بقلم/ د. جواد الهنداوي
جاء تصريح السيد الوزير ، عند مشاركته في المنتدى الاقتصادي العالمي للشرق الأوسط و شمال افريقيا ، في البحر الميت ،في الاْردن و بتاريخ ٢٠١٩/٤/٦ ، و تحت عنوان ” نحو نظم تعاون جديدة…”.

قال السيد الوزير ، في تصريحه ، إنَّ على العرب أن يقوموا بمبادرة تجاه اسرائيل من خلال اتفاقات و إجراءات من شأنها ان تُبدّد مخاوف اسرائيل و تطمأنها ، وإنَّ الغرب قد قدّمَ لإسرائيل الدعم السياسي و الاقتصادي و العسكري ، و على العرب تبديد مخاوف اسرائيل و البحث في مستقبلها كدولة في محيط عربي …”
في التصريح وضوح و جرأة ومسؤولية و آفاق على مايبدو ، و من وزير عُرِفَ بالهدوء و التحفظ الشديد في التصريحات و حياديّة المواقف . أقول دائماً ” ان شعار النآي بالنفس ، يُقال في لبنان و حديثاً يُقال في العراق ،و كان تطبيقه في سلطنة عُمان ” .

مالذي جَعَلَ السيد الوزير يخرج عن عادة الصمتْ و التحفظ ، و عن حياديّة السلطنة ، و يُدلي بمثل هذا التصريح ، و بحضور جلالة الملك عبد الله و فخامة الرئيس محمود عباس ، و هم اكثر المعنيين بالامر ؟
محاولتنا للإجابة على السؤال لا تستندُ على معلومات ، و انمّا على التحليل و التوقّعات .

قد يكون تصريح السيد الوزير هو حصيلة لقاءاته و اتصالاته التي أجراها علناً مع نتنياهو ، و مع مَنْ يهمّهم مصلحة و هيمنة اسرائيل ، و اقصد امريكا بالدرجة الاولى .

اسرائيل ، و منذ قرار تأسيسها ، تعتاش على أشاعة مخاوفها وخطر تهديد وجودها ، و تسّوق سياسياً و دبلوماسياً و إعلامياً هذه البضاعة ، تماماً كتوظيفها ، و اللوبي الصهيوني في العالم ، لظاهرة النازية و مُعاداة الساميّة . ربما اسمعوا السيد الوزير و بألحاح ، هذه الأسطوانة المعروفة في أدبياتهم ” بأنَّ اسرائيل لاتشعر بالأمان في محيطها ” !

ربما اراد السيد الوزير ، بتصريحه ، أنْ يبعث رسالة ، ليس للدول و الحكومات العربية ، و انما لحركات المقاومة ضّدَ الاحتلال الاسرائيلي ، مفادها أنَّ سلوك اسرائيل قابل للتغيير إِنْ شعرت هي في الأمان و الاطمئنان !

نطرح هذه الاحتمالات ، لانه ليس من الوارد اليوم مطالبة العرب بمبادرة نحو اسرائيل تُبّدد مخاوفها و تطمئنها ، واسرائيل في افضلّ حال في علاقاتها مع العرب ، بل وجميع القادة الاسرائليين و في مقدمتهم نتنياهو يثنون على ما يقدّمه العرب لإسرائيل الآن ! لم يحلمْ الاسرائيليون بهذا الانفتاح ،من قبل بعض الدول العربية تجاههم .
في الوضع الذي فيه العرب الآن ، و قضيّة فلسطين نحو المجهول او نحو التصفية ، يجبُ على اسرائيل ان تبدّد مخاوفنا و أنْ تطمئننا و الفلسطينيين من نواياها و أجراءاتها التوسعيّة .

تصريح السيد الوزير الذي يطالب فيه طمآنة اسرائيل سَبَقَ بيوميّن تصريح لرئيس وزراء العدو ،نتنياهو ، لقناة تلفزيونية اسرائيلية ، و في اطار حملته الانتخابية ، تعهّد في ضمْ المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية الى السيادة الاسرائيلية ،عند فوزه بالانتخابات .

مُحق وزير خارجية الاْردن السيد أيمن الصفدي في تساؤله ، و رّده ،خلال المنتدى ،عن كيف يتم طمآنة اسرائيل وهي تحتل اراضي و لا تعترف بدولة فلسطينية ؟

الخوف و الرعب سيتعايشان و سيلازمان اسرائيل لانها كيان سارق و مغتصب و مجرم .
الخوف هو في ذات اسرائيل و ليس من حولها .

لا العرب و لا غيرهم ، أصدقاء او حلفاء او أعداء لإسرائيل قادرون على تبديد خوف اسرائيل .
تصريح السيد الوزير ، و إِنْ لم يقصد ، هو اكثر من اعتراف ضمني بإسرائيل ، هو مطالبة برعايتها على غرار الرعاية الامريكية و الغربية ، هو مطالبة من الضحية ( الفلسطينيين ) بمراعاة ظروف قاتلهم و مغتصب أراضيهم و سجاّن أطفالهم و نساءهم !

تصريح السيد الوزير ، و إِنْ لم يقصدْ ، يصب في صالح الحملة الانتخابية لنتنياهو .
اسرائيل لم تعترفْ بمبادرة العرب للسلام و لن تعترف بايّة مبادرة عربية لا تضمن هيمنتها .
سفير سابق لدى جمهورية العراق

نقلاً عن رأي اليوم

حول الموقع

سام برس