سام برس/ شمس الدين العوني
مجال شاسع للإمساك باللحظة والذكرى والشجن الدفين...


الشاعر اللبناني رامي كنعان يرى الأشياء في بساطتها بما يجعلها تثري القصيدة وتعلي من شأن
قولها في حيز من الأزمنة والأمكنة...

"حين يزور الخريف الغابات
لا تموت الأوراق جميعا.
حين تتساقط الأوراق
لا تفنى جميعا.
تبقى ذكريات
لأوراق لمسناها معا
رأيناها معا
ولأخرى أحببتها أنت.."

من هنا ألج عوالم الشاعر التي تخيرها ومضى يحاول اللغة ويحاورها تقصدا للجوهر فيها ولما يقول منها ولا يقول ويكشف كما يحجب.. هي اللعبة المثلى حيث الكلمات مجال شاسع للامساك باللحظة وبالذكرى وبالشجن الدفين.
شاعرنا يرى الأشياء في بساطتها بما يجعلها تثري القصيدة وتعلي من شأن قولها في حيز من الأزمنة والأمكنة فالشعر لديه وعنده فسحة من الوجد والنظر تجاه العناصر والتفاصيل بكثير من البراءة.. براءة الأطفال المعهودة عندهم.

"على الطريق
كلما صادفت تفاحة يانعة
راودني حلم قطافها...
انما يمنعني ملاك الصفارة
وعيون أخرى..."

شاعرنا هو رامي كنعان، تشبع بالذكرى التي هي عنوان من عناوين الكتابة الشعرية لديه وفي هذا الديوان الشعري الذي عنوانه "مشاع الجسد" يمنح القصيدة بعض غيومه وارتباكه ولكنه يستعيد طفولة يحسبها ذاته أو بعضا منها يلهج بالصور التي هي من اشتغالاته الشعرية. كيف لا وهو القادم من عطور بيروت الساحرة التي فيها كانت بعض مفاصل حركة الشعر العربي الحديث وما يرمز اليه ذلك من بهاء فني وجمالي أحسب أن الشاعر أفاد منه على غرار شعراء آخرين. ان الطفولة عنوان باذخ من عناوين "مشاع الجسد" .. مثلما يرد في قصيدة بعنوان "كتابة" يهديها الى "ليتيسيا":

"الحقل مرتبك لما
ارتكب الخريف
جسدي عاصف بالغيوم
للقاء الربيع
سماء قاحلة
قلمي يحرث أوراقا نضرة
تعالي نكتب طفولة.."
شعر رهيف وشفاف وثري بالمعاني حيث القصيدة قابلة لقراءات شتى وأحيانا يتداخل السياسي بالوجداني والايديولوجي بالعاطفي والثقافي باليومي... وهكذا.. ولكن والأهم فان الشعر يظل على صفائه ووفائه للابداعي والمبتكر والفني، وهنا يكمن وعي الشاعر باستحقاقات الكتابة الشعرية ورهاناتها:
"بين احتضارك والمخاض السجن
بابان من أجل الولوج
ولا مسير الى الوراء
ولك خياران:
بأن تمضي وتمضي
..................
الأرض ثدي حياتك الثكلى
والباب مفتوح لغفوتك الأخيرة
أن جئت للمرسى ولم تجد الشواطئ
كي تنام.."
تجربة تعد بالكثير .. ومثلما يرد في مقدمة الديوان ضمن نص للشاعر نعيم تلحوق عنونه بـ "ضد التقليد .. مع المغايرة":
"... رامي كنعان .. مسؤوليتك مضاعفة جدا بما سيأتي به الغد من مغايرة في اللغة والتفاصيل وليست بحاجة الا لجرأة كبيرة في تحقيق الذات بغية اقتحام العالم...".

حول الموقع

سام برس