بقلم/ زيد محمد الذاري
كثير ما يمكن قوله حول الاتفاق التاريخي لقوى يمنية في الرياض والمزمع توقيعه في الخامس من نوفمبر الجاري .. و لن يستطيع مقال إيجاز أبعاده المختلفة و خلفياته القديمة و دلالات المستقبل فيه.

هو تاريخي بدون أدنى شك و مفصل هام في حياة الجزيرة العربية و تراكم القوى التاريخية فيها و ما أنجزته من أدوار و امتحانات و نتائج. و هو أيضا مؤشر لمرحلة نضوج مكتملة لرؤى جديدة مستوعبة لمتطلبات المستقبل.

قد لا يكون توديع كامل لمرحلة طويلة من الصراعات المزمنة في اليمن و التي تفاقمت بمرور الوقت إلا أنه بداية مسار يستجيب لأغلب مسببات الصراعات اليمنية و يتضمن في رسائله العديدة رؤى و قواعد و محددات لمستقبل أكثر انضباطا و اقل مخاطرة مما اعتدناه في التسويات السابقة.

و كما انه استجابة عاقلة من اطراف الصراع في عدن و الجنوب لضرورة اعتماد لغة التفاوض و التنازل المتبادل و الثقة المتبادلة بدلا عن استمرار دوامات الموت و أعاصير الإلغاء التي تلاحقت لعقود كانت عدن فيها ساحة حرب مستمرة، فهو أيضا أفق استراتيجي لطبيعة الحلول الممكنة في بقية جزيئات الصراع اليمني.

من الإنصاف الإشادة بالدور التاريخي للمملكة العربية السعودية في إنجاز هذا الاتفاق و الذي كان مستحيلا أن يرى النور لولا إرادة و تبني المملكة له و العمل على إنجاحه رغم التناقضات العميقة، و أظهرت المملكة بما تمثله من قيمة كبيرة ضامنة أمام الأطراف المتصارعة و أمام العالم حرصها على الجميع و قدرتها على خلق فرص حقيقية للمصالحة و للسلام و رعايتها المباشرة لما يتحقق.

مع تبريكنا لهذا الانجاز نتطلع إلى أن يعم هذا النموذج بقية الأطراف و أن يسدل الستار على حقبة الصراعات في جنوب الجزيرة العربية إلى الابد، و ان تتحول الإرادات إلى الانسان و حريته و إلى التنمية و العيش الكريم لمواطنيه.
رئيس ملتقى الوئام الوطني

حول الموقع

سام برس