بقلم / رأفت الجُميّل
الحاج/ عبده علي العامري.. رجل المكرمات الذي توارى!!

عام كامل مر على رحيل الرجل الطيب الحاج عبده علي العامري، ولا زال هناك من يتذكره.. ويتذكر دماثة خُلقه وتعامله الرائع، وحُسن معشره، أردت هنا أن أُّذكر بمرور عام على رحيل هذا الرجل الطيب، وأطلب من القراء الأعزاء قراءة الفاتحة على روحه الطاهرة، ونستذكر مواقفه الرائعة والوطنية ومساهمته في بناء هذا الوطن الذي تكالبت عليه الأيدي السوداء بقصد الإجهاز عليه وعلى أبناؤه.

المقاول اليمني الكبير المرحوم عبده علي العامري الذي ساهم بإقامة وبناء عدة مشاريع سكنية وخدمية كالسدود وووو إلخ.. في اليمن.
عمل منذ نعومة أظافره في دول المهجر، وعند عودته للوطن كان أحد المقاولين المعروفين والمشهود لهم بالإنتماء الوطني والعربي والقومي، وكان دائماً مسانداً للقضايا الوطنية والقوميه بشكل وحدوي بعيداً عن الحزبية والإنتماءات التنظيمية وكان يقول أن اليمن أكبر بكثير من هذه الإنتماءات.

تمتع -رحمه الله- بروح تألف من يقبل عليه فتحبه ويحبك، والإحساس بالزمن يتلاشى حين تستمع إليه فتستمتع روحك.. ويطير عقلك فرحاً بالإضافات الجديدة التي تحصل عليها في تلك الجلسة التي يتواجد فيها.

الرجل ثري في ثقافته وثري في عقله وثري أيضاً في عطائه الحضاري المتميز.
على ملامحه تبدو أصالة ابن القرية، فتواضعه ممزوج بالعزة، وقوته وتماسكه ممزوجة بالحنان، وقدرته فائقة على تجاوز الصعاب وتحدي المتاعب مهما كانت ثقيلة.

قلبه كبير مثل السماء في إتساعها، وعقله يزن الوجود بميزان العالِم، فلا يحتبس في عصبية للجنس أو اللون.
ذلك هو المقاول الحاج/ عبده علي العامري، الذي شيّعه ذووه وأصدقاؤه وجيرانه ومحبوه قبل عام كامل من الآن، شيّعوه بدموع الحسرة والألم على رجل عُرف طوال حياته بطيبة قلبه، ودماثة خلقه، محباً للجميع ولا يفرق بين أحد.

أجمع أهله وجيرانه وأصدقاؤه ومحبّوه ومن عاشوا معه أعواماً طويلة، على أنه عاش طوال حياته مبتسماً، بقلب أبيض، عاش بهدوء لم يؤذِ أحداً، ورحل بهدوء كذلك.

وعلى الرغم من ثقل السنين، كان الحاج عبده يتذكر دائما، وبالوضوح نفسه، تفاصيل رحلاته أيام التشطير وأيام حرب المناطق الوسطى بدقة ملحوظة، متذكرا التراخيص التي كانت تُفرض على كل المسافرين شمالاً وجنوباً، فقد عايش المرحوم الحركة الوطنية والأحزاب منذ حروب الجبهة إلى أيام الوحدة.

اهتمامه بالسياسة لا يذكر بدايته بالضبط فالمسألة تفاعل اجتماعي، فهو اقتصادي سياسي وصاحب رؤية ثاقبة وحكمة تلمسها من خلال مواقفه.
تربط المرحوم علاقات واسعة مع رجال السياسة والاقتصاد والجيش والمغتربين وكل رجالات الوطن منذ سنوات طويلة، ولديه شبكة علاقات مع رجال الأعمال والبسطاء من الناس.

جاره وابن منطقته الشيخ عبدالله علي مرشد الجهيم، يقول في ذكرى رحيل الحاج عبده الأولى: (لا أخاف على جاري الحاج عبده مما هو مقبل عليه، فهو مقبل على رب كريم رحيم، وان كنّا شهود الله في الأرض.. فإني أشهد أني لم أرَ في حياتي أنقى سريرة منه، خسارتنا فيه لا تعوض، فقد إفتقده الجميع، وبكاه المحتاجون والفقراء والأرامل والأيتام والأطفال، وبكاه كل الرجال الأوفياء، ومواقف الحق والعز الذي افتقده فيها الجميع فارساً نبيلاً، بكاه المحتاجون الذين مد لهم يد العون، أما أنا فأسأل الله أن يربط على قلبي ويجمعنا وإياك في مسفر رحمته ودار كرامته، إن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع، وإنا على فراقك ياحاج عبده لمحزونون).

العميد علي الأشول يقول: الحاج عبده –رحمه الله– كان شعلة مضيئة، حسن الطباع والخلق، تميز بالكرم والمروءة ورحابة الصدر، كان مثالاً لرجل السلام.. كان محبوباً مما أكسبه إلتفاف الناس حوله، كان عطوفاً حليماً ملماً بأمور الدنيا، كان سلاحه دائماً الصدق والعدل والأمانة، لذلك علا شأنه بين الناس وحبوه.

(الحاج عبده رحمه الله رجل قريب إلى النفس، تميزت شخصيته بالهدوء في الطبع، وصدق في المعاملة، وإخلاص في العمل، ويشهد له الناس جميعاً أنه رجل وطني غيور هُمام شجاع يقول الحق، ولا يخاف فيه غير الله) هكذا تحدث العميد محمد أحمد قاسم المسعودي، وأضاف: (ومن مزاياه أنه رجل اجتماعي من الطراز الأول، لا يغيب في الأفراح والأتراح، ويعود المريض ويودع المسافر، ويستقبل الآيب، ويكرم الضيف، ويعين على نوائب الزمان بإمكانياته، ويسخر نفسه لخدمة غيره بلا كلل أو ملل).

(كان طيب القلب، نظيف السريرة، حسن النية، رجل بر وخير) هكذا رد كل مَنْ تسأله عن الحاج عبده العامري، أنه رجل فلاح أخذ من اسمه الكثير، فقد قضى الراحل حياته في أعمال الخير والبناء، وعمل في أكثر من عمل خيري واهباً حياته لمساعدة الفقراء والمحتاجين، وعندما بدأ يصارع المرض، لم تبعده دهاليز الألم وآهاته عن أعمال الخير والبر، فقد كان يحن إلى الأيادي البيضاء ويذهب دوماً إلى المحتاجين الذين يعرفهم ويجود بجهده وماله وما استطاع.

رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جنانه، وتقبل الله صالح أعماله، وجعل من مرضه وألمه خلال الفترة الأخيرة التي أمضاها متنقلاً بين المستشفيات بمثابة شفيع له مع النبيين والصالحين والشهداء، وحسن أولئك رفيقاً، وتعازينا للأهل والأصدقاء والجيران، وهي موصوله أيضاً لحرمه وبناته الكريمات.

حول الموقع

سام برس