بقلم / عبد الرحيم أحمد
لم تكن مشاركة وفد مجلس الشعب في المؤتمر 29 للاتحاد البرلماني العربي مجرد كسر للحصار والمقاطعة التي فرضتها بعض الدول العربية ضد دمشق، ولم تكن لتسجيل نقطة إعلامية أو سياسية سعت إليها سورية بقدر ماكانت مناسبة لإعادة العرب إلى رشدهم وتوازنهم تجاه فلسطين بقوة الحضور السوري.

نعلم جيداً أن اجتماعات الاتحاد البرلماني العربي لا تملك سلطات تنفيذية، لكنها بلا شك مكان تُظهر فيه الدول اتجاهاتها السياسية وتحاول بعضها عبر برلماناتها الترويج لسياساتها على كافة المستويات وتمرير بيانات مدفوعة الأجر في بعض الأحيان.

صحيح أن شعار «القدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين» كان عنوان المؤتمر البرلماني العربي، وصحيح أن القدس لا تزال شكلياً موضع إجماع عربي، لكن العرب اختلفوا عن أي قدس يتحدثون وأي قدس يقصدون، حيث حاولت بعض الدول تمرير عبارة «وعاصمتها القدس الشرقية» في البيان الختامي للمؤتمر في إشارة لعاصمة الدولة الفلسطينية المنشودة.

لكن العبارة «المتصهينة» لن تمر.. فوجود سورية في الاجتماع ممثلةً برئيس مجلس الشعب حمودة صباغ ولبنان ممثلا برئيس مجلس النواب نبيه بري فرضَ بحسب مشاركين في الاجتماع حذف كلمة «الشرقية».. فالقدس في قاموسنا لا شرقية ولا غربية هي كل القدس أعجبَ ذلك بعض العرب ومعهم «اسرائيل» أم لم يعجبهم.

نعم لقد أعادت سورية بحضورها القوي للعرب توازنهم، فما استطاع بعضهم تمرير سياساتهم التطبيعية مع كيان الاحتلال ولا تسمياتهم المرتبطة بصفقة القرن على اسم فلسطين، حيث فرضت سورية ومعها لبنان وفلسطين أيضاً وضع بند خاص برفض كافة اشكال التطبيع مع العدو الإسرائيلي ووقف أية محاولات في هذا الاتجاه فهاجت جمال التطبيع وحاولت تشويه العبارة وتمييعها لكن كل محاولاتهم فشلت.

الوفدان السوري واللبناني أكدا في الاجتماع أن المقاومة أثبتت بالتجربة أنها السبيل لحماية الشعب الفلسطيني واستعادة حقوقه المشروعة التي كفلها القانون الدولي، وحقه التاريخي في أرضه ووطنه وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.

ربما تعوّد بعض العرب على مدار ثماني سنوات بغياب سورية أن يفرضوا مواقفهم وصياغاتهم لبيانات ومخرجات مؤسسات العمل العربي المشترك، أما اليوم فلم يعد بالإمكان تمرير تلك السياسات التطبيعية تحت مظلة هذه المؤسسات.. وعودة سورية أعادت للعرب توازنهم وفرضت موقفاً مطلوباً من العرب وتستحقه فلسطين.

حول الموقع

سام برس