سام برس
  
كتب/ سامية العنتري
مع سماع صوت أي قذيفة صاروخية كانت أم مدفعية تزداد معاناة المواطن اليمني أكثر وأكثر، وأطراف النزاع مازالوا متشبثين بمواقفهم السياسية، غير مبالين بما يتعرض له الآلاف من المدنيين في المدن والقرى، وبكل استهداف للمدنيين في قبل أي طرف من أطراف الحرب يزيد من أعداد القتلى الأبرياء ومخلفاً العشرات منهم بإعاقتهم الدائمة منها البصرية أو السمعية أو الحركية.

وبحسب آخر الإحصائيات الرسمية فقد تسببت الحرب منذ بدايتها بأكثر من 7000 حالة إعاقة، ومازال هناك اعداد تضاف إلى القائمة أغلبها شملت بتر الأطراف ومن بين تلك الحالات نساء وأطفال، وهذا الرقم يضاف إلى مليوني معاق في بلادنا، لم تعد تصلهم أي خدمات صحية أو اجتماعية هم بأمس الحاجة اليها، ولم يجدوا من يبث معاناتهم إلى العالم بدون أي مزايدات سياسية.

وفي تقديرات دولية أكدت أن نسبة الإعاقة في بلادنا تتراوح من 13-10% وهي من أعلى النسب في العالم، حيث أنه تجاوز عدد المعاقين باليمن أكثر من 3 ملايين معاق جراء الحروب المستمرة في بلادنا، وآخرها ما نعيشه في الوقت الراهن والتي تسببت بزيادة في أنواع الاعاقات المختلفة لاسيما البصرية.

عالمياً تشير الاحصائيات الدولية إلى نسبة المعاقين في البلدان النامية تصل إلى 80% من واقع خمسمائة مليون معاق في العالم، أغلبهم يعيش في مجتمعات ريفية، وفي الوطن العربي يتجاوز عدد ذوي الاحتياجات الخاصة أو المعاقين، بحسب منظمة العمل العربية 20 مليون شخص، وغالبيتهم العظمى بحاجة إلى التعليم والتدريب والتأهيل والرعاية الصحية والاجتماعية والنفسية والمهنية لتمكينهم من المساهمة الفاعلة في تنمية المجتمع.

وبالرغم أن بلادنا كانت قد وقعت على الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية الخاصة بشريحة ذوي الإعاقة، إلا أن المجتمع الدولي ممثلاً بالأمم المتحدة التزم الصمت وكأن الامر لا يعنيهم إزاء المعاناة التي يتعرض لها المعاقين في بلادنا جراء حالة الإحتراب التي نعيشها؛ ناهيك عن استهداف مراكزهم التأهيلية وعلى رأسها مركز النور للمكفوفين في العاصمة صنعاء.

ما يجعلنا نقف أمام استفهامات كبيرة ومتعددة عن الظروف الانسانية الصعبة التي تعيشها هذه الشريحة المهمة من المجتمع، مع تدهور الأوضاع المعيشية والصحية والأمنية بصورة يرثى لها.

مؤسسات بلا خدمات..

توقفت العديد من المؤسسات الخاصة بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة عن تقديم خدماتها التعليمية والتأهيلية والاجتماعية والتي تزيد عددها عن 300 مؤسسة، ما يزيد حياة الأشخاص ذوي الإعاقة تدهوراً يوماً بعد يوم.

وقال الأخ/ حسن إسماعيل. رئيس المنتدى اليمني للأشخاص ذوي الإعاقة – في تصريحات صحفية لإحدى الصحف اليمنية – هناك الآلاف من ذوي الاحتياجات الخاصة حرموا من الحصول على الخدمات الصحية والأدوية والسبب في يعود إلى ضعف موارد صندوق رعاية وتأهيل المعاقين، وأصبحت حياة الكثيرين منهم معرضة للموت بسبب انعدام العلاجات الضرورية، وضعف الخدمات التي من المفترض أن تقدمها المؤسسات الخاصة بهم، ما ألحق أضراراً كبيرة في حق مليوني شخص من ذوي الاعاقات المختلفة السمعية والبصرية والذهنية والحركية.

ومن جهته أكد الأخ/ محمود الحسني. رئيس اتحاد المعاقين بالحديدة، أن استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والأمنية في بلادنا، انعكس سلباً على حياة الأشخاص ذوي الإعاقة. ولفت إلى أن استمرار الحرب والحصار على البلاد قد ألحق بالأشخاص ذوي الإعاقة ضرراً كبيراً يحتاج إلى سنوات لتجاوز آثار تلك الأضرار، وكل الجهود التي تقدم باتت مشلولة، واصبحت الجهات المختصة تقدم الحد الأدنى من الرعاية لذوي الإعاقة. كما طالب "الحسني" في حديثه الجهات المختصة بوضع المعاقين بعين الاعتبار وصرف مرتباتهم كونهم لا يجدون مصادر دخل أخرى.

ظروف استثنائية.. لشريحة استثنائية

جاء في الاستراتيجية الخاصة بالإعاقة للفترة من 2014 إلى 2018م، أنه يمكن القول أن التشريعات الموجودة في اليمن تعكس النهج القائم على المساعدة الاجتماعية أو الخيرية لذوي الإعاقة. كان هذا النهج يتبع في ظروف عادية يمكن من خلاله تقديم المساعدة الفاعلة لهذه الشريحة لإدماجهم في المجتمع.

ولكن في الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، أصبح الوضع أكثر تعقيداً، مما يجعل ذلك النهج هشاً جداً لعدم قدرته تقديم أي خدمات سواء صحية أو تعليمية أو غيرها من الخدمات التي بأمس الحاجة لها ذوي الاحتياجات الخاصة.

يوسف الشراعي. مدرس الرياضيات والفيزياء للطلاب (الصم والبكم)، قال بأنه:" خلال العام الدراسي 2016م، تراجع اعداد الطلاب من شريحة ذوي الاحتياجات الخاصة عن الالتحاق بالصفوف الدراسية بسبب ظروفهم الصحية، التي تشكل صعوبة في تنقلهم من منازلهم إلى المدرسة والعكس، منذ انقطاع الدعم الذي كان يتلقونه من صندوق رعاية وتأهيل المعاقين بالحديدة، كل نصف عام دراسي والذي انقطع تماماً، من 2014م، حيث أنه كان يساعدهم نسبياً في مواصلة تعليمهم بالرغم من بساطة المبلغ الذي يتلقونه ".

وأضاف الشراعي أنه " من أكبر العوائق التي تواجه جزئية تأهيل وتعليم شريحة ذوي الإعاقة، هي نقص الكوادر المؤهلة والقادرة على التعامل معهم، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى عدم توفر منهج موحد خاص بهم مطبوع من قبل الوزارة، بما يتناسب مع وسائل التعليم الخاصة بكل فئة من فئات هذه الشريحة من المجتمع، وإنما نقوم بإعداد المناهج التي نقوم بتدريسها بجهود ذاتية لتتكيّف معهم من قبلنا".

ومن جهتها قالت وداد ابراهيم. والتي تعاني من إعاقة حركية: "وجدت صعوبة كبيرة في مسألة تعليمي منذ الطفولة، حيث منعت لسنوات عن التعليم بحجة بأن "المعاقين" لا يتعلمون!، وبعد بلوغي الخامسة عشر من عمري، وافق أهلي على إلحاقي بالمدرسة بعد بذلي جهود كبيرة لأقناعهم بتعليمي، والتحقت بالمدرسة التي بالحي الأخر لأنها تعتبر الأقرب إلى منزلنا، وتحملت الكثير من العناء حتى وصلت للمرحلة الإعدادية، ومنذ بداية الحرب توقف ما كنت اتلقاه من مساعدة من قبل الصندوق، ما زاد الوضع صعوبة، وعدم قدرة أهلي تحمل المصاريف التي احتاجها للذهاب إلى المدرسة والعودة للوضع الصحي الذي أعاني منه، ولهذا لم استطع الاستمرار بدراستي".

بحق الإنسانية..

 وسط الفوضى وحالة الحرب التي نعيشها، الجميع يعبر عن مدى البؤس والمعاناة التي يعيشونها، ولكن هناك شريحة من المجتمع تعيش ضعف ذلك البؤس وتقاسي اضعاف المعاناة التي يمر بها غيرهم، فالأشخاص من ذوي الإعاقة هم بأمس الحاجة اليوم إلى أن تقام حملات وفعاليات إنسانية من أجلهم بدون أي مزايدات، لتخفف من آلامهم التي يصارعونها في ذاتهم، واعطاءهم أكبر قدر من الاهتمام الذي يستحقونه كونهم جزء أساسي من هذا المجتمع الواحد

حول الموقع

سام برس