بقلم/ طه العامري

ذات زمان يعود لاواخر السبعينيات من القرن الماضي كان في قريتنا ( الاعروق ) مديرية حيفان تعز رجل مختل عقليا ولكني اسميه مبروك ، كان اسمه ( عبد المؤمن ) في يوم من الايام سافر عبد المؤمن من القرية إلى مدينة الراهدة سيرا على الاقدام ، فلما وصل مدينة الراهدة كان التعب قد بلغ منه مبلغه والجوع أيضا ودون تردد دخل عبد المؤمن إحدى المطاعم وطلب اكل من كل ما لذ وطاب ، اكل عبد المؤمن حتى شبع وشرب حتى ارتوى ، ثم قام متجها نحو صاحب المطعم وقله حرفيا كم حسابك فابلغه مالك المطعم بالرقم فرد عبد المؤمن بكل ثقة وأنفة ( سجلها على حساب الحاج هائل سعيد ) ؟!!

رفض صاحب المطعم واشتط غضبا على عبد المؤمن وأصر عليه بدفع الحساب فيما عبد المؤمن مصر على أن يسجل الحساب على الحاج هائل سعيد أنعم طيب الله ثراه ، طلب صاحب المطعم عماله الذين اوسعو عبد المؤمن ضربا حتى كاد يفقد حياته من شدة الضرب عليه من عمال المطعم ..!!

طبعا انتشرت حكاية عيد المؤمن وصاحب المطعم في كل أرجاء مدينة الراهدة ولم تمر سوى ثلاثة أيام حتى بلغ الخبر الحاج هائل سعيد أنعم طيب الله ثراه ورحمة الله تغشاه واسكنه جنات الفردوس ، نزل الحاج هائل إلى ذلك المطعم غضبان من تصرف صاحبه مع عبد المؤمن وما أن شاهده صاحب المطعم حتى هرول للمطبخ وجلب مطيبة مرق اسبيشل للحاج ومرحبا به إلا أن الحاج رفض ضيافة صاحب المطعم وراح يوبخه ويعاتبه على ما فعله هو وعماله بعبد المؤمن ، قائلا له انت لم تحترم ضيفي وانت ..وانت المهم أن صاحب المطعم حاول بكل الوسائل أن يعتذر لكن الحاج لم يسامحه ودفع له قيمة غداء عبد المؤمن وانصرف غاضبا على صاحب المطعم ..

وفي اليوم التالي كان صاحب المطعم يتجول بشوارع الراهدة يبحث عن عبد المؤمن ويوصي كل أصدقائه وأصحابه في المدينة بابلاغه عند رؤيتهم لعبد المؤمن ، الذي لن يحضر إليه لأن الحاج هائل سعيد رحمة الله تغشاه كان قد أخذ عبد المؤمن للمصحة للعلاج على حسابه تحت إشراف الدكتور عبد القادر المجاهد الذي أوصى بترحيله للقاهرة وفعلا سافر به الحاج للقاهرة للعلاج وعاد عبد المؤمن صحيحا ومعافى والتحق بالعمل في مصانع الحوبان بتوصية من الحاج هائل سعيد أنعم رمز الخير والبركة والعطاء والرحمة والشعور بحاجة المحتاج رحم الله الحاج هائل واسكنه الفردوس الاعلى مع الانبياء والرسل ..

قصة أخرى للحاج طيب الله ثراه حيث بلغته شكوى من بعضهم أن أحد أبناء قرى المنطقة ( لن احدد اسم القرية ) يبيع ( المشروبات الروحية ) و..و..ولازم يحاكم ويسجن ويجلد وطرحوا للحاج رحمة الله عليه كل أشكال العقوبات التي يجب أن يعاقب بها الرجل ..؟!

أستمع الحاج لكل ما يقال وابلغهم أن يتركوا الأمر له وهو سيعالجه ..لم تمر سوى أيام حتى كان الحاج في قرية الرجل وادى صلاة الظهر في جامع القرية وبعد أن أكمل الصلاة خرج من الجامع ووجد أمامه الرجل المتهم بادره الحاج بالسلام والتحية والكلام ، ثم قال الحاج للرجل الغداء جاهز انا ضيفك اليوم اشتي اتغدي معك في بيتك ارتبك الرجل وتلعثم ورد على الحاج يا حاج أين أنا وأين انت وغدانا مشعجبكش يا حاج ..رد الحاج ليش وايش غداكم ؟ قال الرجل غدانا ( عصيد وحقين ) يا حاج ..رد الحاج بفرح هذا الغداء الذي أريده ..وأخذ الرجل من يده باتجاه بيت الرجل الذي كان الارتباك بادئا عليه وفيما الناس تجمعوا وكل واحد يناشد الحاج بأن يكون ضيفه حسم الحاج أمره للجميع بأنه سيتغدي مع هذا الرجل وفي بيته ، وفعلا دخل الحاج لبيت الرجل وهناك دار بينهم حوار حول كيف يعيش الرجل ؟ وما هو عمله ؟ فقال الرجل أنه بلاء عمل وأنه يتمنى لو بلقاء عمل شريف يكفل له ولأسرته حياة شريفة ، طبعا اكل الحاج الطعام الذي قدم له في بيت الرجل وهي وجبة ( العصيد والحقين ) وبعد أن فرغوا من الطعام أعطى الحاج صاحب البيت ورقة وأبلغه أن يذهب صباحا لأحد مصانع الحوبان للعمل فيها وفعلا من الفجرية كان صاحبنا بالحوبان والتحق بالعمل في أحد مصانع الحاج هائل طيب الله ثراه ولم يعود للطريق الذي كان يسير فيها ولم يذكر له الحاج حكاية ( الشراب ) واقوال الناس بل حل المشكلة للرجل بدون تجريح وبدون استفزاز ..

الله ما اعظمك يا حاج هائل سعيد أنعم وما أعظم مواقفك التي لم تموت ولم ترحل بعد رحيلك ولكنها لا تزل تتجسد في سلوكيات ومواقف العم علي محمد سعيد والحاج عبد الواسع هائل والاستاذ محمد عبد سعيد والاخ شوقي أحمد هائل وفي مواقف وسلوكيات ابنائك واحفادك وكل اسرتك الكريمة التي ربيتها على أعمال الخير واهلت كل من ينتمي اليك ليقتفوا اثرك ..لك الرحمة والخلود والمجد في عليين ولك السكينة والسلام والرحمة ولكل من ينتمي اليك التحية والسلام والتقدير ..

حول الموقع

سام برس