بقلم/ محمود كامل الكومى
أنها الحرب قد تثقل القلب لكن خلفك عار الحكام فى الخليج وغيرهم من الحكام العرب ,أيها الجيش السورى البطل – هؤلاء الذين استطابوا الثريد وأمتطاء العبيد والرجال التي ملأتها الشروخ ,هؤلاء الذين تدلت عمائمهم فوق أعينهم ,وسيوفهم العربية قد نسيت سنوات الشموخ.

فور أن أعلن ترامب من خلف الكواليس وذر للرماد فى العيون أدانة الغزو التركى لشمال شرق سوريا ,تَوحُّد خُصوم أردوغان العرب في جبهةٍ واحدةٍ، وفجأة أعلنوا دعمهم لسورية ووحدتها الترابيّة ودعوتهم لاجتماعٍ طارئٍ لوزراء الخارجيّة من خلال جامعة أبو الغيط الذى صال وجال من قبل تقطيعا فى أوصال سورية ، تماهيا مع حكام قطر والسعودية والامارات وبعض الحكام الذين تَآمروا عليها، وشاركوا في تدميرها، وجمّدوا عُضويّتها , لتثبت الحرب مفارقاتها , وبدا أن ذلك ليس حبا فى سوريا وشعبها ولاكرها فى أردوجان الجبان ولكن بعد ان أعتبرته امريكا غزو ترضية لقسد فأدانت حكومة مصر والسعوديه وابوالغيط , وكان الأجتماع

حين لاح فى الآفق أن سوريا تنفض عنها غبار الآرهاب والتأمر الدولى , شارك الحكام العرب فى حصار الشعب السورى , ووضح التأمر فى الخليج كالعاده وشارك حكام الأردن و14 آذار فى لبنان فى حصار الحدود , وأغلقت حكومة مصر قناه السويس فى وجه الناقلات المتجهه الى سوريا , لتتفاقم معاناة الشعب السورى.

قطر ودورها المرسوم أمريكيا لاتحيد عنه طالما الأوامر تصدر فهى عدو لدود لعالمنا العربى وشوكة مغروسة فى جسده تمول الأرهاب الأخوانى وتنمية ومع تركيا تربيه .

على صعيد غزو الاتراك للشمال السورى فالواضح أن اردوجان يريد أن يواصل ما حاول عدنان مندريس القيام به من قبل، بلعب دور شرطي أمريكا في الشرق الأوسط، وتنفيذ مخطط أنابيب النفط والغاز التي أصبحت أكثر أهمية اليوم باكتشافات الغاز الكبيرة في شرق المتوسط، والتي لا سبيل لوصولها إلى أوروبا لمنافسة الغاز الروسي إلا بالمرور عبر سوريا خالية من روسيا .

فى الماضى ساندت أمريكا عدنان مندريس بكل قوة, وهى الآن تقوم بنفس الدور المساند لأردوغان.
تطابقت الصورة أو استنسخت من الماضى الى الحاضر مع فارق جوهرى هو أن مصر كان يقودها جمال عبد الناصر عاشق تراب الوطن العربى وخاصة سوريا , أما الآن فقيادة مصر فى واد آخر ولذا يجب أن نستعيد الصورة ونحكى الحكاية :

" كان جمال عبد الناصر يقود اجماعا عربيا أن ( اسرائيل ) هي الخطر الحقيقي على الدول العربية وحاولت أمريكا بشتى الوسائل أن تجر العرب الى صلح معها فلما فشلت هذه الوسائل , تم خلق أخطار جديدة حتى يتفتت الاجماع العربي وتتفرق قواه.

في 1957 نجحت أمريكا في احاطة سوريا بالأعداء ، الملك حسين والأردن من الجنوب ، وحشود اسرائيلية مقابل الجولان ، ومن الشرق نوري السعيد رئيس الوزراء العراقي الذى أستقبل عدنان مندريس رئيس الوزراء التركي ونسق معه وفي الشمال حشدت تركيا 50 الف جندي على حدود سوريا وأطلقت تهديداتها باجتياح الشمال السوري ، واستقبل الرئيس الأمريكي أيزنهاور ونائبه آنذاك الملك سعود الذي راح يشكو تحول سوريا الى دولة شيوعية مارقة ويطلب التدخل الأمريكي العسكري ضدها ,تطبيقا لما كان يسمى بمبدأ ايزنهاور بمساعدة حلفاء أمريكا عسكريا لملء الفراغ الذي أوجده خروج بريطانيا وفرنسا من المنطقة اثر هزيمتهما في عدوان 1956 على مصر ..

رد عبد الناصر بقوة ، أرسل يوم 13 أكتوبر / تشرين الأول 1957 ثلاث مدمرات وعدد من ناقلات الجنود تحمل لوائين من القوات المصرية التي ذهبت لترابط على الحدود مع تركيا ، وفضح المؤامرة بخطب قومية عنيفة أثارت وجيشت الشارع العربي في الأردن والعراق وأجبرت نظامي البلدين على التراجع ، ووجه الرئيس السوفييتي بولجانين انذارا شديد اللهجة الى تركيا وأخطرت أمريكا بان الاتحاد السوفييتي سيقف عسكريا ضد الناتو وأي تدخل غربي في سوريا

كانت النتيجة : سقطت المؤامرة وانتصرت سوريا والأمة العربية وراءها نفس السيناريو ونفس الأعداء ونفس الأساليب تقريبا تكررت في 2011 الفارق الوحيد أنه ليس في مصر عبد الناصر.
واِذا عدنا الى ماقبل التهديد بالغزو التركى فى سوريا 1957 وسببه وتأصيله على الغزو الجارى الآن
ففى يونيو 1954 صرح رئيس وزراء تركيا فى زيارة إلى واشنطن بأن الوقت قد حان ليعترف العرب بحق إسرائيل فى البقاء

وقتها أدرك بن جوريون، رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلى، أن التعاون التركى الإسرائيلى لا ينقصه إلا شكل أكثر علمية، فوضع نظرية جيوسياسية بالاشتراك مع رفيقه إلياهو بن ساسون، بعنوان "الحزام المحيطى"، وهى السياسة التى استهدفت التحالف مع تركيا وإيران (الشاه)وإثيوبيا لتطويق العرب فى مصر وسوريا والعراق.

كانت الرؤية الأستراتيجية لجمال عبد الناصر بعيدة المدى وكان حِفاظه على الآمة العربية وكيانها هو المبتغى حين أدرك مبكرا حقيقة مايرمى اليه بن جوريون وفض حزامه المحيطى بأرساله قوات تحمى الحدود السورية وتجهض الغزو التركى لها , ومحاربته حلف بغداد ومناهضة شاه ايران ومناصرة ثورةمصدق واحتضان المعارضة الأيرانية للشاه -

وشجع عبد الناصر الكنيسة المصرية على ان تلعب دورا عند منابع النيل فى اثيوبيا وجعل من هيلا سلاسى صديقا قويا لمصر – بل أن من اسباب مناصرة الثورة اليمنيه فى السيتينيات وارسال الجيش المصرى لليمن حماية منابع النيل فى أثيوبيا وضمان عدم الأعتداء على المجرى المائى للنيل – وبعد عبد الناصر تهدد مجرى النيل وصار الأمن المائى المصرى فى خطر نتيجة تنفيذ نظرية أسرائيل ( الحزام المحيطى )وتماهى رؤساء مصر بعد عبد الناصر معها من خلال كامب ديفيد وملاحقها السرية .

والآن تتجدد نظرية الحزام المحيطى من خلال المحيط التركى – بعد ان صارت قاب قوسين أو أدنى عبر المحيط الأثيوبى ,ومن قبل الآن فى 2011 حيث كانت تركيا الداعم الآول لتنفيذ المؤامرة الكونية على سوريا .

وحين نسينا أن الأستعمار الفرنسى أهدى لواء الأسكندرونه للأترك مما شجع أردوجان أن يستغل المؤامرة الكونيه ويستبيح شمال شرق سورية ويستعيد ماضى السنين وسط فرجة ايران وروسيا ....!! وتأمر أمريكى غربى صهيونى درج على هذا من زمن سحيق - واخوان الشياطين ( اللامسلمين ) تؤيد عدوان السلطان الزنديق وجامعة ابو الغيط مُحلل لسايكس بيكو جديد وحكام عرب تبنى القصور والمناطق الخضراء لتلوذ بعيد وتقبض ثمن الخيانه مقابل أهدار دم الشباب والمناضلين والثائر العنيد..

وأعلام البترودولار ومافيا رجال الأعمال يصنع الترويج حتى لعطش المصريين ووأد الفكر الثورى الوعيد

فهل ننتظر لنموت عطشاً أو نعيش فى قبور كنتونات تديرها أسرائيل ؟

ندرك جيّدا ارتباط الإنفصاليين الكرد في شرق الفرات بواشنطن وتل ابيب والدعم السعودي لهم، بهدف إنشاء "اسرائيل ثانية" في المنطقة على الأرض السوريّة..

كما ندرك طبيعة أردوجان وأطماعة فى سوريا وتقسيمها كرأس حربة لحلف الناتو وأسرائيل. .
ومن خلال هذا الأدراك لابد للشعب العربى أن لا يستكين - ولسورية وجيشها يكون العون والمدد والنصير.

وأن يمنع مرور أنبوب الغاز القطري والإسرائيلي عبر سوريا إلى تركيا بكل السبل , وأن يقطع أوصال " الحزام المحيطى "قبل أن يلف وسط الأمة العربية من طرفة الأثيوبى والآخر التركى .

فالشعب هو القائد والمعلم والخالد أبدا كما قال الغائب الحاضر جمال عبد الناصر.

كاتب ومحامى – مصرى

حول الموقع

سام برس