سام برس
عرض/ هاشم السريحي
jshashem@gmail.com
 
مِنْ الصحابة السابقين إلى الإسلام هو الطبيب اليماني ضِمَادْ بن ثعلبة الأزدي، من أزد شنؤه، وقبائل الأزد كانوا يسكنون منطقة تهامة ومنطقة السَرَاة باليمن؛ وذلك أن قبائل الأزد لما نزحت من مأرب في سيل العرم سارت فرقة منهم إلى عُمان فسكنت هناك وقيل لهم أزدُ عمان، وسارت فرقة منهم إلى الحجاز والشام فسكنوها وهم خزاعة بمكة والأوس والخزرج بيثرب وغسان بالشام، وبقت منهم فرقة باليمن فسكنت بتهامة والسروات فقيل لهم أزد شنؤه وأزد السراة، ومنهم قبيلة عك، كانت مساكنهم ما بين البحر الأحمر غرباً إلى الجبال شرقاً، ومن مدنهم قديماً المهجم والكدراء وحديثاً المراوعة وباجل والزيدية والزُهرة واللُحيّة.

وكان ضِماد رئيساً في قومه وقبيلته، وكان في ذات الوقت طبيباً جوالاً في الجاهلية يتنقل في المدن والمناطق الرئيسية ويتوجه إلى مكة في المواسم ويعود إلى منطقته بالمهجم أو غيرها من أعالي تهامة وسراة اليمن، وقد عرف ضِماد محمداً عليه الصلاة والسلام منذ الجاهلية حين كان يتردد إلى مكة قبل البعثة النبوية.

وفي أوائل سنوات البعثة النبوية سار ضِماد بن ثعلبة من منطقته باليمن إلى مكة، فأخبرته قريش بأن محمداً أصابته رياح فالتاث عقله وإن به جُنّه، وكانت تهمة الجنون إحدى التهم التي أطلقتها قريش على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أوائل البعثة النبوية، وكان ضِماد يرقي من هذه الرياح، فقال لهم ضِماد: أين هذا الرجل، لعل الله أن يشفيه على يدي، فأخبروه أن محمداً في بيته فتوجه ضِماد إلى مكان محمد عليه الصلاة والسلام وقريش تنتظر ما يكون، وتؤمل في أنه سيعود بما يوافق أهوائهم، يؤكد مزاعمهم وأوهامهم بأن محمداً أصابته رياح وبه مسُّ من الجنون، فقد كان ضِماد طبيباً ذائع الصيت ولشهادته قيمة كبيرة.

وسار ضِماد إلى محمد وقال له: (يا محمد: إني أُعالج) وفي رواية مسلم والبيهقي (قال ضِماد: يا محمد إني أرقي من هذه الرياح، وإن الله يشفي علي يدي من يشاء، فهلُمْ).

فقال محمد صلى الله عليه وآله وسلم: (الحمد لله نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، من يضلل فلا هادي له. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له).
فقال ضِماد: (أعدْ عليّ كلماتك هؤلاء -يا محمد- فلقد بلغن ناموس البحر)، فأعاد محمد عليه الصلاة والسلام تلك الكلمات، وقرأ آيات من القرآن الكريم.
فقال ضِماد: (والله لقد سمعت قول الكهنة وقول السحرة وقول الشعراء: فما سمعت مثل هؤلاء الكلمات، فهلم يدك أبايعك على الإسلام. فبايع ضِماد النبي عليه السلام على الإسلام).

وقد كان لإسلام ضِماد ومبايعته لرسول الله صدمة شديدة لكفار قريش، فهو برهان من طبيب كبير بأن محمداً ما به جنون وإنما هو رسول من الله يهدي إلى دين الحق والتوحيد، وقد جاء في البداية والنهاية أنه لما بايع ضِماد النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الإسلام، قال له النبي عليه الصلاة والسلام: (وعن قومك؟ قال ضِماد: وعن قومي) فقد دعا ضِماد قومه إلى الإسلام بعد عودته إلى اليمن وآمن كثير منهم، رضي الله عنه وعن قومه.
 
*من كتاب يمانيون في موكب الرسول
للباحث محمد حسين الفرح

حول الموقع

سام برس