بقلم/ د.محمد عبدالله الحورش
. مرت سنتان وأنا أتوق لسماع صوتكم .. دعائكم .. ضحكتكم .. حواراتكم .. تحاليلكم السياسية والاقتصادية والاجتماعية ...

. مرت سنتان ولم نعد نسمع من يناديكم بأسماكم المتنوعة وصفاتكم المختلفة .. الفخري .. عبدالله

أبا محمد .. العميد .. المحافظ .. الأستاذ .. الحاج .. السياسي .. المثالي...

مرت سنتان وأنا أقلب في صفحات ذكرياتكم .. لباسكم الأنيق .. كلامكم المنمق .. نصائحكم السديدة ..هيبتكم .. تواضعكم .. وقاركم ..حكمتكم .. نبل أخلاقكم .. شهامتكم .. كرمكم .. ثقافتكم .. فراستكم .. حدسكم .. رؤيتكم للمستقبل...

مرت سنتان يا والدي الحبيب وكلها مآسي وأحزان .. كان أبسطها الموت , نعم الموت أبسطها , لانه أصبح كرامة لمن أهتان .. وعزة لمن ذل .. ورفعة لمن قل , شيعنا جثامين كثيرة من أقاربكم .. رفاقكم .. جيرانكم .. أولاد حارتكم , منهم الشهيد , ومنهم الجريح , ومنهم المريض , ومنهم الفقير , ومنهم المكلوم , ومنهم المقهور , ومنهم المغدور ....

مرت سنتان وكل شيء تغير يا والدي , حروب أستمرت .. دماء أهدرت .. مقومات أنعدمت .. رواتب توقفت .. أوضاع تدهورت.. أسعار أرتفعت .. بطالة أنتشرت .. عوائل أذلت .. أسر هجرت .. وأخرى تغربت .. نساء أهينت .. رجال قهرت .. أقوام أنتكست .. وغيرها تكبرت .. ماذا أقول يا والدي والناس قد تغيرت .. فعلا تغيرت .. هنا حجر .. هنا شجر .. هنا بشر .. كلها تنكرت..!!

. مرت سنتان على ذكرى رحيلكم المؤلمة , فمن بعدها عشنا سنينا قاسية , وظروفا صعبة ضارية , وعيشة كادحة ضانية .. رحلتم ورحلت معاكم نفسكم الراضية , ومعها أيامنا الغانية , وأعوامنا الهانية , وأزمنتنا الجارية , فلم يبقى لدينا حياة حالية , بل أصبحت كجحيم نارا حامية , هذا هو حالنا .. هذه أوضاعنا .. هذه أقدارنا .. فبتنا نرجوا الآخرة , لنلحقكم ونترك دنيانا الفانية...

مرت سنتان فأدعوك يا ربي أن ترحم أبي فقد أبتليته فصبر , وفي أشد البلأ حمد وشكر , وصار بين يديك وأنت المليك المقتدر , رحماك ربي بأبي , رحمك ربي به , فأنت أرحم وأحن وأقدر .. الفاتحة...

عمان- الأردن
6 سبتمبر 2018 م

حول الموقع

سام برس