بقلم/هند أبو سليم
يقولون إنه لكي نقابل وجه الكريم، علينا أن نكون مسددين ديوننا المادية.. أو نسامَح فيها.. ولكن ماذا عن ديوننا النفسية؟!

- ماذا عما أخذناه من أرواح البعض ولم نعده؟

- ماذا عن جروحٍ وضعناها باسم الحب وتناسيناها بالمبررات والأعذار؟

- ماذا عن كلام قاسٍ خرج وترك ندبًا في أرواح غيرنا؟

أسيقبل الله تسليمنا المادي له؟ وهو رب روح وجسد؟

أسيرى الله ثوبك أبيض رغم كل الدموع والأوجاع الموسومة عليه؟

تقول أمي إن من شاخ وهرم لا أمل في تغييره، ولكن ليس المطلوب هنا التغيير.. بل المطلوب -الاعتذار- ألا ترحل وأنت موصوم بذكرى ألم.

ألا ترحل من حياة أحد لم يستطع أن يدافع عن نفسه أمام ظلمك له.

وتقول أمي إن بعض الأوجاع تأتي من جهل فاعليها.. عليهم إذن عند النضوج أن يسددوا ديونهم النفسية.

- الأب الذي يوصم ابنه بالفشل.. عليه دين نفسي. (لن تربي رجلاً.. بل أنت تكسر رجلاً).



- الأم التي لا تحتضن وتقبل وتغمر حبًا وحنانًا عليها دين نفسي (الأكل والشرب واللبس والمدارس مش من علامات الحب).

- الصديقة التي تجرح وتبرر تجريحها بأنها صادقة عليها دين نفسي (الكلمة الطيبة صدقة، ومرة أخرى لغتنا العربية مليئة بالمعاني غير المؤذية لنفس الكلمة).

- خطيب الجامع الذي يتهم صغار السن بالتفاهة لمجرد أنهم يتساءلون، عليه دين نفسي (نفورهم من التفكير والبحث عن الله ذنبٌ ستحمله ليوم الحساب).

- المدير الذي يحبط ويكسر عزم موظفيه عليه دين نفسي (ما عادوا به إلى منازلهم وزوجاتهم وأطفالهم من غم ونكد يحسب من ديونك النفسية)

- الأخ الذي يقلل من قلب وروح وعقل أخيه لغلبة مصلحته عليه دين نفسي (لا صلاة ولا صومًا ولا زكاة ولا حجًا... فدينك ثقيل)

- المعلم الدي يبرر رفضه وزجره لطالب عنده بأنه يستثقل وجوده. عليه دين نفسي (لم يوجد هناك من أجل راحتك.. هو هناك ليتعلم.. اتقوا الله)



- الجدة التي تكره حفيدتها لكرهها لأمها (موجود يا أفندم للأسف) عليها دين نفسي.. وكل ثروات الكون لن تكفي سداد دينها.

- الجد الذي يميز في حبه لأحفاده ويوصل هذا التمييز ويؤكده فيؤلم قلب طفل لا يفهم أين خطأه، عليه دين نفسي لن تسدده مبررات الكون.

- الابن الذي لم يقدر تعب والديه وسعيهما من أجل تأمين حياة فاضلة ويثقلهما ما لا طاقة لهم به عليه دين نفسي.

- حامل لقب الصديق الذي لا يكن سندًا وظهرًا وصخرًا وقت الحاجة عليه دين نفسي (قالوا الصديق وقت الضيق يا عزيزي)

- الرجل الذي استباح امرأة بكلام حب وغزل وشوق وعشق، وعلق روحها بروحه ثم غادر.. كم هو ثقيل دينك.

- الزوج الذي يكسر زوجته لفظيًا كل صباح وكل مساء عليه دين نفسي تحت بند (حسبي الله ونعم الوكيل)

وما أكثر الأمثلة التي قد نفكر فيها وتمر علينا في حياتنا.

حين قال الله تعالى إن تسددوا ديونكم أظنه قصد روحًا وجسدًا.. أظنه أعلم بثقل الدين النفسي عن الجسدي.. وإلا ما قال: إنما الأعمال بالنيات.

وهناك من حسابهم النفسي بالفائض.. فبند الأرواح عندهم تحت بند الصدقة.

فكلامهم صدقة

وفعلهم صدقة

ونظراتهم صدقة

ولمساتهم صدقة

ونواياهم صدقة

وفرحتهم صدقة

وحزنهم صدقة

وقلوبهم صدقة.

ليسوا بأنبياء ولا صديقين.. ولكن خلدانهم ترفق وتتلطف بقلوب البشر.

عزيزي: فينا الطيب وفينا الخبيث.. فلو غلب خبيثنا طيبنا.. هناك دائما وقت طالما فينا نفس يحيى لتسديد الدين.

اعتذروا.... ولو بعد عقود من السنين

اعتذروا.... ولو بينكم ما بين القطبين

اعتذروا..... ولو بكلمة... في زمن الكلمات الإلكترونية.

طيبوا خاطرهم.... فهم حملوا الألم داخلهم دون ذنب.

داووا أوجاعهم التي حفرتوها.

أغلقوا النوافذ السوداء التي فتحتوها لأرواحهم.

اكتبوا سطور النهاية لقصص تعبهم... فقد أنهكهم حمل ما فعلمتموه.

شكرًا

مصطلح - ديون نفسية - يتم ذكره لأول مرة هنا في هذه المقالة.. لم يذكر من قبل لا باللغة العربية أو الإنجليزية.

تشهد الأيام على القلب إللي سامح

اللي عارف إن جرح الدنيا رايح تشهد الأيام على كل اللي صانها

الليالي عارفه مين فينا إللى خانها

نقلاً عن اليوم اسابع

حول الموقع

سام برس