بقلم / احمد الشاوش
الواقع يؤكد ان العرب تحت السيطرة وأن تفكيرهم سيظل تحت السرة ، ومحصوراً بين أحلام النهدين وآمال الفخذين وسياسة البطنين وفي مقدمتهم اليمنيين ، دون أن نرتقي الى عنان السماء ، لذلك أصبحنا خارج اطار التاريخ الإنساني بحروبنا المدمرة ومعاركنا الطاحنة وغزواتنا الدموية وفجورنا حتى النخاع بعد ان رفع العالم مشاعل العلم والابداع والابتكار وأطلق العنان للطاقات الخلاقة، وتهنا في السراب وسقطنا في مستنقع القيم الرخيصة وصناعة العبودية.

وإذ اكانت رواية نجيب محفوظ تتحدث عن القصرين والعادات والتقاليد الاسرية عام 1919م ، فإن الكثير من شباب اليمن يذوبون في النهدين والسياسيين في ترقيص الشعوب ودغدغة العواطف والراقصات في ترقيص الجسد واثارة الغرائز، واذا كانت رواية آيات شيطانية لسلمان رشدي قد هزت المسلمين ، فإن أشباه الحكام والسياسيين والعلماء قد فاقوا شياطين الجن عشرات المرات بعد ان اهتزت منظومة القيم، و يملكون من الشيطنة والقصص والروايات الرومانسية وما وراء الغزل العفيف والعشق الممنوع والمواقع الإباحية ومصايد الرجال والجنس الناعم ما يطيح الكثير من الشعوب لاسيما بعد مشاهدة المسلسلات التركية والمكسيكية المدبلجة التي فتحت شهية الانحلال وحيرت الصبايا وطيحت الشباب والاعفاط على مدار الساعة بدخولها الى كل بيت وفندق ومقهى بحلقاتها الصاروخية المروجة للفكر والثقافة الغريبة المنحطة التي خدرت وألهت شبابنا عن العمل وروح الابداع.

وبينما العالم يصعد الى السماء ويمشي على سطح القمر ، وتنطلق إسرائيل بكل ثقة الى العالم الخارجي بمكوك العلم لبحث واستكشاف الفضاء وبناء مؤسسات ومدن المستقبل ونقل الصراع من الأرض الى السماء ومشاهدة معسكراتنا ومنازلنا وجروفنا ومتابعة شخصياتنا وتصوير مدننا ورصد معاركنا وفضائحنا ومآسينا ونواحنا ، مازلنا معشر اليمنيين نضيع اوقاتنا في الجدل البيزنطي العقيم بعيداً عن " الاصطفاف الوطني " ، وبث سموم الكراهية عبر روائح المناطقية والمذهبية والسلالية والعنصرية العفنة ، بنغمات عدن للعدنيين وحضرموت للحضارمة وهذا دحباشي ، وذاك تعزي ، وذلك صنعاني، زيدي - شافعي حتى وصلت الجيفة الى داخل كل أسرة .

والمشاهد لأول نظرة ، الحالات المستعصية والاشكال الغريبة والحركات العفوية والصور العجيبة لبعض المخزنين التائهين بين أغصان القات والمياه المعدنية والبيبسي ومشروبات الطاقة والسجائر والشيشة وأنواع المعسل ورنات التلفونات وتصفح مواقع الانترنت ، يعتقد للوهلة الأولى انهم أقرب الى الحشاشين ومدمني المخدرات.

كما ان رسائل الغرام وتغريدات الاعجاب طراز " أرض - جو" وباتريوت العشاق ، وموالعة أس 400 في زوايا المقايل والطيرمانات بإمكانهم أسقاط أي صاروخ رومانسي عبر الشبكة العنكبوتية الافتراضية أو على الطبيعة دون حياء ، وكذلك الأطفال والمراهقين والشباب، لكنهم في الحقيقة يسقطون في رذيلة الحاضر وفقدان بوصلة المستقبل ، والرائي للوهلة الأولى لتلك الصور الشاحبة والوجيه البائسة يعتقد أنه في مستشفى للمجانين او داراً للعجزة أوغرفة للمعاقين بانتفاخ الوجنات والملاجع وزغللة العيون وتشنج الاعصاب والضحك المفاجئ والصمت المريب لاسيما عند حلول الساعة السليمانية وكأنك بين أيدي وحضرة جن سليمان.

ومن النوادر في اليمن أن تشاهد المرأة مطربلة بالملابس كالسيارة الشاص من باب القبيلة أودينياً ن بينما نجد أخرى أبعد عن المغالاة واقرب الى الواقع ، وترى غُبر الوجيه بالشعر المشعبك كالعفاريت والغلمان بالطويل المسرح ومختلف التسريحات ، بينما ترى بعض الشباب في شوارع صنعاء وعدن وتعز ،، يرتدي سراويل طيحني الأكثر تهوية ، وكذلك بعض النساء متأثرين بالشق السلبي لموضة الغرب ومياعة الشرق وثورة الانترنت التي حولت الشباب الى قطيع حيواني في ظل فقدان التربية وغياب الوعي والثقافة الناضجة وانتشار البطالة وتغييب الدولة وانعدام المرتبات وغلاء المهور وافلاس الكثير من التجار وسقوط الكبار.

ومن عجائب وغرائب القرن الواحد والعشرين في اليمن ان كثيراً من هؤلاء الامراض له عيون زائغة نتيجة للجفاف العاطفي وحالات الكبت ونظرات عابرة للقارات وأقوى من الليزر في صرع المرأة على طريقة العزعزي ، من خلال النظر الى مفاتن المرأة الشريفة المنهكة المكافحة من اعلى رأسها وحتى أخمص قدميها ، وكأن البعض يشتغل مهنة التفصيل والتطريز دون حيا مواصلاً استراق الجسد بعيونه الخارقة دون التفريق بين شريفة اوعاهرة ، موظفة وربة بيت ، زوجه او مرملة ماشية على قارعة الطريق أو في محل تجاري لشراء بعض الاحتياجات.

ومايدعو للأسف هو عدم الزام بعض المحلات التجارية توظيف امرأة لبيع الملابس الداخلية للنساء ، مايشكل حالة من الاحراج واقتناص النظرات والحركات الغير بريئة من بعض التجار، كما ان صناعة الازمات و الحروب والغلاء والجوع حول الكثير من النساء الى مليشيات داخل المطابخ الفارغة والبيوت المغلقة وما ان تحاول اقناعها او تحاول تقويم المسار حتى يشتعل البيت بنيران صديقة مثل الشدة القريح ، بينما شياطين الانس من العيار الثقيل ، قادة وسياسيين ورجال اعمال وأعشار علماء وطاهش الحوبان وأبو فاس بين أيديهم لبن العصفور حتى المزز.

والمضحك انه في السبعينات والثمانينات والتسعينات وسنة الالفين كان بعض الشباب من رواد السينما والفن المتمردين أو الاحرار يتحدثون عن مياصة نبيلة عبيد ، واغراء ، نادية الجندي وخلفية ، ليلي علوي ومقدمة بن خلدون وقوام ، الهام شاهين ورقصة، نجوى فوأد ،وهز ، فيفي عبده ومياعة ، هيفاء وهبي وجمال ، نانسي عجرم، بينما غدا البرع اليمني بملابسه الشعبية وألوانه النادرة ، والمزمار خارج اطار الموروث الشعبي بعد أن أصبحت البلد على كف عفريت.

كما ان تغييب الفنان أيوب طارش ووفاة الشاعر المحضار والمطاع وفناني الزمن الجميل أبوبكر والانسي والحارثي والسمة وتوقف السنيدار،، كان ومازال مؤشر على غياب الادب والشعر والفن وجمال الروح والكلمة واللحن والصوت والاداء المتميز في زمن الانحلال وسيناريو السقوط .

أخيراً .. نتمنى أن يصبح اليمانيون كجبال النهدين في التمسك بالقيم الفاضلة ولغة التسامح والتعايش والتحرر من العبودية والانتفاع من العلوم المثمرة واستلهام الدروس، وأن يكونوا أبعد مايكون عن السقوط بين الفخذين ، وان يحمل مولود البطنين الجديد بصمة خاتم الأنبياء والمرسلين وقيم الامام علي والحسن والحسين ،، وغيرهم من صحابة رسول الله والتابعين رضوان الله عليهم جميعاً فهل من رجل لبيب؟
Shawish22@gmail.com

حول الموقع

سام برس