بقلم / أحمد عبدالله الشاوش
كشفت انتخابات منظمة " اليونسكو" للتربية والثقافة والعلوم التي أجريت في العاصمة الفرنسية باريس ، حجم الكارثة وحقيقة العقل العربي المريض ، والثقافة السطحية ، والبيئة المعقدة ، والتقاليد المتطرفة ، والزعامات المضطربة ، وحالات والفجور بين قطر و مصر واخواتها من الاعراب الذين أطلقوا آخر رصاصة في سمعة وكرامة الجسد الميت للعرب، بعد ان سيطر الحقد على القلوب وعميت البصيرة ودفعت عداوة ذوي القربى بترشيح وزيرة  الثقافة الفرنسية ذات الأصول اليهودية إلى ارفع منظمة أممية إنسانية ، نكاية بقطر وبمرشحها  وزير الثقافة السابق حمد الكواري الذي حقق فوزاً كبيراً في عدد من الجولات الانتخابية قبل النهائية.

فضيحة اعراب اليونسكو جسدت السقوط المدوي للنظام العربي والعقم الثقافي والخواء العلمي بعد ان استنفرت قيادتي مصر وقطر واستخدمت كل أدواتهما المخابراتية والسياسية والدبلوماسية والمال والعلاقات وكل وسائل الترغيب والترهيب واحراج دول وأنظمة أخرى في قضية غير مصيرية ، في حين غاب الجميع عما يجري في فلسطين من بناء المستوطنات وقتل المدنيين وتدمير المنازل ، وغض الطرف عن المجازر في اليمن وسوريا والعراق وليبيا  وبورما ،، ما صدم المواطن العربي من ذلك العبث والسقوط ، كما صدم العالم بتلك المعركة المخجلة والفضيحة الكبرى التي ستسجل في صفحات التاريخ ، نتيجة لذلك التخندق المعيب والصراع المرعب الذي مازال المواطن العربي لايدرك لمصلحة من ذلك التشرذم في المحافل الإقليمية والدولية التي تكاد تكون الفرصة الأكبر والنافذة الأقرب لتحسين صورة وسمعة النظام العربي واطلالة للعمل الإنساني الخلاق في مجال التربية والثقافة والعلوم ، بعد ان سقطنا في الامم المتحدة والجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي ،،.


لقد أثبت الساسة العرب في باريس خلال خوضهم انتخابات " اليونسكو"  أنهم آخر من يتحدث عن التربية والثقافة والعلوم أوحمايتها ، طالما سيطر التفكير العقيم على قياداتها ، بعد ان أكدت المنافسة بما لا يدع مجالاً للشك تسييس منظمة التربية والثقافة والعلوم " يونسكو" ، لاسيما بعد خسارة مرشحة مصر ووقوف مصر مع المرشحة الفرنسية ضد قطر ، خروج الولايات المتحدة الامريكية ، وتهديدات إسرائيل باللحاق بواشنطن ، ،.


وتعرّضت فرنسا، دولة المقر، لانتقادات واسعة  بترشيحها «أزولاي»، قبل ساعات من إغلاق باب  الترشح، لأنها أعلنت عدم طرح مرشح لديها،  مشيرة إلى أن رئاسة المنظمة ستكون للعرب هذه المرة ، إلا ان  «أزولاي» ذات الخبرة المتواضعة خاضت معركة اليونسكو وفازت بدعم مصر وآخرين رغم الاحتجاجات الثقافية ضدها، واتهامات بمعاداة السامية، من  قبل مجموعة من المثقفين العرب في عريضة وجهتها لوزير خارجية فرنسا، وردّت عليهم المرشحة الفرنسية: «لم يأت دور الدول العربية ولا دور فرنسا لرئاسة المنظمة، اليونسكو بحاجة لدخول الألفية الثالثة.


نعلم ان الخلاف بين قطر ومصر بلغ ذروته في كافة المجالات السياسية والدبلوماسية ووسائل الاعلام  وان المعارك العبثية بينهما أرهقت البلدين ، وان مصر حضارة ضاربة جذورها في أعماق التاريخ ، وان قطر تاريخها حديث ، ولكني كمواطن عربي أستغرب الفجور وعدم الاتزان والخروج عن منطق العقل والحكمة وقضايا ومصالح العرب بتفضيل وزيرة  " يهودية" على حساب العرب .


والسؤال الأخير هو متى سيحتكم القادة العرب الى منطق العقل والترفع عن  الصغائر وحل الخلافات والدخول في حوار جدي لإصلاح ما أفسده الدهر من اجل التصالح والتسامح والتعايش بعيداً عن نرجسية الاناء والغرور للخروج من النفق المظلم الذي دمر الامن القومي العربي وصدع نسيجه الاجتماعي وسفك دماء شعوبه وأستنزف طاقاته في مكافحة الإرهاب وضرب أي تنمية ؟


shawish22@gmail.com 

حول الموقع

سام برس