بقلم/ العميد ناجي الزعبي
اثبتت الأحداث والواقع الموضوعي ان ايران دولة متماسكة راسخة ذات بنيان مؤسسي عميق تحظى بقادة منتخبين يضعون مصالح شعبهم نصب اعينهم لا مصالحهم الشخصية ، بنوا قوة اقتصادية ، وسياسية ودبلوماسية ، وعلمية ، وعسكرية ، مغطاة بتحالفات وشبكة علاقات ومصالح فرضت نفسها كقوة إقليمية ودولية كبرى تعاملت مع القوانين والهيئات والأنظمة والاعراف الدولية برصانة واحترام وردت الاعتبار للدبلوماسية والسياسات والمواثيق والأعراف الدولية .

وكان ثمار ذلك تبوأها موقعاً راسخاً وفرضها نفسها كلاعب لا يمكن تخطيه وتركيعه لامتلاكها عناصر قوة حاسمة رادعة في عالم قادته الرأسمالية المالية الامبريالية الاميركية الأطلسية ووظفت القوانين والقيم والمعايير والأعراف والهيئات والمؤسسات الدولية لصالح مشروع الهيمنة ونهب ثروات الشعوب وتركيعها وإفقارها وفتح اسواقها لتدفق رأس المالي الربوي على شكل قروض بذريعة إنقاذ اقتصاداتها المنهارة وفرضت حكاماً كدُمى مرتهنة لمشروعها فزادت من حدة ازماتها وانهياراتها وفقرها وذلها.

برزت ايران بهذا العالم الذي لا يحترم سوى لغة القوة نشازاً على السياق المذعن فحفظت أمنها وامن المنطقة والملاحة الدولية بمضيق هرمز وحتى بباب المندب الامر الذي لم يرق للعدو الصهيوني والحكام العرب لان ايران تهدد وجودهم برمته ، وقد اسفر غبار العدوان عليها عن بروزها كقوة عملاقة لا يمكن كسرها.

وفي الوقت ذاته كشفت عن عورات الرأسمالية وبشاعتها وأفولها وانحسار قدراتها وقوتها ، فلم تعد اميركا سيدة العالم تقبض على مقاليده كمسرح للعرائس تشكل التاريخ والأحداث وفقاً لمصالحها وهوسها بالنهب والقتل والسرقة والهيمنة بدليل فقدانها لزمام الهيئات الدولية ، كمجلس الامن منذ الفيتو الروسي الصيني الاول ، ولم تعد تملك القوة الاقتصادية ، بسبب مديونيتها الهائلة ، وترتعد رعباً بسبب تقدم الصين المضطرد واقتراب تفوقها وتفردها الاقتصادي ، وامتلاك روسيا القوة العسكرية الرادعة ، اضافة لفقدانها عناصر القوة السياسية والدبلوماسية ومعاناتها من العزلة وفقدان الثقة والمصداقية .

لقد اعلن ترامب اثر إصابة ناقلات النفط السبع بالخليج بحوادث تخريب متعمدة وإعطاب الثورة اليمنية لخطوط التابلاين بالسعودية ، وإسقاط طائرته المسيرة القلوبال هوك ، واحتجاز ناقلة النفط البريطانية واقتيادها من بين الفرقاطات والمدمرات البريطانية والاميركية دون اي ردة فعل بأنه ليس بصدد خوض حرباً نيابة عن نتنياهو وحكام الخليج وأوكل مهمة مقارعة ايران لبوريس جونسون حديث العهد بالحكم ، كما أوكل مهمة اشغال الفراغ الاميركي العسكري بشرق الفرات لبريطانيا وفرنسا لتخوضا معاركه نيابة عنه ولتلطخا بعار الفشل والهزيمة بدلاً منه .

ان الإفراج عن ناقلة النفط الايرانية المحتجزة من قبل حكومة جبل طارق التابعة لبريطانيا بأوامر مباشرة من ترامب كان قرصنة دولية موصوفة مشينة عرت النظامين البريطاني والاميركي والعالم الرأسمالي برمته ، قابلها احتجاز قانوني لناقلة النفط البريطانية دون اي ردة فعل من بريطانيا العجوز المثقلة بالأزمات وفي مقدمتها البريكست مؤشر على حتمية الإفراج عن الناقلة الايرانية لكن بعد تكريس ايران ومحور المقاومة وحلفائهم قوة دولية وتشكل عالم جديد .

عمان

حول الموقع

سام برس