بقلم/ محمود كامل الكومى
أِستُغِلت أم القرى يومى 30 و 31 مايو 2019 فى عقد ثلاث قمم (خليجية وعربية وأسلامية ) كلهم يتمحورون حول محور واحد هو شيطنة أيران ووصمها بالعدو الأوحد للعرب , بديلا عن العدو الحقيقى للأمة العربية , الناشب أنيابه فى كبِدها ( فلسطين ) منذ العام 1948 والمتوسع قضماً من الأرض العربية على مر السنين والمحاصر لشعبنا الفلسطينى فى كل يوم جديد , والقاتل للأرملة والطفل الرضيع والذى يقبع خلف جدران معتقلاته عشرات آلاف الأسرى الفلسطينين ,والناشر لشياطين موساده وعملائه فى كل بقاع أرضنا العربية يعيثُ فساداً ويؤلب الطوائف والمذاهب واصحاب الأديان على نسيج البُلدن العربية ليمزق لُحمتها ويفصم عراها , فينشب مخالبه عن طريق الحكام العملاء للأمبريالية والموساد , الذين لايتوانون عن هضم الطُعم وتثبيت "الكيباه" على الرأس عن طريق الحاخام الأكبر , وأمام حائط المبكى يرفعون الأصوات ويذرفون الدموع مرددين بالصوت الشرشوح أنه العدو الأيرانى , يا ايها العالم الحمار .

فى أول زيارة له شرب ترامب مع حكام السعودية الأنخاب ورافقت ابنته وزوجتة وصهره , فأهتزت الكعبة المشرفة , وطار الركب الى القدس ووعد ترامب الصهاينة بالهيكل المزعوم على حساب الأقصى , طالما دنس أرض الحرمين الشريفين وغاط , وأوهم الخليجين بحب أسرائيل وحذرهم من ايران , وباشر ضرب اليمن واعتمد العدوان , وحذرهم أن الأستقرار فى سوريا نظير شؤوم فعليهم مساعدة الأشرار فى حلب وأدلب والأكراد .

والآن يتحقق لترامب ونتياهو حلم التوسع وأستقرار اسرائيل والقدس عاصمة الدولة اليهوديه على حساب تدمير بلدان الخليج وايران وبذر بذور الشر بينهما واشعال النار , فتنعقد فى مكة ثلاث قمم لاتبغى اِلا ايران
فى مهانة واستهانة لرمزية مكة والكعبة المشرفة , قبلة المسلمين الى الله , والله السلام فلا ذر للحرب ولا اشعال للنار من خلال مكة والكعبة وبيت الله الحرام , وعلى الخصوص اذا كان الُمنذَر بحرب اوشر مستطير هو بلد اسلامى له فى الكعبة ومكة ماللمسلمين اجمعين , فكيف تُستغل البلد الحرام للتجييش ضد دولة أسلاميه. , وكيف يُستعدى المسلمين على مسلمين من خلال أم القرى ومن خلال بيت الله ؟ انها المأساة بل والحرام والأدهى أن يتم التفعيل فى شهر رمضان شهر القرآن وليلة القدر على الأبواب.

صناعة الحروب مهمة تجار وشركات السلاح , الصهاينة والغرب الأمريكى , وقد صنعوا الحروب فى كل ارجاء الوطن العربى وساندوا السعودية فى عدوانها على اليمن والأمارات ومعهم قطر فى الحرب على سوريا وليبيا , وتدخلوا فى كل الثورات العربية يحاولون شيطنتها , والقبض على روحها لتموت بالبطىء وتصير جثث هامده من خلال حكام تُبَعَ بعد أن سخروا كل المؤسسات العسكرية الى التعاون مع اسرائيل ومن اجل المواطن الأسرائيلى , وبدا أن المزاج العام لترامب هو الحرب على ايران طالما نتنياهو لم يرض على الاتفاق بينها وبين الدول السبع , فأنسحب ترامب معلنا حصار ايران من جديد , وكانت دول الخليج هى مخلب القط الذى أُكِل اليه تنفيذ جر شكل ايران وحزام الحصار الأمريكى لها , ولذا استبيحت أرض الحرمين ومكه أولى القلبتين فى قم ثلاث هى فى الشرع واحدة ,لامن اجل اعداء العرب والاسلام ولكن من اجل دق

طبول الحرب الامريكيه الصهيونية على ايران الأسلامية ,ويبقى السؤال هل تريد تل ابيب وواشنطن زحزحة الكعبة من مركز العالم لهدم الأقصى وصعود هيكل سليمان المزعوم ؟!.
قد يكون لأيران أطماع فى عالمنا العربى , ولكن ذلك لايرقى ابداً الى أطماع العدو الصهيونى ولا ان نجعلها بديلا له كعدو وجودى , فالمشاكل مع ايران يمكن حلها بالعمل التكتيكى ولامجال هنا لأستراتيجية الحرب على الأطلاق , ليبقى السؤال من الذى أدخل ايران الى سوريا , اليس هم حكام السعودية وقطر والامارات المحسوبين على العرب اليس هم من اردوا تدمير سوريا وجيشها العربى ؟! اليس هم من مولوا الأرهاب على سوريا من 80 دوله وأتوا بهؤلاء المتوحشين الى الساحة السورية؟!

دخلت ايران على الخط ومنعت سقوط الدوله السوريه وساعدت الجيش السورى بعد ان خان سوريا حكام الخليج وتأمروا عليها , نعم قد تكون لايران مصالح وهوكذلك بالتأكيد , لكن حينما تتقاطع المصالح لابديل عن التعاون , وبالتالى فأن مد يد ايران للجيش زالحكومة السورية كان هو الخيار الوحيد الذى وضع حكام السعودية والامارات وقطر الحكومة السورية فيه.

ونعود للتساؤل من جديد لماذا ايران منذ الاطاحة بالشاه , واين كان العرب من ايران الشيعية ايام الشاه ,؟! وتبقى الاجابة واضحة للعيان لأن الشاه كان له علاقات دبلوماسيه مع اسرائيل وكان هو الذى يمدها بالنفظ خلال حروبها مع العرب وكان هو عميل الامريكان فى الشرق الأوسط , فكان سيدا على الخليج بأوامر الامريكان , اما بعد حكم الشاه فأيران طردت البعثة الدبلوماسية من طهران واقامت سفارة لفلسطين مكان سفارة الكيان الصهيونى , وساعدت المقاومة الفلسطينية واللبنانية , اذن فمعيار حكام الخليج فى التعامل مع ايران نصادق من يصادق اسرائيل وامريكا ونعادى من يعاديهما ولامجال هنا للتشدق بالأمن القومى العربى الذى تنتهك حرمته اسرائيل جهاراً نهاراً , بل والأتراك على مرمى ومسمع من كل الدنيا وقوات اردوجان تحتل اجزاء من الشمال العراقى والسورى بالأضافة الى لواء الاسكندرون , ولم ينبس اى من الحكام المنعقدون بالقمم الثلاث فى مكة ببنت شفاه , عن تهديد الأمن القومى العربى من اى منهما , فصار انتهاك الحرم المكى مريب فهل المرجو زخزحة الكعبة من خلال صفقة القرن الترامبية الصهيونية .

فمحاولات أمريكا الأخيرة لتهديد ايران يخفى وراءه ماهو جد خطير فأمريكا تريد التمويه من خلال كسب الوقت بما تخفيه عن أنظار الشعوب العربية حتى تمهد الأرض ل تنوب السعودية و الانظمة الخليجية بمباغتة شعوبنا بالأعلان نيابة عنها واسرائيل بصفقة القرن التى ستؤدى كما يروجون الى ان يعم الرخاء الأمة العربية لتدلل على ذلك ببعض من المليارات الدولارية , وأسقاط جزء من الديون فيتعامى الكل عن طريق الجنون .

السيناريو الآن قريب من حرب الخليج الثانية حين جُر العرب من خلال القمة العربية التى عقدت بالقاهرة برئاسة مبارك واندفعت بعض وحدات الجيوش لدول عربية كمُحلل للعدوان الامريكى الغربى على العراق بهدف تدميره فى مقابل اسقاط بعض الديون عن بعض الدول العربية وبعض من الدولارات الملياريه فكانت ذر للرماد فى العيون ولم تكن للرخاء المزعوم ولا للسلام المنشود , وانما كانت بداية تدمير البنية التحتية للأقطار العربية واغراقها فى الأرهاب .

وجه الشبه يتقارب يوما بعد يوم ونحن نتعامى ولا نستفيد من عبر الماضى , فأحذروا الحرب مع ايران , واحذروا الكلام المعسول من رخاء يعقبه لحس التراب , ومن سلام مزيف تعربد فيه اسرائيل فتحقق هدفها المنشود من النيل للفرات , تحذير أخير .. قبل ان يضيع الكل وأولهم دول الخليج وايران .

*كاتب ومحامى - مصرى

حول الموقع

سام برس