بقلم/ حسن الوريث
فال لي ابني وصديقي الصغير عبد الله وهو غاضب لا أريد أن أسجل هذا العام في مدرسة حكومية لأن الدراسة فيها غير جيدة ولم ندرس خلال العام الماضي بالشكل المطلوب بل كانت الدراسة فيها لعب ولعب وفوضى ولذلك اريد التسجيل في مدرسة أهلية لان التعليم فيها أكثر انضباط من المدارس الحكومية .

نزلت عند رغبة ابني وصديقي الصغير وقررت ان أذهب معه للتسجيل في مدرسة أهلية وبالفعل ذهبنا للبحث عن مدرسة قريبة في حي الجراف حيث نقيم وبدأنا رحلتنا في المدارس القريبة في المدرسة الأولى كانت الرسوم المطلوبة مائة وخمسون الف ريال وفي الثانية مائة وعشرون الف ريال وهكذا كانت أقل مدرسة لاتقل فيها الرسوم عن مائة الف وعند الاستفسار عن سبب ارتفاع الرسوم كانت الإجابة التي اجمع عليها كل مسئولي المدارس بأن الارتفاع يعود إلى فرض جبايات من جهات رسمية على المدارس الأهلية ابتداء من وزارة التربية والتعليم وصولا إلى فرض ضرائب ورسوم تحسين ونظافة وارتفاع قيمة المنهج المدرسي الذي يتم شراؤه من مطابع خاصة او من البسطات الموجودة في التحرير وارتفاع تكاليف الكهرباء إلى غير ذلك من المبررات التي سمعناها منهم .

عدت انا وصديقي الصغير إلى المنزل بعد رحلة طويلة وشاقة في البحث عن مدرسة أهلية دون جدوى وقررت حينها ان نذهب في اليوم الثاني إلى المدرسة الحكومية في الحي للتسجيل فيها وصرف النظر عن فكرة المدرسة الأهلية لأنها مكلفة وليس في اسنطاعتي دفع الرسوم بسبب انقطاع الرواتب والظروف المعيشية الصعبة التي نعيشها بسبب العدوان والحصار.

في اليوم الثاني ذهبت مع ابني وصديقي الصغير إلى المدرسة الحكومية في الحي وحين وصلنا إليها بدأت أفكر في عدم تسجيل الولد عبد الله فالوضع فيها فعلا لا يشجع على تسجيل الولد عبد الله وتعززت قناعتي عندما دخلنا إلى الإدارة والتي كانت مكتضة بالناس وكأننا في سوق وليس في مدرسة فقد  اختلط الحابل بالنابل والآباء والأمهات والطلاب وهرج ومرج وحاولت استفسر عن الرسوم المطلوبة فابلغوني بأنها الف ريال وحين سألت عن سبب ارتفاع الرسوم في المدرسة الحكومية قالوا ان الزيادة هي لصالح المدرسين الذين بدون رواتب وبان المبلغ سيكون شهريا لنفس السبب .. المهم لم يعجبني الموضوع فتركت صديقي الصغير في المدرسة كي يكمل عملية التسجيل وسلمت له الرسوم وبصعوبة وافق واقتنع بالتسجيل في المدرسة الحكومية .

وحين بدأت الدراسة بدأت طلبات المدرسين من الدفاتر والحقائب المستلزمات وهذا بدوره يثقل كاهل أولياء الأمور وأهم طلب هو شراء الكتب المدرسية من خارج المدرسة لأنها غير موجودة ذهبت إلى ميدان التحرير مع ابني وصديقي الصغير لشراء الكتب المدرسية وشاهدنا الكتب موجودة ومتوفرة على الارصفة وتباع جهارا نهارا وعلنا وامام الجميع وعلى عينك ياوزارة التربية والتعليم سألني.. لماذا الكتب متوفرة هنا وغير موجودة في المدارس ؟ قلت له يا صغيري العزيز الإجابة لن نجدها الا عند الراسخون في العلم من مسئولي وزارة التربية ابتداء من الوزير مرورا بالوكلاء وصولا إلى مدراء العموم وبقية الفريق لأنهم هم من يعرفون لماذا الكتب تباع في التحرير ومعدومة في المدارس ؟ ولماذا لم يتم القضاء على هذه الظاهرة ؟ قال لي صغيري العزيز ربما أنهم تركوا هؤلاء الناس من أجل توفير الكتب للطلاب لأنهم لم ولن يجدوها في المدرسة وبالتالي فهذا حل مناسب .. قلت له ربما كلامك فيه حل لهم لكنه ليس الحل الحقيقي لهذه المشكلة المتمثلة في انعدام الكتب المدرسي في المدارس وبيعه على الأرصفة .

قال لي صديقي العزيز بعد عودتنا من جولتنا التي انتهت دون شراء الكتب لأن من يبيعها يبالغون في أسعارها وأصبحت تشكل عبء على كاهل أولياء الأمور .. لم نستطع التسجيل في المدرسة الأهلية ولم نتمكن من شراء الكتب المدرسية وسنضظر للدراسة في المدرسة الحكومية رغم أن التعليم فيها سيء جداً فالعام الماضي لم ندرس بالشكل الصحيح حيث التلاعب الكبير من قبل المدرسين والإدارة الغائبة فما هو الحل ؟ قلت له ياصديقي العزيز والحبيب بالتأكيد أن المواطن المسكين يعاني فمن تعليم رديء في المدرسة الحكومية إلى تعليم مرتفع السعر في المدارس الأهلية وغياب تام للأجهزة الحكومية في ضبط أصحاب المدارس الأهلية الذين يتحججون بأنهم يدفعون رسوم باهضة لبعض أجهزة الدولة والحكومة وبالتالي يضيفونها على الرسوم وكذا غياب غير مبرر لضبط العملية التعليمية في المدارس الحكومية وكل ما نشاهده من زيارات لبعض المسئولين في وزارة التربية والتعليم ومكاتبها في المحافظات مجرد ظهور إعلامي وذلك الجيش العرمرمي من الوكلاء والمدراء الذي يثقل كاهل كشف الراتب والمكافات والحوافز ليس له من عمل سوى التصريحات في القنوات ووسائل الإعلام عن جهودهم العظيمة في استمرار التعليم في البلاد في ظل هذه الظروف من العدوان والحصار لكنهم لم يعملوا انطلاقاً من مسئولياتهم في تحسين جودة التعليم أو على الأقل ضبط ماهو موجود والتحكم فيه ومعالي الأخ الوزير في برجه العاجي حيث تم عزله عن الناس والعمل بحجة الحفاظ على أمنه وسلامته وهم يعبثون كما يريدون واصبح المواطن بين رمضاء المدارس الحكومية ونار المدارس الأهلية .

وفي ختام حواري مع صديقي العزيز والصغير طلب أن أتناول وضع التعليم في رسالة إلى الوالي لشرح معاناة الناس وكيف يمكن ان نرتقي بالتربية والتعليم على اعتبار ان التعليم هو حجر الزاوية في تطور البلدان والمجتمعات .. فوعدته أن أتناول موضوع التربية والتعليم بكل تفاصيله في رسالة قادمة إلى سيدي الوالي عل وعسى أن تلقى اذاناً صاغية .

حول الموقع

سام برس