بقلم / احمد الشاوش
أثارة قضية اختفاء الصحافي والكاتب السعودي ، جمال خاشقجي ، صدمة كبيرة في تركيا والسعودية والوطن العربي ، ومثل لغز اختفائه في القنصلية السعودية بإسطنبول ، بحسب ما تداولته وسائل اعلاميه نقلاً عن خطيبته التركية " جنكيز" ، أكثر من علامة تعجب واستفهام.

ومثل اختفائه فاجعة رهيبة ، ومشهد مؤلم صعق المجتمع الدولي ، وادى الى ثورة من الغضب العارم واطلاق العديد من الاتهامات المسيسة وحسنة النية ، لاسيما بعد ان اطلقت الماكينة الاعلامية التابعة لقطر وتركيا ومن يدور في فلكها من رجال الصحافة والاعلام وجماعة الاخوان والمنظمات الحقوقية والانسانية والناشطين عبر فضائيات الجزيرة والعربي وغيرها من القنوات ووسائل الاعلام المسموعة والمقروءة ووسائل التواصل الاجتماعي ،حملة اعلامية شرسة للتأثير على الرأي العام وتزييف الوعي واقناع المجتمع الدولي بإن " السعودية " وراء استدراج واختفاء واغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي ، قبل ان ينتهي فريق الادعاء " التركي " من التحقيقات والاعلان عن تقريره النهائي حول ملابسات اختفاء خاشقجي على الملاء بكل أمانة ومهنية ومصداقية مهما كانت الحقيقة مرة للسعودية او غيرها ، بعيداً عن الخلافات التركية – السعودية المسبقة والتحالفات القطرية – التركية أو أي مؤثرات واغراءات وضغوط أخرى.

بينما التزمت امبراطورية الاعلام السعودي الرسمي ومن يدور في فلك الرياض الهدوء والدفاع عن السعودية ونفي خبر اعتقال أو تصفية جمال خاشقجي ، والتشكيك في رواية المرأة التركية التي تدعي انها خطيبته ، بينما نفت اسرة خاشقجي في بيان رسمي أي ارتباط للمدعوة " جنكيز" بجمال خاشقجي .

وكنت متردداً في كتابة موضوع حساس وشائك في قضية رأي عام ، حتى لايعتقد القارئ والمتابع أنني أحد الأدوات الرخيصة لهذا الطرف اوذاك كما هو الحال لنخاسي الحرف وتجار الكلمة ، ولكنني عقدت الامر على ان ادلي برأيي في هذه القضية المصيرية ، التي ربما دفع خاشقجي حياته ثمناً لحريته واراءه ونقده البناء.

وكم هو مؤلم ان تتحول قضية صحفي وكاتب جدير بالاحترام الى سلعة في سوق المتاجرة والمزايدة والفجور والانتقام السياسي ، وان تحول بعض وسائل الاعلام الصفراء تلك القضية الى مادة استهلاكية نتنة ، موظفة آلة الدمار الإعلامية من اخبار وتقارير وتحليلات وتحقيقات بعيداً عن اخلاقيات المهنة والجوانب الإنسانية ، لاسيما بعد ان زجت بلواء من الانتهازيين والايدلوجيين وعبدة المال والحقوقيين والناشطين المفلسين لاستغلال المشاهد ولفت الرأي العام بطريقة بشعة والتلاعب بأعصاب اسرة خاشقجي وتتويه العدالة.
لن نقول هذا الكلام مجاملة للسعودية او نكاية في قطر ، او تشويهاً لتركيا ، او انتقاماً من الاخوان المسلمين ، لكنني انتقد السقوط المهني للجزيرة واخواتها في استغلال حدث الساعة في ابشع صورة ودس السم في العسل من خلال اطلاق الفقاعات ومغالطة الرأي العام والخلط بين السياسة والانتقام والخبر اليقين.

ولذلك مازال الغموض السياسي يلف قضية خاشقجي لاسيما بعد ان تحولت تركيا ساحة للمافيا ، ونرى ان مصيره يتوقف على عدد من السيناريوهات :

الأول : تاكيد من تدعي انها خطيبة " خاشقجي" بدخوله مبنى القنصلية صباح الثلاثاء لاجراء بعض المعاملات الشخصية ، وعدم خروجه منها ، وبالتالي نفترض انه تم استجوابه واعتقاله والتحفظ عليه في مكان سري خارج القنصلية

الثاني : ان المخابرات السعودية أكثر ذكاء ودهاء وخطورة ، و ليس من الغباء ان تقلب العالم ضدها رأساً على عقب مهما كان تهورها ضد شخصية لها مكانتها بالمجتمع الامريكي، باستدراجه الى القنصلية السعودية في تركيا و تخفية اوتصفيه لتعطي الدليل القاطع والفرصة لقطر واخواتها للتشهير بها وجرجرتها الى الجنائية الدولية ، فهناك من الوسائل مايمكنها من تحقيق أهدافها دون أي شبهه.

السيناريو الثالث : ربما يكون للموساد الإسرائيلي ضلع في تصفية خاشقجي اذا ثبت خروجه من مبنى القنصلية ، لاثارة الزوبعة ضد السعودية وتمكين قطر من الانتقام ، أوربما يكون لأدوات قطر وتركيا ضلع في احتجاز او تصفية الصحفي السعودي لخلط الأوراق ، بالإضافة الى تشويه سمعة الرياض عبر الإعلام .

السيناريو الرابع : ويتجلى في الانتظار الى اعلان نتائج فريق التحقيق التركي والذي سيكشف الحقيقة الكاملة بالصوت والصورة والدليل القاطع اذا تحرك بحرية ومهنية وقدره عالية وبعيداً عن الضغوط السياسية .

وأخيراً.. ان قضية اختفاء الصحفي والكاتب جمال خاشقجي ستظل تلاحق السعودية وتركيا وقطر والموساد حتى يتبين الخيط الأبيض من الأسود.

Shawish22@gmail.com

حول الموقع

سام برس