بقلم / احمد الشاوش

تلوح في الافق اشارات وملامح بركان غاضب قد يضرب دول الخليج هذه المرة بعد ان عصف بالعديد من الدول العربية واقتلع جذور الكثير من قياداتها ومقدراتها ، وهاهي مراكز البحوث والدراسات  السياسية المحلية والاقليمية والدولية " الحرة"  تتنبأ بقرب وصول النسخة الثانية من عاصفة الربيع العربي الى دول الخليج ، والشواهد كثيرة ، في عدم الانسجام التام بين دول مجلس التعاون وافتقادها الى استراتيجية موحدة وبروز الهيمنة السعودية تجاه سلطنة عمان والبحرين والامارات وقطر والكويت واحتقان الجبهات الداخلية وتصدع النسيج الاجتماعي وهبوط اسعار النفط وتردي الاوضاع الاقتصادية وانتشار البطالة وعجز الموازنات والتورط  في حروب سوريا واليمن والعراق ،، وافتعال الازمة القطرية ، وصفقات الاسلحة المشبوهة  والعداء مع ايران وتركيا وبدء العد التنازلي لهزيمة القاعدة وداعش .


كما ان الخلاف الكبير بين الاسرة المالكة في السعودية بعد صعود نجم نجل الملك سلمان بسرعة الصوت والاطاحة بالأمير مقرن  ومحمد بن نايف وتهميش قائد الحرس الملكي متعب بن عبدالله وكبار أمراء السعودية الذين ينظرون الى ان محمد بن سلمان حديث السن وقليل الخبرة والحد من دور المؤسسة الدينية الوهابية وحالة الاحتقان لدى شيعة الخليج ومخاوف الامارات من الاخوان المسلمين ومطاردة أبوظبي للإخوان واستغلال واشنطن والرياض ولندن لهم واستنزاف جزء منهم في حروب السعودية الخارجية وتكميم الجزء الاخر منهم في مصر قد تزيد من لهيب بركان الربيع وتحرق حممها المستعرة دول الخليج .كل هذه المشاهد والصور الواضحة تمثل الحطب الذي سيشعل فتيل البركان الخليجي والوقود النووي العاصف التي سيقلب المنطقة رأساً على عقب مالم تسارع تلك الدول الى حل مشاكلها الداخلية الخطيرة بالعقل والحكمة بطريقة " هادئة" ومتزنة وشفافة باستحضار قيم التسامح والتصالح والتعايش بعيداً عن الغطرسة والغرور وسياسة الاستقواء أوالتعويل على المواقف الأمريكية والغربية الذي يرى في كل دول الخليج منجماً من الذهب.


ومما يؤكد ان الربيع الخليجي قاب قوسين او ادنى هو ما حذرت منه العديد من الدراسات ومنها دراسة اسرائيلية عزت ذلك الى  التدهور الاقتصادي بسسب صفقات الاسلحة المكلفة من واشنطن على حساب استقرارها مؤكدة ان  ايران هي الرابح الاكبر بالرغم ان الرابح الاكبر هي اسرائيل.


 وذكر المُستشرق الإسرائيلي، د. إيدي كوهين، أنّ رياح الحرب التي تهب بين السعودية وقطر، فضلاً عن التدخل الإيراني، تزعزع استقرار دول الخليج العربي، لافتًا إلى أنّ ممّا يزيد الأمور سوءً أنّ الحالة الاقتصادية، التي تفاقمت في السنوات الأخيرة بسبب قرارات غير مشروعة، تثير المخاوف من الانتفاضات الشعبية والاضطرابات الواسعة الانتشار.


وشدّدّ في دراسةٍ نشرها على الموقع الالكتروني لمركز بيغن-السادات في تل أبيب، على أنّ هذه الأزمات الداخليّة يُمكن أنْ تؤدي إلى "ربيع عربي" جديد قد تسقط فيه بعض الأنظمة الخليجيّة، وأنّ الفائز الرئيس هي إيران ، التي فتحت الأزمة الحالية، جنبًا إلى جنب مع المقاطعة المفروضة على قطر، الطريق إلى الاستيلاء على البحرين، بعد ان أصبحت جزء من القرار في بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء.


وقال ان الاقتصاد السعودي شهد تدهورًا غير مسبوق في السنوات الأخيرة، مُشيرًا إلى أنّ استمرار تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية، وتكلفة تمويل الحرب على اليمن، والمساعدات الكبيرة المقدمة إلى المتطرفين السوريين، سيؤدّي لأضرارٍ جسيمةٍ على الخزانة العامّة للرياض والثروة الشخصية للعائلة الحاكمة.


وقال  إنّ الخليج يخوض واحدةً من أصعب الأزمات الاقتصادية في تاريخه، والتي يمكن أنْ تزعزع استقرار بعض الدول الملكية، وبالتالي فإنّ المظاهرات الغاضبة وأعمال الشغب ضدّ ارتفاع الأسعار والضرائب الجديدة والبطالة المتزايدة، على غرار ما حدث في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريّة في عامي 2010 و 2011، هي بمثابة الكابوس النهائيّ لأيّ زعيمٍ عربيٍّ، قد تجتاح الخليج.


فهل يعي حكام الخليج حجم المؤامرة ويدركوا ان الرهان على إمبراطورية أمريكا والقارة العجوز والمولود السفاح في تل ابيب أضغاث أحلام ، وان ارساء مفاهيم الديمقراطية والحرية والعدالة وثقافة " الحوار " طوقاً للنجاة وان الاعتذار عن الأخطاء الفادحة وتعويض الشعوب العربية التي اكتوت بنيران واموال ممالك الخليج أساس العدالة وان تفعيل الضميرهو الطريق الامثل لتحقيق " السلام وارساء الامن والاستقرار وتفويت الفرصة على الدول المتربصة ..مالم فالنار لا تحرق إلا رجل واطيها!!؟


shawish22@gmail.com


 

حول الموقع

سام برس