بقلم/ فادى عيد
تتجه كل العيون بالخليج نحو القمة المرتقبة باجتماع مجلس التعاون الخليجي وحضور الوجه الجديد رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، وبعيدا عن التحليلات والمانشيتات السطحية دعونا نقراء المشهد بعيوننا.

فنفس المقعد التى ستجلس عليه رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي قد جلس عليه من قبل الرئيس الامريكي باراك اوباما بعد ان حصل على كل ما يريده وأكثر من دول الخليج قبل أن يرد الجميل لهم بقانون جاستا، وهو نفس الكرسى الذى جلس عليه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بعد أن أتى به ملوك الخليج بديلا عن باراك اوباما، وعقدو معه اتفاقيات تسليح بالمليارت قبل ان تذهب تلك المليارات وربما قبل أن يذهب فرنسوا هولاند نفسه فى مهب الريح بعد فشله الداخلى وعدم ترشحة للانتخابات الرئاسية القادمة بفرنسا، والان تجلس على نفس الكرسي رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي التى تلقت التكليف بعد رحيل ديفيد كاميرون، وهى مطالبة بأن تستكمل نفس الدور خاصة وأن الوضع الاقتصادى الحالى للمملكة المتحدة يحتاج لاموال الخليج التى بلا صاحب، فرؤية بريطانيا الاقتصادية الجديدة التى كانت أحد الاسباب لخروجها من الاتحاد الاوروبي تستوجب حضور تيريزا ماي الان بالمنامة، فى ظل تباعد امريكا ترامب عن الخليج الذى يعد ثالث أكبر سوق للصادرات البريطانية.

وأكبر مؤشر على رغبة بريطانيا فى استرداد ممالك النفط وخزائن المال بالسعودية والخليج من الولايات المتحدة التى خسرتها مع خسارة هيلاري كلينتون، هو تصريح وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون أثناء مشاركته في حلقة جديدة من برنامج “عرض أندرو مار” الذي بثتها قناة “بي بي سي” الأحد 4 ديسمبر عندما قال "إن الرياض لم تتجاوز الخط الأحمر في اليمن، وإن لندن لا ترى في الغارات التي يشنها الطيران السعودي خطرا واضحا يهدد بانتهاك حقوق الإنسان فى اليمن، وأن العمليات التي تشنها الرياض في أراضيها يمكن تبريرها بأنها بمثابة رد على هجمات الحوثيين ضد السعودية" مؤكدا دعم بريطانيا للسعودية بحرب اليمن، وهى التصريحات التى تأتى بالتناقض التام مع تصريحات سلفه فيليب هاموند، وهى الحرب التى انسحب منها أكثر من 45 مستشار عسكري امريكي قبل منتصف العام الحالى بعد ادانة واشنطن لما تقوم به السعودية من جرائم حرب فى اليمن حسب تعبيرها.

أما الامر الثانى والاهم فى مشهد حضور أول امرأة لاجتماع قمة مجلس التعاون الخليجي (ربما يبنى على انقاضه الاتحاد العربى دون سلطنة عمان) هو عودة بريطانيا لدورها مجددا بالمنطقة وربما العالم منذ أن سلمت الراية للولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، والمشهد هنا (اجتماع تيريزا ماي بأمراء الخليج) تكتمل اركانه بتدشين قاعدة بريطانيا فى البحرين التى تستضيف ذلك الاجتماع، وقاعدة للناتو بالكويت بنفس الفترة، وأخيرا وليس آخرا توقيع مذكرة تفاهم فى المجال الامنى بالامس بين بريطانيا وتونس (التى تنطلق منها المقاتلات الامريكية نحو ليبيا) بحضور وزير الداخلية التونسي الهادي المجدوب وكاتبة الدولة للداخلية البريطانية أمبر رود.

أذا خلاصة الكلام بريطانيا تعود للمنطقة مجددا، وهو أمر بدأ بعد ثورة 30يونيو المصرية فى اللحظة التى لم تستوعبها واشنطن بعد فشلها فى التعامل بورقة الاسلام السياسي بالمنطقة وسقوط عمود المشروع فى مصر، لذلك كان الاجدر أن تعود بريطانيا صانعة تلك الورقة بنفسها للتعامل مع الشرق الاوسط، اما الامر الاخر هو شكل جديد لاستنزاف خيرات الاغنام قبل أن تذبح.

الباحث والمحلل السياسى بشؤون الشرق الاوسط
fady.world86@gmail.com

حول الموقع

سام برس