بقلم/ حسن الوريث
ذهبت مع ابني وصديقي الصغير عبد الله إلى شارع القصر لإصلاح تلفوني وخلال عودتنا من رحلتنا الشاقة والمتعبة في البحث عن قطعة غيار أصلية للتلفون والتي لم نجدها فوجئنا انا وصديقي وكل الناس الذين كانوا هناك ونحن في الجهة المقابلة لمدرسة سيف وبالتحديد في شارع الأدوية بمنظر لم نتعوده الا في حالات نادرة جدا حيث تم إغلاق الشارع ومنع الناس من الدخول فقد كان هناك أشخاص ظننتهم انا وصديقي للوهلة الأولى من قوات مكافحة الإرهاب لأنهم يرتدون ملابس شرطة وملثمين وينتشرون على المداخل وكان في داخل الشارع طقم للحراسة وطقم آخر يتم اصطحاب أشخاص إلى فوقه بشكل مستفز وبطريقة تنتهك أبسط حقوق الإنسان والأدمية .

بعد أن غادرت هذه القوة الأمنية المكان قررت انا وصديقي الصغير لإشباع الفضول الصحفي والإنساني أن ندخل إلى الشارع لنعرف ماذا حصل بالضبط ؟ وهل بالفعل كان هناك إحباط لعملية إرهابية كانت على وشك الحدوث كما توقعنا ام لا ؟.. فكانت المفاجأة أن هذه القوة الأمنية التي أحدثت كل هذا الإزعاج والإرهاب والخوف هي من مصلحة الضرائب وليس من فرقة مكافحة الإرهاب .. حينها زاد الفضول أكثر مني انا وصديقي الصغير للتعرف على الأسباب والدوافع التي جعلت مصلحة الضرائب تستنجد بهؤلاء وتستخدم هذه الطريقة في جباية الضريبة وإهانة الناس بهذا الشكل .. وقد سمعنا عجب العجاب من أصحاب المحلات حول الضرائب وما تقوم به .. أحدهم قال بأن المصلحة قدرت عليه ضريبة سبعة ملايين على اعتبار أن مبيعاته بمبلغ خمسة وثلاثين مليون ريال ورأس ماله ثلاثمائة وخمسين مليون ريال بينما هو في الواقع محل بسيط وان هذه التقديرات جاءت بعد أن رفض مساومة بعض الموظفين .

انتقلت انا وصديقي الصغير الى محلات أخرى لمعرفة المزيد عن الموضوع حيث قال أحد أصحاب هذه المحلات بأنه في أحد الأيام جاء اليه ثلاثة من موظفي الضرائب في نفس اليوم أحدهم من مدير الإدارة والثاني من نائبه والثالث من رئيس القسم وكلهم جاء لجباية الضريبة وكل منهم يريد أتعاب النزول الميداني فيما قال آخر بأن من يأتون اليهم من الضرائب كثير منهم لا يفقهون شيئاً ليتضح فيما بعد أنهم موظفين في جهات اخرى كالتربية والتعليم لكنه يتم الاستعانة بهم إما لعدم وجود كادر أو لأنهم اصدقاء مدراء ومسئولين في الضرائب يريدونهم ان يستفيدوا كما قال لنا البعض أن الكثير من أصحاب الشركات قرروا نقل مراكزها إلى مآرب مثلما بدأت تفعل البنوك وتجعل من صنعاء مجرد فرع من فروعها ولايهم ان تم إغلاقه والسبب هو تعسف الضرائب رغم أن كل الزيادات التي تفرضها الضرائب تضاف بشكل فوري وأوتوماتيكي على المستهلك لكن ذلك يقلل من حركة البيع والشراء على اعتبار ان السيولة لدى الناس لم تعد بالشكل المطلوب .. فيما أخبرني البعض بأن محلاتهم على وشك الإغلاق والانهيار بسبب الضرائب .

كنت انا وصديقي الصغير نستمع إلى حكايات الناس وقصصهم مع الضرائب والألم يعتصرنا وتذكرت ما يحدث لنا حين فرض المؤجر زيادة على الإيجار بحجة الضرائب وان المصلحة قالت لهم ادفعوا الضريبة بالزيادة المقررة وارفعوا الإيجارات كما تريدون ولايهمكم وبالفعل فقد رفعوا وحين توجه البعض إلى أقسام الشرطة للشكوى لم يجدوا الإنصاف بل وجدوا تعصب الأقسام مع المؤجرين حتى المحاكم أقصى ما تفعله هو أن تعطيك مهلة لإخلاء البيت وكل هذا بسبب يد الضرائب التي طالت كل شيء .. ثم اتعرفون ما قاله البعض من الناس ؟ لقد قالوا بأن أكبر مسئول في الضرائب هو من كان يقوم بإعداد حسابات التهرب من الضرائب لكبار التجار في عهد النظام السابق وباحترافية شديدة وكان يعلمهم كيف يتهربون من دفع الضريبة وهاهو الان يقوم بإخراج تلك الحسابات ليحاسبهم عليها وعلى تلك السنوات التي تهربوا فيها من دفع الضرائب لكن التجار حتى لو دفعوها فإنهم يضيفونها على المواطن المسكين وتحول شعار مصلحة الضرائب إلى يد بيداً نهدم يمن الغد على عكس ما يقولونه في الإعلام.

وخلال تنقلي انا وصديقي العزيز في السوق والمحلات واستطلاع اراء الناس سمعنا أن هناك مشروع في مجلس النواب لتعديل قانون ضريبة الدخل وهذا المشروع أسوأ مشروع تم تقديمه إلى مجلس النواب على الإطلاق فيكفي أن فيه مادة لو تم إقرارها فستكون هي القاضية وتتعلق بإلزام المستأجر بدفع الضريبة عن المؤجر وحساب مدة التراكم والبواقي التي لم يسددها المؤجر على المستأجر مالم فإنه سيتعرض للعقوبات إضافة إلى مواد أخرى غير منصفة وغير عادلة ومن شانها زيادة الاعباء على المواطنين وفي هذا الوقت بالذات والشعب اليمني يتعرض لعدوان وحصار وقطع الرواتب وقتل وتدمير .. وان صح هذا الكلام فإنه بلا شك كارثة الكوارث ويستلزم وقفة جادة من الجهات المعنية لوقفه فورا وكذا إعادة النظر في كل الإجراءات التعسفية وغير العادلة من مصلحة الضرائب والتي لمسناها جميعا في حياتنا بدء من ارتفاع الأسعار مرورا برفع الإيجارات وصولا إلى هروب الكثير من الشركات والبنوك بمراكزها من صنعاء الى مارب وجيبوتي وبعض البلدان الأخرى وربما تجعلنا جميعا نفكر في الهروب والهجرة لأن الوطن هكذا لم يعد يتسع لنا.

بعد تلك الجولة المضنية وما سمعناه انا وصديقي الصغير من حكايات ومآسي قال لي .. من هو المسؤل على هذا ؟ وهل يمكن ان يصل هذا الكلام الى من يهمه الامر ؟ ام ان الوضع سيبقى هكذا ؟ قلت له ياصديقي العزيز لقد سبق وان طرحنا انا وانت موضوع الضرائب وإجراءاتها التي تخنق الناس وتذبح المواطن لأن كل تلك الزيادات التي تفرضها على التجار والمؤجرين تضاف على المواطن والمواطن المسكين يتحملها ولا يقدر على الكلام وعندما نتحدث ياصغيري العزيز لا نجد من يسمع لا انهم يصورون كلامنا بشكل آخر حتى لا يسمعه أحد ويقال بأننا عندما ننصح ونقدم السلبيات والأخطاء للجهات المعنية من الطابور الخامس والعملاء إلى اخره من تلك المسميات والاتهامات الجاهزة .. رد عليا صديقي الصغير بقوله .. هل يعني ذلك أن نسكت ولا نتحدث عن السلبيات لمعالجتها ؟ أجبته بكل ثقة .. ياصديقي العزيز لابد أن نقول كلمة الحق ونوصل رسالتنا لاننا نحب بلدنا وشعبنا ولن نياس من قول كلمة الحق .. فمن يعيش في خوف لا يمكن ان يكون حرا ابدا .. ونحن أحرار وتعلمنا أن ندافع عن حريتنا وإلا لما وقفنا ضد العدوان الذي يريد لنا الذل ويريد السيطرة على قرارنا وثرواتنا وان نبقى خاضعين له .

فقال لي صديقي الصغير .. كلامك اكيد وصحيح ولكن كيف نعمل ؟ قلت له ياعزيزي وصغيري الحبيب هل سمعت عن مشروع بناء الدولة والشعار الذي أطلقه الرئيس الشهيد وأشرف الرؤساء صالح الصماد.. يد تبني ويد تحمي .. قال لي نعم اكيد ونحن معه .. فقلت له ياصديقي .. هناك أشخاص يعملون على إفشال ذلك المشروع بتصرفات وأفعال تفرغه من مضمونه ويحرصون على أن تكون هناك يد ثالثة تنهب وتعبث وتشوه وتفسد وتعمل على تطفيش المواطن فهذه الشركات التي بدأت تغادر وتهرب تباعا هي نتيجة لهذه اليد .. وذلك المواطن الذي بدأ التعب والانهاك يسيطر عليه ويفكر في الهروب الى اماكن اخرى هو نتيجة تصرفات هذه اليد التي جعلت الأمن ينقلب إلى خوف وجعلت المواطن يفقد الأمل رويدا رويدا وبالتالي فلابد من وضع حد لكل هذا العبث الذي تمارسه هذه اليد الخفية حتى تكتمل عناصر مواجهة العدوان الغاشم والحصار الجائر وان تبقى يد تحمي ويد تبني فقط أما اليد التي تطفش المواطن وتعبث بأمنه واستقراره فيجب قطعها حتى لا تنجح في مهمتها .

حول الموقع

سام برس