بقلم/ سعدية مفرح

من أجمل التعليقات التي وصلتني على موضوع «40 نصيحة فقط قبل الذهاب الى معرض الكتاب»، الذي نشرته هنا في القبس قبل أيام، كان تعليق من الأستاذ سليمان ماجد الشاهين، إذ أفاض علي من خبراته في زيارة معارض الكتب في الكويت وخارجها، ما يكفي لتأليف كتاب كامل وليس مجرد صفحة واحدة في جريدة، ما جعل نصائحي تبدو فقيرة جداً مقارنة بالنصائح التي سمعتها من عاشق كتب وقارئ من الطراز الأول.

هكذا هم عشاق رائحة الكتب في كل زمان ومكان، يراكمون خبراتهم بين الصفحات وبين السطور وبين الهوامش، ما يضيف الى ما يقرأونه معاني جديدة تضاعف معاني العمر كله تقريبا.

ولعل هذا يفسر لنا عبارة العقاد الشهيرة؛ «لست أهوى القراءة لأكتب، ولا أهوى القراءة لأزداد عمراً في تقدير الحساب، وإنما أهوى القراءة لأن عندي حياة واحدة، وحياة واحدة لا تكفيني، والقراءة دون غيرها هي التي تعطيني أكثر من حياة، لأنها تزيد هذه الحياة من ناحية العمق». تعليق أستاذنا سليمان ماجد الشاهين تمحور حول ضرورة تحليل الأرقام المذكورة في سياق معرض الكويت الدولي الرابع والأربعين للكتاب، كعدد دور النشر المحلية والعربية والعالمية المشاركة فيه، وعدد العناوين (أو العنوانات حتى لا يزعل علينا عشاق اللغة العربية الفصيحة!)، المعروضة في الأجنحة، وعدد الزوار، وشرائحهم، ومرات تكرار زياراتهم وما يشترونه من كتب ونوعيتها، بالإضافة الى عدد الفاعليات الثقافية المصاحبة للمعرض خلال أيامه العشرة؛ من ندوات ومحاضرات وأمسيات شعرية ومعارض تشكيلية وفوتوغرافية، بالإضافة الى الأنشطة التي تقدمها المبادرات الشبابية في أجنحتها الخاصة، وعدد المترددين عليها والمستفيدين منها، وغيرها من أرقام لابد من تحليلها تحليلا علميا دقيقا، سيجعلنا نعرف إلى أين يتجه هذا المعرض العريق باعتباره ثالث أقدم معرض للكتاب في الوطن العربي كله.

معرض هذا العام، على سبيل المثال، شاركت فيه 488 دار نشر تمثل 30 دولة عربية وأجنبية، قدمت ما يقرب من نصف مليون عنوان، منها 13 ألف عنوان جديد، أي صدرت في عام 2019.

ورغم أن هذه الأرقام تبدو غير كافية لتحليل السلوك القرائي كله في الكويت فانها قد تعطي إشارات مبدئية على هذا الصعيد. ولا أدري إن كان المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وهو الجهة المنظمة للمعرض منذ دورته الأولى في عام 1975، مهتما بإنجاز مثل هذه التحليلات المهمة لتعينه ليس على تجويد أدائه التنظيمي للمعرض وحسب، ولكن أيضا وأولا لتقدم له، وبالتالي للدولة، خريطة طريق دقيقة لما يمكن أن تكون عليه كويت المستقبل! من التعليقات الأخرى التي وصلتني تعليق ربط بين عنوان الموضوع الصحافي الذي كتبته (40 نصيحة)، وعنوان رواية الكاتبة التركية المعروفة أليف شفق «قواعد العشق الأربعون»، وهي رواية بالمناسبة ممنوعة في المعرض، ما يذكرنا بواحدة من أسوأ سلبياته وهي الرقابة، التي تنغص على كثيرين ممن لا يتزودون بزادهم السنوي من الكتب إلا من خلاله، لكن الممنوعات الكثيرة فيه تجعل عشقهم لتلك الكتب عشقا ممنوعا، بلغة المسلسلات الرائجة هذه الأيام.

نقلاً عن القبس

حول الموقع

سام برس