سام برس
تجويع الفلسطينيين بحرمانهم من العمل ولقمة العيش مشروع “فتنة” يهدد امن لبنان واستقراره.. واذكروا محاسن لاجئيكم.. ولا تقدموا الاعذار لدول خليجية تتأهب لترحيل مئات الآلاف من اللبنانيين.. ولهذه الأسباب نناشد الرئاسات الثلاث التحرك فورا

نشرت صحيفة رأي اليوم في افتتاحيتها موضوع يتعلق بمعاناة الفلسطينيين ومحاولة تجويعهم وتركيعهم ، ليس على أيدي قوات الاحتلال الاسرائيلي الغاشم ، وانماعلى أيدي أكبر مراكز القرار في لبنان العروبة تحت مبررات واهية تتعلق بالمواطن والبطالة اللبنانية خدمة للصهيونية وضغوط بعض دول الخليج لتمرير صفقة القرن التي تم وأدها في البحرين، ماينذر بكارثة انسانية ومؤامرة كبرى و" فتنة" اكبر قد تعصف بإمن واستقرار الدولة اللبنانية وتجرها الى مربع العنف والانتقام.

ونظراً لخطورة وقسوة وأهمية الموضوع تعيد صحيفة " سام برس" نشره لوقف القرارات المستعجلة والطائشة ان وجدت ومعاملة ابناء الشعب الفلسطيني الجريح معاملة انسانية تجسيداً لقيم العروبة والنضال والانسانية والتاريخ المشترك ومعالجة أي اختلالات بالعقل والمنطق و بعيداً عن لغة التعسف والانتقام ، لعل وعسى تصل الرسالة الى رئيس الجمهورية اللبنانية العماد عون ودولة رئيس الوزراء سعد الحريري ، وسيادة رئيس مجلس النواب نبيه بري.. رفقاً بالشعب الفلسطيني.

رأي اليوم :

بداية، وحتى لا يساء فهمنا، نؤكد ان من حق وزارة العمل اللبنانية ان تضع مصالح العامل اللبناني فوق كل الاعتبارات الأخرى، والسعي من اجل توفير فرص العمل للعاطلين باعتبارهم أولوية اجتماعية وسياسية وإنسانية، ولكن ان تنسى هذه الوزارة فجأة ان الفلسطينيين اللاجئين في لبنان يتواجدون في مخيماتهم منذ سبعين عاما على الأقل، ولا يمكن تصنيفهم في خانة الأجانب، والتعامل معهم بالتالي بهذه القسوة غير المعهودة على الشعب اللبناني الطيب الكريم المضياف الذي قدم آلاف الشهداء دفاعا عن القضية الفلسطينية العادلة التي تحتل مكانا بارزا في قاموسه الوجداني والأخلاقي.

هؤلاء حالة استثنائية، ولا يمكن وصفهم بالعمالة غير الشرعية، ومساواتهم بالقادمين الجدد من مختلف بقاع الأرض (السورين ليسوا اجانب أيضا ولا يجب ان يكونوا)، ولبنان كان دائما وسيظل نموذجا في التسامح والكبر، مثلما كان دائما على مر العصور.

شن وزارة العمل حملات تفتيش في معظم المدن اللبنانية، اغلاق مؤسسات يملكها فلسطينيون، وطرد العمالة الفلسطينية من مؤسسات أخرى بحجة عدم حصولهم على اجازات عمل، وفي مثل هذا التوقيت الذي يقف فيه لبنان وحكومته ورئيسه وغالبية نواب برلمانه ضد صفقة القرن في موقف وطني مشرف، امر يثير الاستغراب، ويعكس توجهات ذات شبهة طائفية وعنصرية، يمكن ان تمادت ان تؤدي الى زعزعة امن لبنان واستقراره، مما يؤثر سلبا على اللبنانيين والفلسطينيين معا، وهناك امثلة كثيرة في المنطقة تؤكد ما نقول.

حملات التحريض ضد الفلسطينيين في لبنان لم تتوقف مطلقا، ولكن ان تتطور الى إجراءات قاسية لتجويع هؤلاء، وحرمانهم من لقمة العيش، فهذا تطور خطير يعكس وجود مؤامرات لتفجير الاستقرار اللبناني في هذا الظرف الاقتصادي الصعب الذي يتعاظم فيه الدين الخارجي، ويفوق المئة مليار دولار.

الذين يقفون خلف حملات التحريض هذه، ويصبون الزيت على نار التعبئة العنصرية والطائفية، بالغوا كثيرا في تعداد اللاجئين الفلسطينيين اللبنانيين، والتحذير من خطرهم على التركيبة السكانية، ونشروا أرقاما مزيفة كاذبة مفبركة تقول ان عددهم فاق النصف مليون لاجئ، ليتبين وفق الإحصاءات الرسمية الأخيرة ان هذا العدد لا يزيد عن 174 الف لاجئ، وهو في تناقض متسارع بسبب الهجرة الى المنافي الأوروبية بحثا عن لقمة العيش الكريمة بعد حرمانهم من العمل في اكثر من 60 وظيفة على الاقل.

لبنان وفلسطين والأردن وسورية كانت دائما وستظل بلاد الشام التي لا تستطيع ان تميز بين أبنائها، فالدم واحد والجينات واحدة، والارث واحد، وعندما لم تكن هناك حدود سايكس بيكو، والاغتصاب الإسرائيلي للأرض، كان اللبنانيون مرحبا بهم وسط أهلهم في يافا وحيفا وعكا والقدس، ونزيدكم من الشعر بيتا عندما نقول ان معظم الأجيال الثانية والثالثة من هؤلاء اللاجئين هم من أمهات لبنانية، ودون أي اعتبار للتقسيمات الطائفية البغيضة.

نلوم بعض إخواننا اللبنانيين انهم يتجاهلون حقيقة أساسية ان اكثر من سبعة ملايين لبناني لاجئين يعيشون اللجوء في المنافي، ويتمتعون بحقوقهم كاملة على أرضية المساواة، وبعضهم اصبحوا رؤساء ووزراء ويساهمون بنصف الدخل الوطني اللبناني من خلال تحويلاتهم التي تقدر بحوالي ثمانية مليارات دولار سنويا ان لم يكن اكثر، وحتى اللاجئين الفلسطينيين الذين هاجروا الى أوروبا وامريكا وكندا لا ينسون فضل لبنان عليهم، واكرام وفادتهم، وما زالوا يستثمرون فيه، ويحولون مئات الملايين من الدولارات الى أهلهم واقاربهم في مخيمات اللجوء اللبنانية، ويحرصون على قضاء اجازاتهم السنوية في الربوع اللبنانية.

نحيي في هذه الصحيفة الأصوات اللبنانية الشريفة التي احتجت على هذه المعاملة القاسية للعمالة الفلسطينية في لبنان، ومن كل الطوائف دون أي استثناء، ونخص بالذكر خطباء المساجد والكنائس الذين حذروا من مخطط يرتكز على “فزاعة” التوطين لنشر ثقافة الكراهية والتحريض ضد اللاجئين الفلسطينيين واشقائهم النازحين السوريين.

الشعب الفلسطيني توحد سلطة ومقاومة ضد صفقة القرن لان عنوانها الأبرز هو “التوطين” ورفضوا مئات المليارات، وربما التريليونات، للتنازل عن حق العودة، ومن حق هؤلاء ان يجدوا الدعم والمساندة من الحكومة اللبنانية ومؤسساتها.

جميع المفاوضات التي جرت بين السلطة والإسرائيليين كانت تضع بند عودة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان على قمة أولوياتها، والوثائق جميعا تؤكد هذه الحقيقة، والمسؤولون في لبنان على درجة عالية من الوعي بها.
اننا نضم صوتنا الى أصوات جميع الشرفاء في لبنان الذين عارضوا هذه الإجراءات القاسية ضد الفلسطينيين التي طبقتها وتطبقها وزارة العمل اللبنانية، ونناشد الرئاسات اللبنانية الثلاث، وخاصة الرئيس ميشيل عون التدخل لتجميدها اذا لم يتأت وقفها، لما فيه مصلحة للبنان وامنه واستقراره، واحكام اغلاق الأبواب في وجه “الفتنة” التي لا تريد له الا الحروب والأزمات الداخلية.

ونختم هذه الافتتاحية بلفت انظار جميع المسؤولين اللبنانيين الى ان مثل هذه الإجراءات التي تطبقها وزارة العمل ضد الفلسطينيين والسوريين ربما توفر الذرائع لبعض الحكومات الخليجية لترحيل مئات الآلاف من اللبنانيين.. فهل يتعظ أهلنا في لبنان وينظرون الى هذه المسألة بنظرة استراتيجية اعمق وابعد؟ ونأمل ذلك.
“راي اليوم”

حول الموقع

سام برس