بقلم/ ﻭﺩﻳ
غادر مبعوث الأمم المتحدة، بعد زيارة اتسمت هذه المرة بالفتور لجهة حماسة  الناس متابعة تفاصيل زيارته،  فقد ادركوا ان التعيين الجديد للمبعوث وزيارته انما يأتي في سياق  توزيع الوهم ولا حل يأتي.


يدعّون في إعلامهم وزياراتهم التأييد والمناصرة لمظلومية الشعب اليمني في هذه الحرب الغادرة،  ونعلم انهم غير جادين فنسير معهم تأكيدا على رغبتنا في الوصول لإتفاق سلمي شامل ودائم. 

ثلاث سنوات وفي جولاتهم الدبلوماسية حشروا القضية في زاوية ضيقة لا تتسع لخيار آخر غير مسايرتهم عن فهم ودراية مع كثير من الحذر وعدم الركون الى إنتظار ما يأتينا منهم وآلة الدمار والتجويع مستمرة..

عدم الركون الى الطروحات المنمقة التي ثبت انها تنميق لمسار طويل من العبث.. خبرناهم طوال الثلاث سنوات الماضية، هم فقط لا يريدون أثناءه -مسار العبث- وصول الناس الى الإنفجار فيتداركونه كل حين وآخر بباعث أمل يبقي هؤلاء الناس في حالة تفاعل وصبر.

نعلم انهم غير جادين، فكل هذه التفاصيل المتراكمة من المفاوضات والزيارات وتقصي ونقل المواقف إزاء المطروح من المقترحات لا تشير ابدا الى أي جدية، ولا صحة ابدا للقول بان حكام صنعاء لا يريدون حلا او انهم من يعقدون الوصول للحل، وانما هي حسبة زمنية تم وضعها وفق خطة تنتهي على مراحل "مجدولة" الى إيجاد مجتمع في اقصى جنوب الجزيرة يعيش حالة اللا دولة، في تشرذم وتناحر.
على هذا السياق "المحتلون" الجدد لجنوب الوطن وهذه الصفة لم تعد حاصل تشنج وانما هي اكيدة تكشف عنها هذه السياسات التي يمارسونها هناك..

هؤلاء يعمدون اليوم الى تفكيك المجتمع الجنوبي لفئات ونُخب وميليشيات لا معنى لها إلا تمزيق النسيج الإجتماعي، ناهيك عن تهيئة الأجوا لإعادة "برميل الشريجة" لخلق يمنين.

السعودية والإمارات بطلتا هذا الفعل وهذه السياسات هما في ذات الوقت وان كانت لهما مطامعهما الخاصة إلا انهما ادوات لدول عظمى تقف خلفهما لإنجاز مشروع اكبر.

نحن اليوم اذن نعيش تفاصيل تنفيذ الأجندة المحددة لملامح هذا المشروع الشرق اوسطي الجديد الذي "يكمن" في نواياهم من خلال سياسة خلخلة المجتمعات.

ومع قليل من التأمل سيتضح لنا جليا حاجة هذه الأجندة لتوزيع زمني محكوم وفق سياسة القضمة والبلع ثم القضمة والبلع.

الحالة اليمنية، نموذجا صارخا لذلك، فيها جرى "إقالة" كل المثل والقيم والإدعاءات بحقوق الإنسان من موضعها في نسق التعامل الإنساني حتى إشعار آخر ربما، اذ لا شيئ يعلو اليوم فوق صوت المصلحة.

ولا حل يلوح ولن يلوح حل ابدا.. إلا اذا تنازلت امريكا عن مصالحها في المنطقة وهذا امر مستحيل، كما هو تحقيقها -المصالح- يتطلب كلفة كبيرة تدفعه مجتمعات المنطقة بأموال المنطقة.

الحل يمكن ان يكون فقط اذا اقتنعت مثل هذه الدول الإستعمارية بحاجة كل دول العالم للتعايش على مبدأ التكامل وتبادل المصالح والذي يضمن لشعوبها الإستقرار والسعادة وليس الإستعلاء وازدراء الآخرين ومحاولات فرض السيطرة والهيمنة على الشعوب ومقدراتها.

اتصور ان ما يشجع الواهمين من الدول العظمى ومعهم الأمم المتحدة للأسف على الإستمرار في توزيع الوهم هو اعتقادهم ان سياسه الإستغباء التي يمارسونها ضد اليمنين نجحت في العبور والتأثير على الشارع اليمني، لذلك فانهم يتمادون بسذاجة دون الوقوف حتى للحظة لتقييم نتائج هذا التوجه، او للتأمل وتفسير سبب اصرار اليمنيين على موقفهم من قضيتهم وقدرتهم التكيف مع الأوضاع التي يعيشونها! لو انهم هؤلاء الواهمين فعلوا لأدركوا ان اليمنيين يتعلمون بسرعة ويكتسبون الخبرة بسرعه ولذلك فإنهم لا يعولون على الكلام المنمق والهيلمان البروتوكولي بشيئ ويضعون نصب اعينهم دائما اسوأ الإحتمالات ويتجهزون له.

walabsi1@gmail.com

حول الموقع

سام برس