بقلم/ احمد الشاوش
المشهد الدرامي الذي نراه اليوم ، ان مستقبل اليمن في مهب الريح ، بدليل ، انحراف الأحزاب والنُخب السياسية والمشارب الفكرية عن رسالتها الوطنية والأخلاقية والإنسانية ، وادمان القبائل والمشايخ والاعيان ورجال دين على ثقافة الفيد والارتزاق ، وانزلاق المثقفين والإعلاميين في وحل التبعية ، وغرق العسكريين والامنيين والتجار في متاهات مرعبة .

والمشاهد اللبيب يشهد ، أن اليمن تحول الى ميدان للصراع الدولي وتصفية الحسابات ، وان الولايات المتحدة الامريكية تمثل " الجوكر" الذي لف الجمل بما حمل ، بينما بريطانيا تحاول العودة الى امجادها الغابرة بإحياء السلطنات والسيطرة على ميناء عدن ، والتحكم بالحديدة.

والقارئ النبيل يستشف ان السعودية التي انفقت تريليونات الدولارات في مقابل نزوة جامحة و وهيبة كرتونية وحرب " خاسرة " ، أدت الى استنزاف القوة البشرية والاقتصاد اليمني والبنية التحتية ومخزون السلاح واستباحة السيادة والامن والاستقرار ، بينما دفعت السعودية ضريبة باهظة الثمن على مستوى الداخل المشتعل في المناطق الشرقية والخلاف الكبير بين أبناء العائلة السعودية في اعلى هرم المملكة الذي عكس فندق الكارليتون ذلك المشهد السياسي المريع ، بالإضافة الى صدمة المؤسسة الدينية الوهابية وتقليم اظافرها ، والمآسي الإنسانية التي تسببت بها في اليمن ، والسمعة السيئة التي ترتبت على عملية اغتيال خاشقجي ومصادرة حرية الرأي والخلاف مع " قطر " وتفسخ المجتمع السعودي الناتجة عن الكبت من خلال فرار رهف و نجود .

ويلحظ المستمع ان الدب الروسي يتسلل الى منطقة الشرق الأوسط بهدوء تام ويترقب الأوضاع المستعرة على مدار الساعة من خلال تواجده في مجلس الامن وعلى ارض الواقع في سوريا وتحالفه مع العراق وايران وعلاقاته مع تركيا وتسويقه للسلاح الحديث ، كما ان الصين لا تغيب عن المشهد الدرامي في منطقة الشرق الأوسط بثقلها الاقتصادي وقوتها الناعمة وصناعاتها العسكرية وعلاقاتها المتوازنة دون طلقة رصاصة واحدة.

والمتابع الذكي يستخلص من تلك الحرب القذرة التي خطط ودعم ومول ونفذ لها تجار الحروب الخمسة في مجلس الامن مقابل الحصول على أموال شعوب الخليج وترزق منظمات حقوق الانسان المشبوهة ، قد أدت الى جرائم اباااادة ضد الإنسانية مع سبق الإصرار والترصد وخلفت آلاف القتلى والجرحى والمعاقين والمشردين والمهجرين من الأبرياء ، وطحنت مرتزقة الداخل والعالم من ذوي الدخل المسبق ، مخلفة المزيد من الدماء والدمار والمآسي الناتجة عن استخدام قنابل وصواريخ مصانع السلاح الامريكية والإسرائيلية والبريطانية والألمانية والكندية والروسية والصينية وغيرها في مقابل مال مدنس وهيبة وهمية لم تتحقق في ظل الصمود وسباق المصالح والمتغيرات الإقليمية ، والدولية.

ورغم محاولة كل من السعودية وايران وقطر السيطرة على القرار اليمني لاسيما بعد سقوط المشايخ والقيادات العسكرية والأمنية والوزراء الذين كانوا يدورون في الفلك السعودي وتصفية حسابها مع ايران وقطر في اليمن ، ومحاولة انشاء منطقة آمنة في صعدة وفتح منفذ في المهرة لمد انابيب نفط الرياض على البحر العربي ، وطموح الامارات في ضم جزيرة سقطرة ، وإدارة ميناء عدن وتفريخ الحرك الشبواني والحضرمي والمهري والحزام الأمني وغيره. وبعد تلك المعارك السياسية والعسكرية والاقتصادية والفكرية والمذهبية التي فخخت المجتمع اليمني ورأت في إطالة الحرب بريق " الذهب" والدولار ، شرعت لثقافة الثأر والحقد والكراهية والفجور ، نجد حكومة شرعية الفنادق في وادي والحوثيين في وادي آخر ، لاسيما بعدان اختلطت الأوراق وكثر الانتهازيون وتسممت القلوب والعقول والافكار والأرض وصار المواطن أكبر ضحية للصراع.

فهل تملك حكومة الشرعية المجزاة قرارها الحر ، وهل يمتلك جماعة انصار الله الحوثيين ارادتهم رغم قيادتهم الواحدة ، وهل يبادر اطراف الصراع من قوات هادي وقواعد الاخوان المسلمين والحوثيين والسلفيين والعمالقة وقوات طارق ، و الحراك الشبواني والحضرمي والمهري والحزام الأمني وغيرها من الجماعات والاقنعة المستنسخة الى كلمة سواء لإيقاف شبح الحرب ورفع الحصار عن كل شبر يمني ، وصرف " مررررررتبات "موظفي الدولة اليمينة الذي تحولوا مع اسرهم الى تحت خط الفقر وبناء الاقتصاد

وهل يجرؤ الجميع على الدخول في مفاوضات يمنية – يمنية دون شرط أوقيد وتكوين حكومة وحدة وطنية تشمل كل الطيف.
السياسي عنوانها الوطن " وغايتها إعادة بناء " الدولة" والعمل بالدستور والقوانين بعيداً عن أي تبعية او عماله وارتزاق ، ومن ثم التفاوض مع " السعودية " ودفع التعويضات وإعادة الاعمار وبناء علاقات ندية بين صنعاء والرياض وغيرها من الدول العربية أم ان " جهاز " التحكم" مازال في واشنطن والاحتياط في لندن ، والذئاب البشرية ستستمر في توحشها على غرار افغانستان والصومال بعد ان صرنا نعتقد انها أصبحت مجرد أدوات وبنادق في يد العم سام ؟ نأمل غير ذلك.

Shawish22$gmail.com

حول الموقع

سام برس