارضة الذي أسقطت كل المخططات التي كانت مؤكلة اليها..هذه المعارضة الواعية الحرة الشريفة التي لم تكن كالمعارضة العربية حتى تستغل كل مايزعج النظام وتشغله و توافق عليه وتسعى لترويجه والعمل عليه..هذه المعارضة استفادت من كل ما يدور حولها في المنطقة العربية وسعت لتقديم ولا الوطن على ولا الحزب والجماعة لانها تعرف الى ماذا ستأول اليه الاوضاع في تركيا وكيف ستأتي الموجه ليس فقط لإسقاط اردوغان بل وأسقاطها من بعده وأسقاط وطنها تركيا وتدميرها لتجعلها في مستنقعات الدول كما جري ويجري في البلدان العربية الغبية المتخلفة.

هذه هي المعارضة التي نبحث عنها اليوم..المعارضة التي تكون ظل السلطة كما هو دورها وليس خصما لدودا لها...
المعارضة التي يكون حب الوطن فيها قبل حبها لحزبها...
المعارضة التي تختلف مع النظام في ادارة شؤون الحكم وتتفق معه على الحفاظ على الحكم وعلى الدولة ...

المعارضة التي تعمل لاصلاح النظام لا لإسقاطه حقدا وانتقاما من النظام او بعض اركانه حتى تسقط دولتها ووطنها كما عملوا العرب المتخلفين متباهين بسياسة (عليا وعلى اعدائي) الغبية....

ان ماجرى في أوطاننا العربية هو عكس ماتم في تركيا...
فعندنا أنظمة قمعية فاسدة مجرمة ومعارضة حاقدة انتقامية فاجرة ، كلاهما اودى بالشعوب العربية الى مجموعة قبور جماعية..

فلا الأنظمة عاشت واستقرت ولا المعارضة بقيت وتنعمت..كلاهما الى الجحيم...حسبنا الله ونعم الوكيل..

ولذلك فعلينا ان نجعل من المعارضة التركية نموذجا عمليا يدرس في كتب التربية الوطنية في البلدان العربية عسى وعل يتعضوا الاجيال من بعدنا..والله من وراء القصد..

حول الموقع

سام برس