بقلم / محمود كامل الكومى
كان أخطر نتائج حرب اليمن فى منتصف الستينات من القرن الماضى , ظهور مجموعه قوه عربيه جديده , كانت قريبه من مواقع صنع القرار فى بعض العواصم العربيه (خاصه الرياض وعمان)يمثلون بعض رجال أجهزة المخابرات المتصلين بمخابرات الدول الغربيه , وكان الهدف من ظهورهم هو الحاجه اليهم فى الأتصال مع أجهزه المخابرات الغربيه وفى صفقات السلاح – ولعل أبرزهم هو السعودى "عدنان خاشقجى "سمسار السلاح – تلاقت هذه المجموعه المهتمه بالسلاح , مع المخابرات الدوليه المهتمه بالمنطقه العربيه, والتى تعمل فيها خفيه او على المكشوف , ثم أضيف اليهما طرف ثالث هو شركات البترول , وقام بينهم تحالف ثلاثى أخذ على عاتقه مهمه تغيير شكل الحرب فى اليمن بأستخدامه آلاف المرتزقه من بعض الدول الغربيه للقتال ضد الجيش المصرى فى اليمن , وأستطاع هذا التحالف أن يجر شاه ايران محمد رضا بهلوى الى مسرح العمليات فى اليمن ليصفى حساباته مع جمال عبد الناصر , ولأن الثوره اليمنيه راحت ثؤثر فى الجنوب العربى وعدن ومحميات الخليج البريطانيه(فى ذلك الوقت )- لذلك فان بريطانيا كانت على أستعداد للتعاون مع هذا التحالف الثلاثى , وأستطاع تجار السلاح أن يفتحوا الطريق لأسرائيل للأنضمام الى هذا التحالف – وقد دعيت الى ذلك عقب لقاء تم بين عدنان خاشقجى السعودى وشيمون بريز فى مارس 1964 , كان هذا اللقاء – الذى لاتغيب عنه بطبيعه الحال أسرة آل سعود الحاكمه بالمملكه العربيه السعوديه - هو الذى دشن لحرب يونيو (حزيران)من العام 1967 , فيما سمى بعمليه الديك الرومى التى كان هدفها القضاء على زعامه جمال عبد الناصر التى بدت ثؤثر على النظام العالمى وتتخطى حدود العالم العربى , وتبعا لذلك القضاء على نهجه القومى وأستراتيجيته التى ترمى الى وحده الأمه العربيه , وفرض شخصيتها على قطبى العالم من خلال قيادتها لدول عدم الأنحياز لأى من المعسكرين الشرقى والغربى ,آ ن ذلك .

وأذا كانت حرب 5 يونيو (حزيران )قد أتت على القوه المسلحه للجيش المصرى , فأنها لم تحقق هدفها النهائى وهو تحطيم أرادة الأمه , فخرجت جماهير الأمه العربيه يومى 10و9حزيران فى عز النكسه , ترفض الهزيمه وتجدد البيعه لجمال عبد الناصر الذى رضخ لأرادتها وقاد المسيره لأزاله آثار العدوان , فأعاد بناء قواته المسلحه ودخل حرب استنزاف مع العدو الصهيونى ووصل الى العمق الأسرائيلى بعمليه ميناء ايلات حيث قامت الضفادع البشريه المصريه بتدمير الميناء وقطعه البحريه الثلاث ,وقبلها كان تدمير المدمره الصهيونيه ايلات أما شواطىء بور سعيد – وأستطاعت منظمه سيناء العربيه أن تنفذ عمليات بطوليه ضد قوات العدو الصهيونى داخل سيناء المحتله , وعلى طول جبهه القتال كانت المدفعيه المصريه تدك حصون خط بارليف – ولم يفارق جمال عبد الناصر الحياه , الا وحائط الصواريخ – الذى اسقط طائرات العدو – قد تم بناؤه , وخاضت مصر بجيش عبد الناصر الذى بناه الشهيد عبد المنعم رياض
والفريق محمد فوزى , والفريق محمد على فهمى حرب أكتوبر وعبر القناه .

لم يكن أمام التحالف الثلاثى تجار السلاح والمخابرات والبترول , الا أن يحاول بكافه السبل أن يتآمر على ما تحقق من عبور للقوات المسلحه المصريه لقناه السويس , فمهد سمسار السلاح السعودى وعميل المخابرات الأمريكيه وبأيعاز من أسره آل سعود للقاء السادات بكسينجر , بعد أن تم أستقطاب السادات فيما قبل وفاه عبد الناصر – والذى أعلن خروجه من الحرب على مقوله أن الحرب باتت مع أمريكا , وبذلك أستطاع هذا التحالف الثلاثى (السلاح , المخابرات , البترول )تغيير شكل الحرب فى سيناء .

على أثر أنتفاضات الخبز فى18,19 يناير (كانون ثان)من العام 1977 طار السادات الى المملكه العربيه السعوديه , وبعد اجتماعات مع الأسره المالكه وعدنان خاشقجى وما أعقبها من أتصالات دارت عبر مبعوثه الى الملك الحسن ملك المغرب (آن ذاك) والمعروف بعلاقته مع رموز الحكم الأسرائيلى , أنتهى الى الأعلان عن زيارته للقدس وما أعقبها من أتفاقيه كامب ديفيد –حيث رتب لها وساعد على تمهيد الأرض لهذه الأتفاقيه ثالوث (السلاح والمخابرات والبترول )- وعادت سيناء منزوعه السلاح – بخطوط ثلاث- تنتهى بالمنطقه المحاذيه لغزه ورفح الفلسطينيه والتى لايسمح فيها الا لرجال من الأمن المصرى , مع تواجد قوات دوليه بسيناء ,لم يكن حسنى مبارك بعيدا عن هذا الثالوث (السلاح , المخابرات , البترول ), وكانت الثلاث مليارات التى تمنحها أمريكا بحجه المعونه العسكريه , جديره بجعل نظام مبارك حارسا لأمن اسرائيل عبر سيناء منزوعه السلاح خلال ثلاثون عاما .

كانت مجموعه القوه العربيه المتصله بمواقع صنع القرار فى بعض العواصم العربيه والمتصلين بمخابرات الدول الغربيه الكبرى , قد ضمت اليها حاكم قطر بعد أن فرضته على الأماره ومكنته من الأطاحه بوالده , وتمكن حمد بن جاسم وزير خارجيه قطر ورئيس وزرائها الآن , بأن يلعب دور عدنان خاشقجى ,ويمثل رأس الأفعى للمجموعه العربيه التى تعمل بسمسره السلاح وبالأتصال بمخابرات الدول العربيه مكونه مع المخابرات وشركات البترول , الثالوث , الذى أخذ على عاتقه تغيير شكل المنطقه العربيه والتمهيد لمشروع الشرق الأوسط الجديد الذى تقوده اسرائيل , وأستطاع حمد بن جاسم وأميره السابف والحالى أن يحتضنوا قيادات جماعه الأخوان المتعاملين مع الرأسماليه العالميه , حتى تمكنوا من حكم مصر .


تربى الأخوان المسلمين الحاكمين لمصر الآن فى كنف مجموعه القوه العربيه ,المتمثله فى تجار السلاح والمتصلين بقوى المخابرات الأجنبيه فى أطار ثالوث (السلاح , المخابرات , شركات البترول ), وكان حاكم قطر وحمد بن جاسم الممول والوسيط بين الأخوان وهذا الثالوث , ومازال التمويل ساريا فى ظل "تميم"- كان التمويل القطرى لمجموعات من الارهابين , لتؤكد على مخطط يقوده ثالوث (السلاح , المخابرات , البترول ) لتوطين الغزاويين على شريط حدودى مابين العريش ورفح المصريتين بأيعاز من المخابرات الصهيونية ولكى تقضى على قضية شعبنا الفلسطينى , وتمهيدا لذلك مولت الحركات الوهابيه السعوديه أيضا بالتحالف مع مخابراتها , مجموعات ارهابيه " تنظيم بيت المقدس الموالى لداعش تعمل الآن فى سيناء لتعكر صفوها وتمهد لفرض أمر واقع , يكرس لأمن أسرائيل بأنهاء القضيه الفلسطينيه , وليحقق حلمها التلمودى بأقامه اسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات .

ومنذ أيام كشف النقاب عن لقاء سرى تم بين الرئيس السيسى والملك عبد الله ورئيس وزراء العدو الصهيونى نتياهو , وثار الجدل حول امتداد غزه الى اجزاء من سيناء كوطن بديل للشعب الفلسطينى ولتذهب فلسطين وقضية شعبها ادراج الرياح, أعقبها أنتهاك سلاح الجوى الصهيونى للمجال الجوى لسيناء بمقولة ضرب قواعد الارهاب فيها , وسرت الشائعات كالنار فى الهشيم وهو ماكان ليحدث لولا كامب ديفيد التى قيدت سيناء ,ولولا ان سيناء عادت لمصر منقوصة السياده ولولا مراقبة العدو الصهيونى لأعداد القوات المصرية التى تدخل اليها , فهذا الوضع هو الذى بات أرض خصبة لمناورات اسرائيل ,وتصوير مشروعاتها فى سيناء كوطن بديل لاهلنا فى فلسطين , على أمل ان ينسى شعبنا الفلسطينى حقة على أرض فلسطين لذا فالسؤال المطروح هل من خلاص؟

لكن يبقى سجل نضال جيشنا المصرى العربى ووعى شعبنا شاهد لهما أن الجيش الذى قاد نضال الأمه مجسدا فى ثوره 23 يوليو 1952 ومؤيدا بشعبه ,ليخرج الفساد وقوى الظلام المتحالفه مع الاستعمار , ويقودا معا عمليه جلاء القوات البريطانيه من مدن القناه , واللذان وضعا حدا لنهايه الأمبراطوريتين الفرنسيه والبريطانيه فى حرب السويس , وأعادا بناء القوات المسلحه بعد حرب 67 واشتركا معا فى حرب الأستنزاف فى عز النكسه , وعبرا قناه السويس فى حرب أكتوبر 1973 , لقادرين الآن على أن يجهزا على تحالف ثالوث الارهاب(,السلاح , المخابرات, البترول ) والبترول , ولايكون ذلك الآن الا بالوقوف مع الجيش العربى السورى الذى
يقود الحرب الآن ضد مؤامره هذا الثالوث , خاصه وأن ايران التى كانت تشارك هذا الثالوث فى عصر الشاه , هى الآن فى خندق المقاومه ضده , هذا هو الطريق لتعود سيناء الى حضن الدوله المصريه , عفيه بكامل قواها وسيادتها المصريه – وليست منزوعة السلاح –ولن يتم ذلك الا بقوة السلاح وبعزم وعزيمه الرجال , وبذلك يقضى على مخططات العدو الصهيونى فى جعل اجزاء منها بديلا عن الوطن الأم فلسطين .

يومها يكون الأحتفال بيوم 25 ابريل (نيسان )عيدا حقيقيا لتحرير سيناء – وليبقى الأمل موصول لتحرير كامل أرضنا الفلسطينيه .

*كاتب ومحامى - مصرى

حول الموقع

سام برس