سام برس/ محمد العزيزي
تفتقر الجمهورية اليمنية و منذ قيامها إلى الطب الشرعي العدلي و الطب التشريحي الذي يحتاج إليه القضاء و النيابات في الفصل في القضايا و الجرائم التي ترتكب هنا و هناك و بالذات بعد أن بسطة ثورة المعلومات والتكنولوجيا كشف هذه الجرائم و طرق ارتكبها من قبل أي شخص في المجتمع .

و في هذا الصدد أعلن الدكتور طه المتوكل. وزير الصحة العامة و السكان أن وزارته أنشأت مركز للتدريب و التأهيل للطب الشرعي العدلي تابع للوزارة لدراسة الماجستير في هذا التخصص النادر و الهام و الملح في هذا العصر و الذي يهدف إلى رفع كفاءة الكادر البشري المطلوب في الطب الشرعي بالطرق العلمية
الحديثة المعمول بها في العالم .

و أكد الدكتور المتوكل بأن البلاد بحاجة ملحة إلى الطب الشرعي و أن أكثر ما تعانيه الوزارة في الطب الشرعي الخاص بالأطفال و القضايا المتعلقة بهم و الذين يقتلون اليوم من قبل العدوان و حتى تتمكن الدولة و أولياء أمور هؤلاء الأطفال من رفع قضايا جنائية أمام المحاكم المحلي و الدولية لمقاضاة القتلة و المجرمين و
هذا لا يمكن أن يتأتى إلا من خلال إيجاد طب شرعي متخصص و ذو مهنية عالية.

و أشار وزير الصحة العامة و السكان إلى أن قضايا الأطفال و الجنح التي ترتكب من قبلهم و تعرض على القضاء أصبحت اليوم أكثر تعقيدا مقارنة بغيرها من القضايا الأخرى لأن الأطفال يحتاجون إلى تخصص دقيق لتحديد سن الطفل الذي يترتب و يبنى عليه عملية تجريم الطفل أو الأحكام القضائية أو براءة الطفل من تلك
الجرائم و هنا تكمن المشكلة و الحاجة لمثل هذا التخصص.

مؤكدا في ذات السياق إلى أن الوزارة ستعلن خلال الأيام و الأسابيع القليلة القادمة لاستقبال الطلاب الراغبين الالتحاق بهذا التخصص من خريجي كليات الطب و ذلك للحصول على درجة الماجستير في برنامج الطب الشرعي أو العدلي .الطب العدلي كما يوصفه البعض تم إغفاله بشكل تام من قبل الحكومات المتعاقبة تواليا رغم أهميته و بالذات من قبل وزارتي الصحة العامة و السكان و العدل كونهما معنيتان في إيجاد مثل هذا التخصص المطلوب في كثير من القضايا التي تواجه الوزارتان خاصة و أن الأرقام تؤكد أن المتخصصين في الطب الشرعي و يعملون في هذا المجال بشكل رسمي هم " أربعة " أطباء فقط يعملون في مكتب النائب العام و يغطون كافة الأعمال المناطة بهم في جميع أنحاء الجمهورية.

و هنا يقول القاضي أحمد العقيدة نائب وزير العدل أن قلة الكادر البشري المتخصص في الطب الشرعي و العدلي قد أثر بشكل واضح في تأخر قضايا الأطفال الذين لديهم نزاع مع القانون لأن من يستطيع تحديد سن الأطفال هو الطب الشرعي وفقا للقانون و الاتفاقيات الدولية المعمول بها.

و أضاف نائب وزير العدل إلى أن الوزارة عملت على إعداد مشروع قرار لإنشاء مركز خاص للطب الشرعي العدلي يتبع الوزارة و ينضم عمل العاملين فيه وفق آلية قانونية تحدد الإشكاليات و تضع المعالجات و الحلول
المناسبة و الأجهزة العلمية الحديثة المعمول بها في هذا المجال و الحقوق المالية للعاملين و الواجبات والمحاذير التي يجب الأخذ بها و ما إلى ذلك من الإجراءات المتعلقة بالقرار و هو قيد النظر حاليا و ضمن برنامج الحكومة.

من جانبه أكد القاضي أحمد الجندبي رئيس المكتب الفني بمكتب النائب العام عن استغرابه لضعف و قلة الكادر البشري المطلوب للطب العدلي و عدم وجود جهاز متكامل لهذا التخصص البالغ في الأهمية لأنه لا يسطع قاضي تحديد سن الطفل أو المسؤولية الجنائية و هذا الأمر يجب أن يقوم به جهاز الطب العدلي الذي يمتلك تحديد الاشكالات في هذا الجانب ووضع المعالجات والحلول المناسبة ، مطالبا بضرورة تطوير هذا التخصص و سرعة إنجاز هذا المشروع الذي نحن بامس الحاجة إلى الطب الشرعي العدلي المتخصص الغالب عن الجهاز القضائي منذ فترة طويلة للأسف الشديد.

مشددا على أهمية أن يتكاتف الجميع و الجهات المعنية بوضع اليد على الجرح و معالجة هذا القصور لأن الطفولة في بلادنا تعاني الكثير خاصة و قضايا الطفولة تعتمد على الطب الشرعي.

من جهة ثانية أكد الدكتور علاء عبدالغني الضبيعي مدير إدارة الطب الشرعي و النفسي بمكتب النائب العام أن إدارته أنجزت
191 طلب لقضايا متهم فيها أطفال بجرائم خلال العام الماضي 2017 م منها 121 طلب من أمانة العاصمة وأنه لم يتم الاعتراض على تقارير الطب الشرعي المنجزة سوى ثلاث حالات فقط. . مؤكدا بأن الكشف عن الأطفال المحالين إليهم من أمانة العاصمة يتم الكشف عليها خلال 24 ساعة من تلقي البلاغ و إصدار القرار الطبي الشرعي حول هذه البلاغات بعكس المحافظات الأخرى التي تاخذ وقتا كبيرا بسبب الصعوبات و قلة الكادر و الإمكانيات و قال الدكتور الضبيعي أن الطب الشرعي وثق جريمة استهداف طيران العدوان لأطفال مدينة ضحيان صعدة حيث انتقل فريق من الطب الشرعي بمكتب النائب العام إلى موقع الجريمة و تم وتوثيقها وفقا قواعد الطب الشرعي و القانون الجنائي و الاتفاقيات الدولية المعمول بها في حماية الأطفال.

و لفت الدكتور الضبيعي في ورقة العمل التي قدمها في اللقاء التشاوري الأول حول تطوير آلية تقديم خدمات الطب الشرعي و الفحص الطبي للأطفال في النزاع مع القانون الذي أقامته يوم الأحد الفائت وزارة العدل بالتعاون والتنسيق مع منظمة اليونيسف للطفولة إلى أن تحديد سن الأطفال بمثابة أهم إجراء قانوني و مهني كون تحديد أعمارهم و اثبات انتمائهم لهذه الفئة لها أهمية قانونية و قضائية في تحديد العقوبة القانونية وفق القانون لهذه الفئة.

مشيرا إلى أن الصعوبات التي تواجه الطب الشرعي كثيرة أهمها عدم توفر أجهزة خاصة بالطب الشرعي وفق المعايير المطلوبة إلى جانب قلة عدد الأطباء الشرعيين و صعوبة التنقل و افتقار كافة المستشفيات لغرف المعاينة و عزوف الأطفال عن التخصص في هذا المجال.

و بالرغم من أن فئة الأطفال تعد من الفئات العمرية التي تلقي الاهتمام و الحرص الشديد من السلطات القضائية في معظم بلدان العالم و يمثل الاهتمام بهذه الفئة علامة على رقي المجتمع و سموا الجهات القضائية في هذه المجتمعات كونها معرضة للعديد من الجرائم و مستهدفة في اعمال الجريمة المنظمة و غير المنظمة كالاغتصاب و التجارة البشرية و العنف كما تتأثر هذه الفئة بشكل مباشر بالعوامل الاجتماعية المختلفة فالفقر و نقص و تدهور التعليم و عوامل الحروب و الكوارث ينتج عنها تشرد الكثير من الأطفال و الاحتكاك مع الفئات الإجرامية بالمجتمع مما ينتج عنه قيام بعض الاطفال بأعمال إجرامية كالقتل و السرقة و تهريب المخدرات و هنا يؤكد العقيد أحمد المتوكل مدير حماية الطفل بوزارة الداخلية أن الإدارة تستقبل شهريا ما يقارب 30طفل دون السن القانوني ارتكبوا جرائم و تم ضبطها من قبل أقسام الشرطة و إحالتهم إلى إدارة حماية الطفل لإحالتهم إلى نيابة الأحداث لإتخاذ الإجراءات القانونية.

حول الموقع

سام برس