بقلم / احمد عبدالله الشاوش


قرار الأمم المتحدة الذي صدر مؤخراً بإدراج التحالف السعودي وآخرين  في القائمة السوداء على خلفية ارتكاب جرائم  وانتهاكات انسانية ضد أطفال اليمن ، ادى الى صدمة كبيرة في  الرياض وصعق دول التحالف وأحدث حالة من الهيجان  للشرعية اليمنية المنتهية الصلاحية ، وعكس قرار الادانة جزء من المأساة الإنسانية و الحقيقة المرة وتسليط الضؤ على الحرب المنسية في اليمن بعد ان استطاعت الدبلوماسية والسياسة السعودية تخدير المجتمع الدولي ومنظماته من  تجار الحروب ومقاولي الازمات باالمال، مادفع المندوب السعودي في أمريكا الى إن يُعلق بكل "وقاحة " بعد الفضيحة بإن قرار ادانة استقى معلوماته من مصادر مضلله ، وان السعودية ترفض القرار وتتحفظ عليه ، في حين وصف اليماني مندوب  شرعية الفنادق  قرار ادراج السعودية والتحالف في قائمة العار بالمساوة بين الجلاد والضحية مؤكداً انه ملكي أكثر من الملك في دفاعه عن جرائم الجلاد السعودي ومحاولاته طمس وتزوير معالم جريمة الإبادة المرتكبة على مدار الساعة ضد أطفال اليمن  ، ليُجسداً بذلك حالة من التوحش والفجور الدبلوماسي والحقد السياسي والافراط في التبعية المجردة من الإنسانية والقيم الأخلاقية .


ورغم أن قرار الأمم المتحدة بأدراج التحالف السعودي في قائمة العار خطوة أولى للتشهير بالنظام السعودي ، فإن إرادة وآمال وطموحات ومطالبات اليمنيين والإنسانية جمعاء لم ولن تقف عند عقوبة "التشهير " ، بل ستواصل توثيق الجرائم والانتهاكات صوتاً وصورة  وتعقد اللقاءات والمؤتمرات والاحتجاجات والتواصل مع المنظمات الدولية الإنسانية والقانونية والتفاعل مع الرأي العام الدولي حتى يتم تقديم كل مرتكبي الجرائم الى المحاكم الوطنية ومحكمة الجنايات الدولية والمحاكم الاوربية لتطبيق العدالة آجلاً أم عاجلاً .


ومهما غض المجتمع الدولي الطرف عن جرائم الإبادة الممنهجة للتحالف السعودي في اليمن المدجج بصواريخ وقنابل وطائرات أمريكا وبريطانيا وألمانيا  وإسرائيل وكندا والصين ومرتزقة العالم من الاعراب وشركات القتل  ، فإن المتابعة وعدالة السماء وقوانين الأرض ودماء اليمنيين لن تذهب هدراً ، طالما واصلت الدول المتوحشة المجازر والمآسي والكوارث الإنسانية  ، محاولة نزع قلوب اليمنيين وتمزق أجسادهم وسفك دمائهم واغتيال أحلامهم واعيادهم وأفراحهم ومضاعفت أحزانهم دون ان تفرق بين  طفل وامرأة و شيخ وشاب و جندي محارب في مواقع البطولة والشرف.



ورغم حالة الرعب والتوحش والدمار الذي يمارسها العدوان والصراع السياسي  والاحتراب الداخلي  العنيف على السلطة خدمة لمشاريع مشبوهة ، ومطامع شركات السلاح التي يديرها  ويمتلكها الخمسة الكبار  في مجلس الامن الدولي وسماسرة بعض الدول الإقليمية ومشيخات الخليج التي تنفذ سيناريوهات تدمير الامن القومي العربي مقابل البقاء في كراسيهم ودعم الإرهاب وتستغل دبلوماسيتها وسياستها ووسائل اعلامها وثروات بلدانها  لتضلل  شعوبها والرأي العام الدولي وتسوق بعض العناوين  بانها مستهدفة وانها الحامي للعروبة والإسلام والمدافع عن الشرعية في اليمن والبحرين وقطر ،،، والشريك مع الجلاد الأمريكي في مكافحة الإرهاب زوراً وبهتاناً كل هذا يحدث منذ النشأة الأولى للدولة السعودية التي قامت على السيف والدم وسياسة فرق تسد مقابل البقاء في كراسي السلطة  ، رغم ان  الشعوب العالم تدرك أن الخمسة الكبار في مجلس الامن الدولي وبزورتهم من الاعراب في نجد يدمنون ثقافة الارهاب ويسطرون الفكر الوهابي المتطرف ونسخه المحدثة لحماية الاسرة المالكة وتفخيخ وارهاب العالم.



وللأسف الشديد ان المنظمات القانونية والإنسانية والحقوقية والاعلام الدولي يختزل المأساة اليمنية في " الجانب الإنساني " فقط  ، في حين يغفل أو يتغافل الجميع ان الحقيقة التي لاريب فيها ان هناك عدو تاريخي لليمن يتجسد في العدوان السعودي والاماراتي والامريكي ينتهك سيادة دولة مستقلة ويدمر تنميتها واقتصادها ويستهدف ثرواتها وموانئها وجزرها وبحارها ومستثمريها وتراثها ومعالمها التاريخية ومساجدها ومستشفياتها ومصانعها ويمزق نسيجها الاجتماعي ويقصف مقدراتها وبنيتها التحتية ومنجزاتها المدنية والعسكرية  ويتاجر بشرعيتها غلاً وكراهيته وانتقاماً من أبناء المهاجرين والانصار الذين نصروا رسول البشرية وتصدوا لكفار قريش  واسقطوا عروشهم ونشروا الإسلام في اصقاع الأرض ، مما حرك بواعث الحقد لنشر الفتنة وتعميم الجهل وتدمير ثقافة وقيم وتقاليد واعراف  اليمنيين وشراء ذمم القادة والمشايخ والسياسيين والمثقفين والإعلاميين والنخب الحزبية بمختلف مشاربها، لتمزيق اليمن وتجزئته وتدمير مقدراتها ومنجزاتها المدنية والعسكرية  والتاريخية  والحضارية ، ما أدى الى تحويل 21 مليون يمني يعانون من الفقر وأكثر من 5 مليون يمني تحت خط الفقر ، ومليون يمني شبه مصاب بالكوليرا وامراض القلب والكلى  ناهيك عن المشردين والمهجرين والبطالة نتيجة للحصار الجائر .



 كل هذه الجرائم لم تحرك ساكناً و لم تيقظ الضمير العالمي وتحرك المشاعر الإنسانية وكأن العالم يعيش في غابة اوحش وأفظع رغم المدنية و الحديث عن العدالة والديمقراطية وحقوق الانسان والشرعية الدولية  ، إلا ان دما اليمنيين وثرواتهم مازالت مباحة حتى اللحظة في سوق النخاسة الدولي الذي يزود القاتل بالأسلحة الفتاكة معرضاً السلم والامن الدوليين للخطر في سبيل المال السحت وصناعة الطغاة والكراسي الهزازة والشهوات الساقطة .



وأخيراً .. هل تعي السعودية ان القرار الاممي بإدراجها في القائمة السوداء يحمل وجهين الأول أنه حقيقة لامست الوجع  وترجمة لغضب الرأي العام الدولي بعد أن صارت الأمم المتحدة على كل لسان في غيها ، والوجه الاخر إن القادم اعظم وان الرشاوى سينتهي مفعولها ، وفي نهاية المطاف لا يصح إلا الصحيح ، فهل ينتهز حكماء السعودية الفرصة للدخول في سلام حقيقي  مباشرة مع كافة القوى السياسية الشريفة تحت سقف المحافظة على اليمن ووحدته واستقلاله واجراء التعويض العادل  وإقامة علاقات ندية  ، أم تواصل الرياض الغرق في المستنقع اليمني بعد ان جربت فشل آلة الدمار التي جعلت منها أكبر خاسر وسفاح على وجه الأرض و أصناف العملاء والمرتزقة والمأجورين من كل التيارات السياسية الذين تآمروا على البيت اليمني  ويتآمرون على الرياض في نفس اللحظة من داخل الفنادق وخارجها لانهم لايعيشون إلا على الازمات  والحروب والدماء والدمار والخيانة ؟



 وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَص فِيهِ الْأَبْصَارُ



 



حول الموقع

سام برس