بقلم / أحمدعبدالله الشاوش
تبنت الدول المهيمنة في العصر الحديث استراتيجية " الاعلام" في حروبها مع بعض الدول التي تمتلك مخزوناً كبيراً من ثروات النفط والغاز والمعادن الثمينة والمواقع الاستراتيجية، باعتبار الاعلام الدولي الوسيلة المثلى لتسويق خطط واهداف ومصالح الدول الكبرى ، من خلال استقطاب الناشطين والاقلام المسمومة والافكار الضحلة والقلوب الميتة والعقول الفاسدة والشخصيات الانتهازية ورفدها بالمال والاجهزة والتقنية المتطورة وضخ أكبر قدر من المعلومات والاخبار والتقارير والتحليلات والقصص المُعدة في المطابخ السياسية وغرف المخابرات ، التي تحمل السم في رحيق وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة والالكترونية تحت قناع ثقافة العولمة للسيطرة على عقل المواطن العربي من خلال أساليب التشويق والاثارة والتأثير والتشكيك والترويض وتعبئته العقول العربية بأفكار ومشارب وثقافات أقرب الى الهدم والتضليل وأكثر بُعداً عن ثقافة وشعوب منطقة الشرق الاوسط المتشربة من جداول الاخلاق وروافد الحكمة ومنظومة القيم الإنسانية،،.

كما ركزت أيضاً في حروبها الوحشية الى جانب آلة الدمار الإعلامية الى الحرب بالوكالة عن طريق صناعة العملاء والمرتزقة والنُخب والقيادات الفاسدة من كافة الطيف السياسي الملوث ، بعد ان منيت جيوشها العسكرية بالخسائر البشرية والمادية والنفسية والهزائم المريعة والفضائح الكبيرة ، لاسيما في فيتنام وأفغانستان والعراق والصين والهند وغيرها من الدول التي قاومت وناضلت شعوبها ضد الإمبراطورية التي غابت عنها الشمس" بريطانيا" والشيطان الأكبر الذي بدأ نجمه في الافول" أمريكا".

ومايدعو للاسف والاسى ان يتحول صفوة المجتمع من رجال الاعلام والصحافة والمثقفين الى أبواق تمارس الارهاب " الفكري" على مدار الساعة ، وتتبنى قضايا ضد اوطانها دون أدنى خجل من خلال نشر الاخبار الزائفة وترديد الشائعات وتسويق الدعايات لاستهداف النسيج الاجتماعي والوحدة الوطنية وثوابت الامة وعقيدتها ، بالتزامن مع تعصب البعض الآخر والتخندق في خدمة الرؤساء والملوك والمذاهب الايدلوجية والسياسية وطبقة التجار، وهو ما يتنافى مع اخلاقيات المهنة وحرية الرأي والتعبير لمآرب شخصية.

ولم تكتف تلك الادوات المريضة التي سرعان ما انصهرت في بوتقة الدولار والريال الخليجي للنيل من قيادات وشخصيات جديرة بالاحترام ومشهود لها بالنزاهة والوطنية والاستقامة والاتزان ، بل هرولت الى تشوية سمعة الشرفاء واذكاء نار الفتنة والاحتراب وتفكيك أواصر المجتمع وخلخلت الدولة والانتقام من الجيوش العربية التي كانت تمثل صمام الامان والدرع الواقي للدول والمجتمعات العربية والاسلامية ضد مؤامرات العدو الصهيوني والدول الكبرى.

ورغم ذلك السقوط المريع الذي كشفته الايام والازمات والثورات ، إلا ان مرارة الربيع العربي خير شاهد على انحطاط السواد الاعظم من الاقلام المسمومة والاصوات النشاز والقيادات المفلسة التي تاجرت بإحلام وآمال وطموح الشرفاء في حين فضلت الرياض وابوظبي والدوحة واسطنبول ولندن وباريس وطهران وواشنطن على بلدانها.

ورغم مراوغة وسقوط الكثير من المفلسين ، لايزال هناك القليل من النجوم المضيئة من المثقفين والمفكرين والسياسيين والاعلاميين والعلماء الذين نجوا من الغرق في وحل العمالة والانتقام والارتزاق رغم المغريات ، مفضلين الفقر والجوع والعطش في مقابل الحفاظ على الأهداف والمثل النبيلة والمبادئ السامية والقضايا المصيرية والثقافة المثمرة والفكر النير والمشاعر الانسانية الفياضة بالحب والايمان بلغة التسامح والتعايش والحوار والسلام ، ولذلك فإن تلك النجوم الساطعة لايمكن أن يخفت صوتها أو تبيع نفسها أو تساوم في شعوبها وسيادتها وبلدانها ، لأنها تملك ارادة حرة وعقول ناضجة ومعرفة عظيمة وأقلام شريفة ، وبمواقف هؤلاء الشرفاء يتجدد الامل في تماسك النسيج الاجتماعي والوحدة الوطنية وتصويب الاخطاء ومقارعة المارقين والمضي نحو الغد المشرق .

ورغم ما دمره تجار الحروب والتقارير المفزعة للأمم المتحدة بتحول اليمن الى دويلات ، سيظل اليمن بخير مهما تكالبت عليه الامم ونبحت الكلاب وفسدت النُخب ، طالما عجلة التغيير تشق طريقها وتلتهم الانتهازيين ومسعوري المذاهب ومسعري الحروب وأصحاب الاقلام المسمومة ووكلاء الغازي مهما تغطرس وتجبر وتكبر فلابد من السقوط والرحيل والتاريخ شاهد على ان اليمن مقبرة للغزاة والعملاء والخونة واصحاب المشاريع الرخيصة.

Shawish22@gmail.com

حول الموقع

سام برس