بقلم / عبدالباري طاهر
بقاء الحرب مفتوحة كأبواب الجحيم حصاده الكارثي تدمير الكيان اليمني: قتل الإنسان وتدميره، وتمزيق المجتمع، وإعادة اليمن -كل اليمن- إلى مكوناته الأولى.

كل عام، كل شهر، كل لحظة تتمزق أواصر الأخوة والقربى، يتمزق نسيج المجتمع، ونتحول إلى مليشيات وعصابات وأدوات حرب ضد بعضنا وضد شعبنا وأمتنا العربية وجوارنا.

الحرب التي يعيشها اليمن، ويراها العالم بلا غاية ولا أفق، وهي ما يجعلها أسوأ كارثة على وجه الأرض في القرن الواحد والعشرين حسب التقارير الدولية، ورؤية المجتمع الدولي؛ وذلكم ما يجعل السلام الآن هو الأكثر إنسانية وواقعية وتعبيراً عن يقظة ضمير وإحساس بالكارثة الدامية التي شردت الملايين، وقتلت الآلاف، وأصابت الملايين بالمجاعة القاتلة والأوبئة الفتاكة.

استمرار الحرب وإطالة أمدها سوف يضاعف المأساة، ويعمق الكارثة، ويجعل اليمن الأرض اليباب، ويجعل عودة الأمن والسلام عسيراً إن لم يكن مستحيلاً.

بقاء الحرب المستدامة يفكك المجتمع والكيان اليمني، ويجعل اقتصاد الحرب مصدر العيش شبه الوحيد، ويحول اليمنيين إلى “مرتزقة حرب”، وقد يصل إلى حرب الكل ضد الكل.

اليمن الآن فريسة مليشيات الحرب، وهي أدوات للصراعات والمخططات الإقليمية والدولية.

غابت قضايا الثورة، والجمهورية، والدسترة التي ناضل من أجلها اليمنيون منذ منتصف القرن الماضي، وغابت قضايا الحرية والديمقراطية والوحدة والعدل، وأصبح المطلب الوحيد “إيقاف الحرب”.

الشارع اليمني، والمدينة، والقرية، والمجتمع المدني والأهلي، وقبل ذلك وبعده الإنسان اليمني يدعو إلى وقف الحرب، ولكن تجار الحروب ومرتزقتها، والقوى الإقليمية والدولية هم الحريصون على استمرارها، أما الإنسان اليمني فقد مسته نيران الحرب، أماتته، وصادرت أهم مقومات حياته، وفرضت الحصار الداخلي والخارجي عليه، ولم يعد اليمني الآن يفكر إلا في كيفية الخلاص من حرب لا ناقة له فيها ولا معزة. أما لماذا رغبة اليمنيين -كل اليمنيين – أو غالبيتهم العظمى في إيقاف الحرب؛ فلأنها بلا قضية، ودعاوى كل أطرافها ومشعليها زائفة، وليس من ورائها غير قتل الإنسان، وتدمير الكيان اليمني .

هذا ما تشهده اليمن اليوم. كانت البداية انقلاباً على مشروع الدستور، ومخرجات الحوار، ومبادرة التعاون الخليجي، ولكن مآلها الآثم والمدمر أضحى تمزيق اليمن، وتحويله إلى كيان خرب تتقاتل فيه المليشيات مدعومةً بالسند الإقليمي والدولي، وتلاشى كلية وعد الدسترة ومخرجات الحوار وعودة الشرعية.

ينتقل الصراع الآن بانتشار البوارج والأساطيل وحاملات الطائرات الأمريكية في الخليج إلى صراع إقليمي ودولي، ويتحول اليمنيون والخليجيون والعراق وسوريا ولبنان والبحار والمحيط الإقليمي إلى ميدان معركة دولية لا هدف لها غير استنزاف الثروة النفطية.

تزايد احتمالات المواجهة بين أمريكا وإيران، وانخراط السعودية والخليج واليمن والعراق في الصراع يحول العرب إلى أدوات حرب لصالح الصراع الإقليمي الأمريكي الإسرائيلي من جهة والإيراني في الطرف الآخر، وربما يكون الثمن من الدماء والدموع، ونهب الثروة، وتدمير الكيانات القائمة في المنطقة العربية هو الهدف الرائس للحرب القادمة- لا سمح الله-.

صحيح أن تركيع إيران هدف رائس للحرب، ولكن تدمير الأمة العربية، ونهب ثرواتها، وتدمير قواها هدف رائس أيضاً؛ فإسرائيل هي السيد المطلق اليد في فرض التسيد والتطبيع، وطمس القضية الفلسطينية، وتفكيك كيانات سوريا والعراق ودول الخليج، بما في ذلك السعودية واليمن؛ فالسيد الأمريكي ترامب، وصقور البيت الأبيض لا يخفون هذه النوايا، ولكن الحكام العرب في هذه المناطق، والمليشيات المدججة بالسلاح ضالعون في الجريمة الكاملة الأركان.

حول الموقع

سام برس