بقلم/ أحمد عبدالله الشاوش
طلع الدولار نزل الدولار ، وماتزال اسعار المواد الغذائية والتموينية والدوائية مولعة نار مع سبق الإصرار والترصد ، رغم المبررات والخطب المنبرية والسياسية والشطحات الإعلامية والحجج الواهية التي تسوقها كل الأطراف المتصارعة في محاولة لأقناع كل مواطن أن يتعايش مع الواقع المزيف ، ليظل اشعال فتيل الازمات المصطنعة هو النغمة الأكثر تداولاً في المجتمع اليمني، والكابوس المزعج والحقيقة المؤلمة التي حولت حياة المواطن الشريف الى جحيم و أكبر ضحية في لعبة الفساد والافساد المحلية والإقليمية والدولية بعد أن أختلط الحابل بالنابل وغابت الفضيلة وسقطت المبادئ وصار كل شيء بالمقلوب في زمن تغييب العقل و مصادرة العلم وانهيار الثقافة وسقوط الفكر وضحالة المعرفة وفقدان الصدق ولغة التسامح والتعايش ، واستحضار الفتنة والخيانة والنفاق والاستغلال والاحتكار .

والمشاهد والمتابع للمشهد اليمني يلحظ مع الأسف الشديد ان الشعب اليمني الذي بلغ صبره الجبال بعد ان تقطعت به السبل وخاب أمله في حكام صنعاء وعدن وغيرها من حواضر اليمن أنه يكتوي بنار الأسعار بعد أن أنفق السواد الأعظم من المواطنين كل مايملك من مال وعقار ومدخرات، ووصل به الحال الى بيع السيارات والاثاث والمصوغات الذهبية الخاصة بالأمهات و الزوجات والاخوات والبنات لتأمين ، قطعة خبز ، وشربة ماء ، وبعض الدواء ، للبقاء على قيد الحياة ، بينما يرى الناس حالة البذخ والاعمار وشراء الأراضي والفلل بلاحدود للكثير من المسؤولين والمتنفذين هنا وهناك ، ويطرح أكثر من علامة تعجب واستفهام حول فشل المجلس السياسي وحكومة الـ 43 وزيراً للإنقاذ التي يديرها الدكتور عبدالعزيز بن حبتور ، وفشل حكومة الـ 33 وزيراً للشرعية التي يقودها الدكتور احمد عبيد بن دغر بعد ان صارا خارج اطار التغطية ، والمسؤولية ، في حين ينعم هؤلاء وعائلاتهم والحواشي بكل مالذ وطاب ، بينما أخوانهم من اليمنيين يتضورون جوعاً ويدخلون السجون لتراكم الديون التي أرهقتهم بسبب المماطلة في صرف المرتبات ، ويغادرون الى الرفيق الأعلى جوعاً وعطشاً ومرضاً وقصفاً ، وكأن حكومة صنعاء وعدن وجهان لعملة واحدة ، رغم حمى التصريحات والشعارات والعناوين التي أنهكت واعيت الشعب دون ان يرى اليمنيون طحيناً وانما جعجعة !!.

كنا نامل من أعضاء مجلس النواب والمجلس السياسي الأعلى وحكومة بن حبتور ووزير الصناعة وامين العاصمة عقد اجتماع عاجل وإقرار عدد من المعالجات الضرورية والالتقاء بكبار التجار والوكلاء والصيارفة لوقف مسلسل التلاعب بحياة المواطنين التي طالت حلقاته ، ووضع سقف محدد للأسعار بما يلبي احتياجات الناس ويوحد الجبهة الداخلية ضد فساد الداخل والعدوان الخارجي ، إلا ان تلك الأجهزة لم تملك الإرادة والجرأة اوتقدر المسؤولية رغم ما بذلته من جهد متواضع للخروج من المأزق ، لكن شاهد الحال يؤكد انها مجرد أداة تحركها مراكز نفوذ عن بُعد ، فلا راعي حافظ على مجلس النواب بعد ان شردت وتاه اعضاءه في دهاليز السياسة والحزبية والمال ، ولا البرلمان اليمني حافظ على الأمانة وبر بالقسم ومارس سلطاته التشريعية والرقابية ، ولا وزارة الصناعة طبقت القانون والتموين ضبطت الاسعار والرقابة اتخذت إجراءاتها والعلماء دعوا الناس لوقف نزيف المسؤولية ووخز الضمير ووقف جشع التجار ولا الوديعة السعودية حركت سحرها نتيجة لغرابة السوق اليمني وسحرته ، ولا حتى تم كبح جماح مراكز النفوذ القديمة والجديدة في زمن السلطة والتسلط ، في صنعاء وعدن وتعز وحضرموت والحديدة ومأرب وأبين وصعدة وغيرها من مناطق اليمن القابعة تحت سلطة صنعاء و الشرعية التي أصبحت " الدولة" مجرد سيمفونية وعناوين مثيرة الغرض منها تخدير الناس وجني الأرباح والانتقام وتحسين الصورة أمام العالم الخارجي.

ونظراً للوضع المأساوي الذي يعيشه المواطن اليمني في ظل غياب و تغييب الدولة وعدم الامتثال لذلك فإن شاهد الحال يؤكد ان السلطة في صنعاء ونظيرتها في عدن تجسد مقولة " المتفرج لبيب" ، دون اتخاذ أي إجراءات مسؤولة لوقف جنون الأسعار وضبط التجار المتلاعبين وإنقاذ من بقي على قيد الحياة ، لأنه بعد ان أستغل السياسي سلطته وتحول الى تاجر في البترول والديزل والغاز والمواد الغذائية والسلع التموينية والالكترونية اللازمة للبقاء على قيد الحياة ، صار سيفاً مسلطاً على رقاب الشعب وأكثر فجوراً وجشعاً واستغلالاً ونهباً لقوت ومال البسطاء ، وحول المواطن اليمني الى وحش دون أن يشعر ، يحمل من الحقد والكراهية والتوحش والانتقام ما يعجز عنه الوصف ، ويجعل المستقبل مرعباً ومحفوف بالمخاطر لجميع التيارات والمشارب السياسية .

كنت أمل من المجلس السياسي وحكومة بن حبتور أن تعمل زيارة مفاجئة أو تتنقل في شوارع وأحياء العاصمة صنعاء ليروا بأعينهم أطفالاً في عمر الزهور ونساء وشباب طاعنين في العمر يبكرون في الصباح الباكر بين البرد القارس الى خزانات المياه التي تكفل بها بعض فاعلي الخير والعدد المهول المتجمع حول تلك الخزانات لتعبئة دبات بلاستيكية بالماء لفقرهم المدقع ومعاناتهم اليومية نتيجة لانقطاع الماء الحكومي ، وآخرين يتكففون الناس وعلى أبواب الافران الخيرية للحصول على الخبز وفتحات المطاعم ، ومدراء عموم ينقلون البلك والاحجار ،،، نتيجة لتأخر صرف الرواتب وانعدام الاعمال ، أو الاستماع الى بعض التجار التي تحولت مؤسساتهم ومنازلهم الى طوابير من المدقعين عجز بعضهم عن مواصلة مد يد الخير ، في حين غابت الدولة وأهتمت كل جماعة او حزب بكوادرها ضاربة بموظفي الدولة عرض الحائط .

و رغم تلك المأساة الصادمة يشكو الكثير من البساطين الذين يفترشون الأرض لبيع بعض الملبوسات والالكترونيات والكتب وغيرها عن غضبهم من الحملات التي يقوم بها بعض موظفي امانة العاصمة ومطاردتهم وقطع ارزاقهم رغم رفدهم للخزينة العامة للدولة بدفع مقابل الأمتار التي يفترشونها لسد جوع أولادهم وعدم انحرافهم ما يجعلنا نطالب أمين العاصمة حمود عبااااااااد التوجيه بوقف محاربة البساطين او على الأقل تنظيمهم حتى تنفرج الازمة التي عصفت بالبلد ، لان دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب .

وأخيراً .. نتمنى من المجلس السياسي وحكومة بن حبتور في صنعاء وحكومة بن دغر في عدن تقبل النقد واستشعار المسؤولية الأخلاقية والإنسانية والدينية والوطنية لوقف مسلسل التلاعب في قوت المواطن وضبط التجار المحتكرين وتحديد التسعيرة المناسبة والضرب بيد من حديد على مراكز القوى العابثة وصرف مرتبات موظفي الدولة في السلكين المدني والعسكري وفقاً للدستور والقانون ، مالم فإن السكوت وحماية الفاسدين لن يدوم ، ولنا في الأنظمة السابقة الكثير من الدروس والعظات فهل يعي الجميع الدرس .. أملنا كبير.
Shawish22@gmail.com

حول الموقع

سام برس