بقلم/ محمود كامل الكومى
فى عالمنا العربى لم يدرك حكامه الآن القرن ال 21 , أو لعلهم يدركون لكن دواعى الأمن الأسرائيلى والعشق الأمريكى تدفعهم الى أستدارة عجلة الزمن الى الوراء عكس عقارب الساعة بفعل حكومات شكلتها مافيا رجال الأعمال , أذناب الأمبريالية والصهيونية العالمية .

فى الأستقامة والطريق الى القوامة وتعضيداً للنفس اللوامة , تدور عقارب الساعة بأنتظام دائم تطوى الساعات والأيام والسنين , تتدارك العراقيل وتقفز فوقها ,لتواصل عجلة الزمن المَسِير تتخطى نظريات عفى عليها الزمن ,لتصنع الجديد من اجل التقدم ورفاهية الأنسان وتأكيد سيادته الشعبية .

تتقدم فلسفة ونظم الحكم عالمياً حتى يكون الطريق ميسوراً للشعب ليصنع حكامه الذين يعملون على تأكيد سيادته فيصعدون الى عنان السماء فترة محددة من الزمن لتطويهم الصحاف ولاندرى عنهم اِلا خبر فى الوفيات

لكن عالمنا العربى الآن مازال يخفق حنيناً الى الوراء , ليس شعبياً , لكن من خلال أجهزة ورؤس الحكم فيه – ورغم هبات شعبية بدأت فى نهاية 2010 ومازالت الى الآن نزعت الى الديمقراطية من أجل العيش ( الخبز) والحرية والكرامة الوطنية , اِلا أنها سرعان ما أحتوتها نظم حكم أشد ديكتاتورية مستأسدة على شعوبها بالصهيونية والبترودولار والأمبريالية ,لتجعلها أنتكاسات الى الوراء , وصفعة للشعب ودرسا ضروسا تثنيه عن أى تكرار لهبة أولهفة اِلى حرية أوديمقراطية تؤكد سيادته ,أو حتى حياتة , غير مدركة أن الشعب اذا أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر .

وعلى أثر القيام بماسمى بثورات الربيع العربى فى مصر وتونس على فساد رئيسيها وعمالتهما ,أرتعدت نظم الحكم المقتفية أثرهما فى الخليج وقلبت الأمور فى ليبيا وسوريا ومولت تنطيمات أرهابية للقضاءعلى الجيش وتدمير أركان الدوله فيهما بأدعاءالثورة , حتى يضحى ذلك مثال حى لمن يقدم على الثورة ضد نظمهم الفاشية والعميلة للصهيونية والامبريالية , فيبشر بالخراب والفوضى والأرهاب ,فيرتعد ويستكين .

وعلى أثر ذلك تفتق ذهن النظام الرسمى العربى الرجعى وترزية قوانينه ,وجهابذة القوى الأمنية فيه , على رفع شعار الديمقراطية , تجارة بها – وتخديراً لشعوبهم- فأستنسخوا ( الديمقراطية القيصرية )ودستورها الصادر فى سنة 1799 م – والتى تقوم على عبادة الحاكم المسمى بالقيصر , واضعين الثقة المطلقة فى نواياه وقدراته – فيتجهون بالشعب الى وضع السلطة المطلقة فى يده بعد أجراء أستفتاء شعبى – وهنا تسلب من كل المؤسسات البرلمانية كل سلطاتها لتوضع فى يد القيصر , الذى يقوم هو وأعوانه من الأمن والمخابرات بجميع أعمال الدولة , وقد يلغى الحاكم الحريات العامة ( كحرية الصحافة والأجتماع والتظاهر).
وتبدو الرابطة الظاهرية التى تصل مثل هذا النظام بالديمقراطية فى أن الحاكم يتولى سلطاته عن طريق أستفتاء شعبى يجريه من المؤكد أنه سيزيفه فلا يبقى من الديمقراطية اِلا مظهرها وأسمها فقط .

وعلى ذلك أتخذت حكومات وأنظمة الحكم العربى فى مرحلة مابعدثورات الربيع الى الآن من مبدأ (سيادة الأمة أو الشعب)مبرراً لشرعنة الأستبداد والديكتاتورية , سواء كان ذلك الأستبداد من جانب أغلبية برلمانية أو رئيس برلمان او من جانب زعيم او ملك أو رئيس دولة .

تلك الأنظمة تتعمد أن توهم الشعب أن سيادته أو سيادة الأمة هى القانون – ولما كان القانون فى يد الحكومة ( المسيطرة على البرلمان) فعلى ذلك تصير الحكومة أو الرئاسة والأغلبية التى تساندها فى البرلمان , هى صاحبة الأمر والنهى الذى يصل بها الى الأستبداد بالشعب , بل وتتفنن عن طريق القانون فى طغيانه وأهدار حقوقه , بدعوى أنها فى تصرفاتها تعبر عن أرادة الأمة بصرف النظر عما بهذه التصرفات من مبادىء منافية للأخلاق ومن نزعات الطغيان والأستبداد .

واذا كانت نظم الحكم العربى الرجعى ترى فى سيادة الشعب , أنها لاتتصور اِلا فى صورة القانون بغرض أن تصبح الحكومة- (التى هى فى يد الرئيس)وهى القائمة بأمر القانون والمنفذة له- صاحبة السيادة الفعلية مما يؤدى الى الأستبداد والظلم بكافة أشكاله خاصة الأجتماعى والأقتصادى .
لكن العلم والتقدم والسائد فى العالم المتحضر يرى أن سيادة الشعب لها شقين 1- السيادة السياسية 2- السيادة القانونية
الأولى تتجلى فى أن الحكومة القائمة على القانون , انما تأتى الى الحكم بناءعلى رغبة الشعب عن طريق الأنتخاب الحر –وليس المزور أو تحت الترهيب او الترغيب- .

أما السيادة القانونية – فهى السلطة الممنوحة لهذه الحكومة أو الرئاسة , والتى تستطيع عن طريقها تسيير دفة الحكم .
وعلى ذلك تكون السيادة السياسية هى الأصل لأنها تتجاوز سلطة الحكومة أو الرئاسة ( أى السيادة القانونية)لتصل الى مصدر هذه السلطة وهو الشعب , وبذلك تكون السيادة السياسية لمجموع الشعب رقيباً على السيادة القانونية (أى سلطة الحكومة والرئاسة) وهنا تستطيع أن تحد من تعسفها حين تتخذ قرارات ليست فى صالح الشعب أو أن تنهى الحكومة أو الرئاسة حين تفقدها الثقة – فالشعب هو الذى يأتى بالحكومة أوالرئيس وهو الذى يعزلهما ,بحسب ما اذا كان ايهما يُحسن استخدام السيادة القانونية أويسيىء اليها .

واِذا كان النظام الرسمى العربى الرجعى قد ضرب عرض الحائط بالتقدم والمدنية وتراجع الى القرن السابع عشر يستمد منه دستور نابليون أملا فى تأليه حكامه وضمان تواجدهم على كرسى الحكم مدى الحياة وأعتبار أن مايصدره هؤلاءالحكام من قانون هو بديلا عن سيادة الأمة او الشعب من أجل مزيداً من الديكتاتورية والأستبداد واهدار حقوق الشعب المشروعة – فأن ذلك لايمكن أن يدوم الى الأبد ولايمكن لأرادة الحكام المستبده بالقانون المُصنع ,أن تطغى على سيادة الشعب وأرادته فى الحياة الحرة الكريمة والسلام الأجتماعى والرفاهية – فمازال تيار الثورةيموج فى عالمنا العربى , لكن يجب عليه أن يدرك درس الماضى القريب , ويحاذر من سموم ال C I A والموساد ,ويطهر نفسه من عملائهم , فالشعب هو القائد وهو المعلم وهو الخالد أبداً ذلك ما أكده زعيم الشعب جمال عبد الناصر.

*كاتب ومحامى - مصرى

حول الموقع

سام برس