بقلم/ احمد الشاوش
من أجمل المواقف الطريفة وأسعد لحظات الحياة ، ان تكون البساطة والظرافة والتلقائية انعكاس وعنواناً للعقول النيرة والقلوب الطاهرة ، وان يكون روح النكتة والبسمة والضحكة البريئة هي اسعاد الاخرين .

لذلك كلما ضاقت بناء الامور عادة بنا الذكريات الى الزمن الجميل لاستعراض اجمل اللحظات العابرة ، وابرزها مقولة شاعر اليمن الكبير عبدالله البردوني " عبدالكريم الرازحي بكر يطابز خالته " ويقفلها بكلمة " هووووووووووووة".

" عبدالكريم الرازحي بكر يطابز خالته"، كلمات بريئة ومداعبة انسانية تُكتب بماء الذهب كانت وماتزال وستظل من اجمل المواقف الطريفة التي تختزل البساطة والتواضع والحب والكوميديا الساخرة ، عندما كان البردوني يجمع مجموعة من الفنانين والادباء والشعراء في فندق بالعاصمة التونسية اثناء مشاركة اليمن الفنية والثقافية سنة 1985م ، ويقف الجميع بجوار غرفة الرازحي مرددين بصوت ولحن ونغم واحد تلك الكلمات العفوية ، صباحاً في محاولة لأثارة وايقاظ واضحاك الاديب الساخر عبدالكريم الرازحي وانتظار ردة فعله بعيداً عن التعالي والغرور والقناعات المزيفة..

كما ان ترديد الشاعر البردوني لتلك الكلمات ، كان يحمل معنيان الأول قريب وهو أسعاد الاخرين في لحظة الحدث ، والثاني بعيد وهو اسقاط تلك الكلمات على علم العروض " مستفعلن مستفعلن مستفعل " لترسيخ واستحضار وزن بحر الرجز ، الذي يذكر المشاهد بحركة مشي الابل التي تقدم يد ورجل ويدور عليها.

تلك الكلمات البسيطة والبريئة التي جمعت بين شاعر اليمن الكبير عبدالله البردوني ، والاديب الساخر عبدالكريم الرازحي ، والفنان احمد الخالدي وعشرات الادباء والشعراء وفناني الفلكلور الشعبي اليمني تعكس شخصية وفطرة الانسان اليمني الاكثر تواضعاً ، وتسليط الضوء على النشاط والموروث الثقافي والادبي الذي شرف اليمن في تونس ومصر والجزائر والمغرب وبريطانيا وامريكا وفرنسا وغيرها من دول العالم التي تعرفت عن قرب بالحضارة اليمنية وأصالة تراثها الفني والادبي والثقافي والشعبي ووثقة الكثير من العادات والتقاليد والتراث.

ومن طرائف وعجائب البردوني التي سردها في احدى المقابلات التلفزيونية بتلفزيون صنعاء ، انه ذات يوم كان في مقيل بمنزل أحد الاشخاص ، واثناء الحديث استأذن للذهاب الى الحمام ، واثناء ذلك أشتم رائحة " اللحم" المَحَشوَش " فحرك قرن الاستشعار قبل " قوقل " وذهب يتتبع الرائحة التي لا تقاوم متجاوزاً الحمام والغرف حتى صعد الى الدور الثالث ودخل المطبخ وأقترب من " برمة اللحم" وازال الغطاء عنها بهدوء وشرع يلتهم اللحم قطعة وراء أخرى ، وباليد الأخرى عصارة القات ، فأستغرب صاحب المنزل والمخزنين تأخر البردوني وساورهم الخوف عليه وصعدوا يبحثون عنه ولم يجدوه في الحمام او اي غرفة ثم صعد صاحب المنزل الى المطبخ واذا به يرى بالصدفة " البردوني" جالس ومتربع على الارض وبجواره اللحم ، فما كان منه والحاضرين إلا الضحك المتواصل بصورة تلقائية لذلك المشهد العجيب والغريب الذي يحمل أكثر من اثارة وبساطة وعلامة تعجب.

وعندما كان المصورين يتسابقون في التقاط بعض الصور للبردوني ومن معه داخل اليمن وخارجه كان يواصل البردوني نوادره ومرحه واسقاطاته قائلاً للمصورين بصورة بسيطة ولهجة شعبية أشتي صورة مثل " القزيزة" أي واضحة في مشهد ظريف يدل على عمق وأصالة وبساطة وتواضع شاعر اليمن العظيم فيضحك جميع الحاضرين.

Shawish22@gmail.com

حول الموقع

سام برس