بقلم/ حسن الوريث
في مكالمة هاتفية مطولة كان الزميل العزيز سامي العمري يحدثني بالم وحسرة حيث تعرض والده لعضة أحد الكلاب الضالة المسعورة ولم يجد له العلاج فقد ظل يتنقل من مستشفى إلى آخر بحثا عن جرعة اللقاح غير الموجودة في مركز الكلب بالمستشفى الجمهوري ولا في مستشفى الكويت حيث تم إحالته إلى هناك حتى في الصيدليات العلاج غير متوفر والزميل العزيز لم يعد يدري كيف يتصرف فطلب مني أرقام بعض المسئولين في وزارة الصحة لابلاغهم بالمشكلة لمساعدته في توفير العلاج لوالده

كان ابني وصديقي الصغير عبد الله بجواري يستمع إلى المكالمة التي انتهت بإعطاء الزميل سامي العمري الأرقام المطلوبة فبادرني بسؤال طبيعي لماذا لايتوفر العلاج حق الكلاب الا في المستشفيات ؟ فقلت له ياصديقي العزيز هذا العلاج غالي جدا ولايقدر احد على شرائه وبالتالي فقد تم إنشاء مركز داء الكلب في المستشفى الجمهوري لتوفير العلاج للناس بسهولة ويسر .. حينها اضاف صديقي العزيز سؤال آخر عن سبب عدم توفر العلاج في مركز الكلب في المستشفى الجمهوري رغم أنه انشىء لهذا الغرض ؟ .


بالتأكيد لم أعرف سببا وجيها لعدم توفر العلاج في المركز الخاص بعلاج داء الكلب خاصة وان الكثير من الذين تعرضوا لعضة الكلاب عانوا من نفس المشكلة ومنهم أحد جيراني الذي ظل يتنقل بين المستشفى الجمهوري ومستشفى الكويت للحصول على الجرعة لابنه الذي تعرض لعضة كلب واضطر حينها لدفع قيمة العلاج لإنقاذ حياة ابنه ولاشك أن هذا الموقف يتكرر كثيرا جدا لكني قلت لصديقي العزيز ردا على سؤاله ربما ان العدوان منع إدخال العلاج كما منع إدخال سموم الكلاب الضالة ..

ففاجأني صديقي الذكي بسؤاله قائلا.. لماذا يمنع العدوان إدخال العلاج والسموم رغم ان الأسواق تمتلىء بالأدوية المهربة وغير المهربة ويمكن ان يتم إدخال العلاج عبر منظمة الصحة العالمية واليونيسيف وغيرها من المنظمات الإنسانية التي تعمل في اليمن ؟ بصراحة كان سؤالا ذكيا من صديقي الصغير جعلني أفكر فيه هل المنظمات الدولية عاجزة عن إدخال هذا النوع من العلاج إلى اليمن خاصة وهي تعرف أننا نواجه مشكلة تكاثر الكلاب الضالة التي أصبحت ربما أكثر من المواطنين ويمكن ان يأتي يوم من الايام وتصبح أربعة أضعاف البشر حينها سنضطر للبحث عن أماكن اخرى لنعيش فيها .

عموما نحن أيضا نتساءل مع صديقي الصغير عن سبب عدم توفر العلاج لداء الكلب وأحيانا نجده في الصيدليات لكن باسعار مضاعفة جدا جدا جدا يخرج عن قدرة المواطن الشرائية التي تاثرت كثيرا بسبب انقطاع الرواتب ما يجعل الكثير يعجز عن توفير العلاج ليس لداء الكلب فقط ولكن لأي مرض آخر وهذا الأمر يستوجب من الدولة والحكومة توفير العلاجات للناس والطلب من المنظمات الدولية الإنسانية توفيره بدلا من صرف الملايين على أمور لاتسمن ولاتغني من جوع فتكاليف حملة إعلامية من حملات المنظمات على الفيسبوك كافية لتأمين العلاج لعشرات الالاف من المواطنين وانقاذ أرواحهم فهم لايحتاجون لابلاغهم بأن الغذاء إلى جانب حليب الأم مهم لأنهم يعرفون ذلك بل يحتاجون إلى توفير ذلك الغذاء والعلاج كما أنهم لايحتاجون لابلاغهم بما تقوم به المنظمات اعلاميا عبر الواتس والفيسبوك والتويتر لكنهم يريدون عمل حقيقي وتوفير الغذاء والدواء وتحسين الخدمات الصحية .

عندما سمع صديقي الصغير هذا الكلام قال لي .. هل المنظمات عاجزة عن توفير العلاجات ام ان هذا هو دورها بتخدير الناس عبر الإعلام وصرف الأموال لأمور غير مهمة بينما حاجة الناس في وأد آخر؟ فأجبته اعتقد ياصديقي العزيز ان المنظمات ليست عاجزة عن توفير العلاج والمستلزمات الطبية لليمنيين فهي لديها من الأموال مايكفي لذلك لكنها تنفقها في اشياء بعيدة كل البعد عن ماخصصت له حيث ان المرتبات والحوافز والمكافآت وبدلات السفر والحملات الإعلامية تستنزف أكثر الأموال وعندما يصل الأمر إلى الاحتياجات الضرورية لأنجد المال لأنه قد أنفق في غير محله ومصارفه.
فرد عليا صديقي الصغير لماذا نسكت على هذا الأمر ونجعل هذه المنظمات تعبث بنا هكذا ؟ قلت له ياصديقي العزيز السكوت علامة الرضا وعندما تم إنشاء هيئة تنسيق الشئون الإنسانية لتقوم بمهمة تحديد احتياجات الناس لم تقم بواجبها وتحولت إلى هيئة لا يهمها سوى ما تدفعه المنظمات لها كحصة من قيمة المشاريع التي تنفذها بغض النظر عن تلك المشاريع إضافة إلى أن المنظمات العاملة في مجال الصحة تتبع وزارة الصحة وهي التي تتعامل معها والوزارة لايهمها سوى ما تدفعه هذه المنظمات للوزارة في حملاتها الإعلامية لتلميع الجانبين وفي نهاية الأمر ليذهب الناس إلى الجحيم وتبقى المستشفيات بدون علاجات وتبقى المراكز المتخصصة مجرد مبان تزينها لوحات منمقة لكنك لاتجد فيها أي علاج أو دواء وخير مثال على ذلك مراكز داء الكلب ومراكز الغسيل الكلوي ومراكز الحروق ومراكز أمراض السرطان والسكر التي تكاد تنعدم فيها الأدوية والعلاجات والمحاليل وباعتراف وزارة الصحة وفقا لبياناتها الشكلية لذر الرماد على العيون .

في حقيقة الأمر فاجأني صديقي الصغير بكلام يدل على ذكاء شديد ووعي كبير حيث قال لي ..

طالما ونحن شركاء مع هذه المنظمات في اعمالها ونسكت على ما تقوم به فاللوم الحقيقي يجب أن نوجهه الى أنفسنا وليس لتلك المنظمات التي ربما لايهمها المواطن اليمني مثلما يهمنا نحن وهذا الأمر يؤسف له .. واستطرد صديقي قائلا ارجو ان تتواصل مع عمي سامي العمري لتعرف ماذا فعل في موضوع والده ؟ فقلت له بالفعل ياصديقي لابد أن اتواصل معه كي أعرف آخر المستجدات .. وعندما تواصلت مع الزميل سامي أخبرني بأنه وبعد جهد جهيد ووساطات من هنا ومن هناك عثر على الجرعة الأولية لوالده وكاد ان يحصل مالايحمد عقباه حيث ان الممرضة أعطت لوالده الجرعة قبل ان تجرب حقنة الحساسية

وبالتأكيد ان نجاح سامي في الحصول على الجرعة لوالده لا يجب أن ينسينا توجيه عدة رسائل انا وصديقي الصغير الذي بدأ رسالته الأولى حيث وجهها إلى أمانة العاصمة التي تقف عاجزة أمام ظاهرة انتشار الكلاب الضالة وبهذا الشكل المرعب وضرورة ان تعمل على القضاء على هذه الكلاب باي شكل من الأشكال ولاتتنصل من واجبها وتحيل السبب على العدوان أو تكتفي بحملة وهمية تقتل خلالها 90 كلبا من مجموع مئات الالاف من الكلاب أو تدفن رأسها في الرمال كالنعامة فهي تتحمل المسئولية كاملة في هذا .

الرسالة الثانية التي توجهها انا وصديقي العزيز إلى وزارة الصحة العامة والسكان ووزيرها التلفزيوني العلامة طه المتوكل بأن تعمل على توفير العلاجات لداء الكلب والأمراض المزمنة والمستعصية وان تلزم المنظمات الدولية بتخصيص 90 بالمائة من موازناتها للاحتياجات الضرورية من الأدوية والمستلزمات وتحسين خدمات المستشفيات والمراكز الصحية والطبية المتخصصة والعادية والباقي للنفقات التشغيلية والإعلامية فيما كانت رسالتنا الثالثة للمنظمات نفسها بأن تعمل وفقا للمبادئ الإنسانية وتفضل مصالح الناس على مصالح موظفيها وتقوم بتوفير الأدوية والعلاجات والمستلزمات الطبية بناء على ميثاق الشرف الإنساني لأن اليمن يمر بأكبر كارثة إنسانية في العصر الحديث بناء على تقاريرهم وان لاتجعلونا نقول أن إصدار هذه التقارير لمجرد جمع الأموال باسم المساكين وحين يأتي الصرف تذهب إلى غير أهلها اما رسالتنا الرابعة انا وصديقي العزيز فهي للمجلس السياسي الأعلى ورئيسه بضرورة متابعة الأمور وتفعيل الرقابة على الحكومة ووزاراتها وهيئاتها وعدم الاعتماد على تقارير انجازات وهمية فالواقع غير ما يكتب في الملفات والتقارير المرفوعة اليكم والعمل بمبدأ الثواب والعقاب حتى تختفي الكلاب وتظهر العلاجات والأدوية.. مع تقديري لكم انا وصديقي الصغير الذي يحب وطنه ويتألم على مايجري له ..

حول الموقع

سام برس