بقلم / مبارك حزام العسالي
مخطئٌ جداً من يعتقد أن الثورة اليمنية 26 سبتمبر و 14 أكتوبر قامت فقط ضد نظام حكم بيت حميد الدين والإستعمار البريطاني، فقد اثبتت أحداث الحرب الأهلية التي أعقبت قيامها مباشرة وتبنيها للنهج الجمهوري وما تلاها حتى اليوم أنها ثورة قامت بالأساس لمواجهة وجود إستعماري أوجد كيانات مبررة وضامنة لمصالحه اهمها هو الكيان "السعودي" الذي يُعتبر خطراً مباشراً على كل دول وشعوب المنطقة، ليس بحكم طبيعة تركيبة الحكم السعودي الإرهابية المتخلفة وحسب، بل وبحكم إرتباطات الكيان المعقدة والوثيقة الصلة بالوجود الاستعماري والكيان الاسرائيلي، ولا اعتقد أن احد يجهل وجود حكم آل سعود في قلب البنية القانونية لـ "سايكس بيكوا ووعد بلفور وكل ترتيبات ما بعد الحربين العالميتين والحرب الباردة وبخاصة الاتفاقيات الثنائية المباشرة" وبالتالي يمكن القول أننا شعب في حالة نضال مستمر تماماً كما هو حال الشعب الفلسطيني من اجل الحرية والاستقلال الكامل وحق تقرير المصير، وبالنتيجة يصبح القول أن كل حركة أو هبَّة أو ثورة أو فعل حصل ويحصل منذُ ذلك التاريخ لليوم هو عمل مضاف للثورة اليمنية الأساس ولا يخرج عن أهدافها بالمطلق، ولا يستقيم إن لم يتصل بالثورة اليمنية عضوياً، وتتعتبر عملية تركيز الثورة ضد بيت حميد الدين جهلاً و انتقاصاً واضح لفلسفة واهدافها ومجافاة تبعث على الشك، وتلاعب واضح بحقيقة وجود عدو إستراتيجي استهدف الحكم الأمامي الملكي باليمن بذات العنف والشراسة الذي استُهدف بها الحكم الجمهوري، لأن غاية الكيان السعودي كانت وستظل تدمير مقومات العمران والكيان اليمني بغض النظر عن طبيعته (تخريب الوجود والدور)

وبالتالي يصبح التشتيت أو محاولات الخصخصة أو الرهن للتدافع المستمر بوجه الهيمنة السعودية قلة وعي وخدمة لغايات واهداف الهيمنة نفسها بوعي أو بدون وعي..!
أذكر هنا بأهداف الثورة اليمنية 26 سبتمبر و 14 أكتوبر وما تلاها من الأحداث المعروفة :
26سبتمبر

1- التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما وإقامة حكم جمهوري عادل وإزالة
الفوارق والامتيازات بين الطبقات.
2- بناء جيش وطني قوي لحماية البلاد وحراسة الثورة ومكاسبها.
3- رفع مستوى الشّعب اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وثقافياً.
4- إنشاء مجتمع ديمقراطي تعاوني عادل مستمد أنظمته من روح الإسلام الحنيف.
5- العمل على تحقيق الوحدة الوطنية في نطاق الوحدة العربية الشاملة.
6- احترام مواثيق الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والتمسّك بمبدأ الحياد الإيجابي وعدم الانحياز
والعمل على إقرار السّلام العالمي وتدعيم مبدأ التعايش السلمي بين الأمم.

ثورة 14 أكتوبر 1963:

لم يأت نهاية العام إلاّ وقد اعترف بثورة سبتمبر والجمهورية أكثر من ثلاثين دولة.. كما كان للدعم العسكري القومي من مصر العروبة والذي استمرّ زهاء أربع سنوات دوره في تثبيت النظام الجمهوري. وحين أعلنت ثورة سبتمبر أهدافها الستّة والتي نصّ الهدف الأول منها على التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلّفاتها فإن ذلك يعني بالضرورة مواجهة الاستعمار البريطاني في عدن وبقيّة المحافظات الجنوبية والشرقية. ولهذا كانت شرارة ثورة 14 أكتوبر عام 1963 ومن منطقة ردفان انطلاقة طبيعية. وانتصرت الثورة اليمنية بإعلان استقلال المناطق الجنوبية والشرقية في 30 نوفمبر 1967، ورغم هذا الانتصار فإن الوحدة اليمنية لم تحقق فوراً كما كان مؤملاً حيث كان للظروف الداخلية والخارجية السائدة دور كبير في ذلك. فقد قامت حركة 5 نوفمبر 1967 في صنعاء قبل إعلان الاستقلال بـ 25يوماً، وبمّ حصار السبعين يوماً للعاصمة صنعاء من قبل الملكيين، وتعرّض العالم العربي لنكسة يونيو 1967. لذلك أعلنت الجبهة القومية التي استلمت الحكم من بريطانيا قيام حكومة عدن واستقلالها، وهو ما جعل موقف حكومة صنعاء حرجاً وراضخاً للأمر الواقع.

الطريق إلى الوحدة:

سير الأحداث بعد 30 نوفمبر 1967:

ظلّت الوحدة اليمنية في وجدان كل اليمنيين قبساً يهتدي به الصغير والكبير وتنطلق منه كافّة الشعارات في صنعاء وعدن رغم التشطير السياسي للوطن والواحد واختلاف رؤية كلا النظامين حول سعيهما لتحقيق الوحدة. وفي أوقات مختلفة بدا تحقيق الوحدة أمراً صعباً، بل دفع الشطرين إلى خوض حربين في عام 1972 وعام 1979 انتهتا في كل مرّة بإعلان اتفاقيّة وحدوية. ففي 21 رمضان 1392هـ/28 أكتوبر 1972 وقّع رئيسا وزراء الشطرين اتفاقية القاهرة وفي 28 فبراير 1973 وقع الرئيسان بيان طرابلس، والذي تضمّن:

1- تقوم وحدة بين دولتي الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية
تذوب فيها الشخصيات الدولية لكل منهما.
2- يكون للدولة الجديدة علم وشعار واحد.
3- عاصمة واحدة.
4- رئاسة واحدة
5- وسلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية واحدة.
6- ( أ ) نظام الحكم في الدولة الجديدة نظام جمهوري وطني ديمقراطي
7- ويضمن دستور الوحدة جميع الحريات الشخصية والسياسية والعامة للجماهير كافة ولمختلف مؤسساتها ومنظماتها الوطنية والمهنية والنقابية،8- وتتخذ جميع الوسائل الضرورية لكفالة ممارسة الحريات.

( ب ) تضمن دولة الوحدة جميع المكاسب التي حققتها ثورة سبتمبر وأكتوبر. وقد التقى رئيسا الشطرين في مدينة قعطبة بتاريخ 15 فبراير 1977 وتم الاتفاق على تشكيل مجلس من الرئيسين ومسئولي الدّفاع والاقتصاد والتجارة والتخطيط والخارجية يجتمع مرّة كل ستة أشهر بالتناوب في صنعاء وعدن لبحث ومتابعة كافّة القضايا الحدودية التي تهم الشعب اليمني الواحد وتنسيق الجهود في كافة المجالات بما في ذلك السياسة الخارجية. لكن الأحداث تسارعت وحالت دون تحقيق ذلك إثر موجة اغتيالات تعرّضت لها قيادتا الشطرين.
وبهذه الأحداث الجسيمة كان لا بد من حدوث كارثة، لاسيّما وأن الحملات الإعلامية قد اشتدّت بين النظامين.

* رئيس تحرير " المصير نت - لسان حال الحزب القومي الاجتماعي "

حول الموقع

سام برس