بقلم/ طه العامري
بغض النظر عن جدلية الصراع القائم وعن أسبابه ودوافعه داخليا والمجبول بكثير من الطلاسم والعقد والتعقيدات المركبة المعبر عن حالة فراغ تاريخي للدولة والهوية والثقافة الوطنية الجامعة وايضا غياب مبدأ المواطنة المتساوية وابجديات العدالة الاجتماعية المفترض توفرها وان بحدها الأدنى ..فيما ( العدوان ) الخارجي نعيه وندرك أسبابه ودوافعه وأهدافه ليس من اليوم بل منذ تأسست ( الجارة ) وتحولت رمالها إلى ذهب تجنيه أسرة بذاتها ووظفته لتدمير كل من حولها لا لشيء بل لشعور هذه الجارة بعقدة النقص الحضاري ولكونها كيان لقيط ليس لها أثر في الجغرافية والتاريخ ، فكان المال هو جغرافيتها وهو تاريخها وهو الوسيلة التي تعيش عليها وبها تبني مجدها الزائف ..؟!

هذا ما يدركه ( اطفال وشقاة تعز ورعيتها ) قبل مثقفيها ورموزها السياسية والفكرية ووجهاتها الاجتماعية .. وتعز وكل رموزها كانوا وعلى مدى نصف قرن هم تقريبا الوحيدون الواقفين في وجه المؤامرات التي حاكتها ونسجت خيوطها الجاره الكبرى ، وهم الوحيدون الذين لم تدخل أسمائهم في( كشوفات اللجنة الخاصة ) إلا تقريبا خلال العقدين الأخيرين من عمر مسارنا بعد أن تم تكريس ثقافة - العمالة شطارة والخيانة وجهة نظر -..؟!!
لكن ( تعز ) لديها مشكلة في الداخل الوطني حيث هناك من يرى بدوره أن مشكلته وأزمته بل ومشكلة وأزمة كل الوطن تتجسد في ( تعز ) ..؟!!

تاريخيا وفي مختلف الأحداث والتحولات لم تكن ( تعز ) وأبنائها قاعدة عليها وبها يقوم ويقف الوطن وعليها يتكئ بكل نطاقاته الجغرافية المتعارف عليها ، فماذا جرى حتى تصبح ( تعز ) مشكلة للوطن وهي التي عاشت تاريخها منافحة من أجل وطن أمن ومزدهر وحر و شعب مستقر في كنف دولة وسيادة وعدالة ومواطنة متساوية ..؟!

ماذا جرى حتى أصبح أبن ( تعز ) غير ( مرغوب فيه) بجنوب الوطن و ( مهمش ) وغير موثوق به في شماله ..؟
بمعزل عن التراكمات والاحتقانات التاريخية بكل دوافعها دعونا نتوقف أمام المشهد اليوم على الخارطة الوطنية حيث ( تعز ) وأبنائها يعيشون حالة الشعور بالقهر والغبن فيما الآخرون من أقرانهم وأبناء وطنهم ينظرون إلى ( تعز ) وأبنائها ( كجلادين ) وإليهم ينسبون كل المؤبقات الراهنة و اوزارها على خلفية الكثير من الظواهر والأسباب التي يستند إليها بعض أبناء اليمن الذين بوعي أو بدونه أتخذوا من ( تعز ) شماعة علقوا عليها اخطاء النظام الاجتماعي القائم على فلسفة الاستحقاقات التاريخية والقبلية والطائفية والمناطقية والحزبية والمذهبية ..؟!

لن اخوض في تحليل فلسفي للظاهرة التي برزت من تحت ركام الأحداث الوطنية مؤخرا ، لكني ساتحدث بايجاز عن ظاهرة طرد وتحقير واستهداف أبناء تعز في بعض المحافظات الجنوبية ومن قبل قوى ومكونات اقدر اقول عنها بأنها قوى ومكونات ( طفيلية ) قبلت أن تكون أداة بيد من يريد تمزيق النسيج الاجتماعي الوطني ليس حبا بهذه الأدوات بل رغبة في تحقيق مصالح يسعى إليها من يمول ويشغل وينتج ادوات الحقد المجتمعي ، في المقابل يعيش أبن تعز في المحافظات الشمالية حياة مستقرة وآمنة ويمارس أنشطته بكل حرية لكنه يواجه ( سياسة مبطنة ) لا تشبه الإقصاء ولكنها أقرب ( للتهميش ) بمعنى يجد أبن تعز في صنعاء - مثلا - نفسه في أعلى السلم الوظيفي والعمل القيادي لكنه للأسف لا يملك القدرة ولا القوة ولا القابلية التي تمكنه من التحكم بمركزه وإدارته بحسب الصلاحية المفترضة التي يتحلى بها أخر لا ينتمي لمحافظة تعز ..؟!

لكن قبل الاسترسال بهذا الجانب ساعود للوراء قليلا وتحديدا لعام 1996م حين شن أحد الكتاب ولأول مرة هجوما عنيفا على تعز ودورها ودور أبنائها وكال عليهم من التهم ما لا يمكن أن يجهر به المرء - تأدبا - مع نفسه في غرفة مغلقة لكن صاحبنا الكاتب جاهر بما طفح به فكر من دفعه ليتناول تعز تحت راية حرية الرأي والتعبير في مقال كان كاتبه من أبناء المحافظات الجنوبية الذي طفح بكل مفردات العنصرية والطائفية والمناطقية وحمل ( تعز ) وأبنائها مسئولية كل الاحداث في مقال حمل عنوان ( طماش تعزي يتقارح من على صدر صفحات صحيفة الثوري ) وفيه دشن الكاتب جهرا ثقافة ( شيطنة تعز ) وكال لتعز وأبنائها من التهم ما لم يسبقه إليها أحدا قبله ، وهي تهم يعتز ويفتخر بها كل تعزي ولتعز كل الشرف في أن تنسب كل تلك التهم التي كالها الكاتب ( الغبي ) لها ولابنائها ، بدءا من إسقاط نظام الإمامة في الشمال إلا إسقاط ( حزب عدن للعدنين ) إلى إشعال الثورة المسلحة ضد الاستعمار البريطاني ، إلى أن ضحك أبناء تعز على ( البيض ) واقنعوه بالوحدة مع قبائل الشمال - حسب زعم الكاتب - وحسب الكاتب يؤمها أن أبناء تعز اقنعوا ( البيض ) بالوحدة مع الشمال وأكدوا له إنهم مجرد قبائل متخلفة - حسب زعم الكاتب - وخلال أشهر قليلة سيتم التخلص منهم ويصبح الحكم بيد ( البيض ) ..!!

ولأن أبناء تعز ( غدارين ) حسب الكاتب فإنهم وبمجرد أن تفجرت حرب صيف 1994م تخلوا عن ( البيض ) وتركوه يواجه مصيره واعلنوا تمسكهم بالوحدة وكان بمقدورهم حسب الكاتب أن ( يسكبوا حلبة ) في طريق دبابات صنعاء حتى لا يصلين الى عدن ..؟!

كان الكاتب يدعى ( بن حسينون ) وينتمي للمحافظات الجنوبية ، بعدها بقرابة عامين تابعنا كاتب أخر محسوب على المحافظات الشمالية شن بدوره حملة تخوين وشتم وقدح وذم بحق تعز وأبنائها ورموزها ، واعتبر - حينها الكاتب - أن بعض رموز تعز في السلطة يسعون لإقامة ( دولتهم المستقلة في تعز والسيطرة على باب المندب بالتعاون مع تنظيم القاعدة وبدعم امريكي )..؟!!

الكاتب كان لقبه ( القحفة ) وكان هجومه يستهدف تعز وأبنائها ويحملهم بلغة ( مناطقية قذرة ) كل الأخطاء التي ارتكبها غيرهم من الذين لم يكن لهم علاقة بالثورة والجمهورية والتحولات بل كانوا أعداء الثورة والجمهورية. والتحولات ولايزالوا حتى اليوم ..!!

وعلاقتهم بكل هذه التحولات مرتبطة بديمومة مصالحهم فقط وهم كانوا ثوار وجمهوريين ووحدويين من أجل مصالحهم وهذه حقيقة تاريخية جاحد من ينكرها فالتاريخ وثق كل الاحداث ووثق مواقف كل الأطراف منذ قيام الثورة وحتى اليوم ..!!

ما تناوله ( الكاتبان ) يؤمها وقبل سنوات برزا مؤخرا من خلال الأحداث التي تمر بها ( تعز ) وكل الوطن وهي احداث تأتي بمثابة ترجمة حرفية لما تناوله الكاتبان يؤمها ..السئوال هو هل مخطط تمزيق تعز وتدمير مقوماتها المادية والمعنوية والحضارية كان معد له سلفا ومن سنوات ؟ وأن ما سطره يؤمها ( بن حسينون ) و ( القحفة ) كان يعكس رغبة أطراف نافذة داخل مفاصل السلطة وخارجها لاستهداف ( تعز ) الدور والموقف والمكانة الوطنية ..؟! أم أن هناك مخطط إقليمي ورغبة دولية لهذا الدمار في تعز ، وان ثمة رموز في السلطة كانوا على علم به ويعملوا بطريقتهم لتحقيقه نزولا عند رغبة أطراف خارجية ..؟

تساؤلات ستجيب عليها تداعيات الأحداث الراهنة ، وكيف تم الزج بتعز وأبنائها وكل الوطن في معترك تمزيق النسيج الاجتماعي الوطني وفي المقدمة تعز ..؟!!
يتبع

حول الموقع

سام برس