بقلم/د.هشام عوكل
*أستاذ الإدارة الازمات والعلاقات الدولية

أزمة الديون الأوروبية التي غالبا ما يشار إليها أيضا بأزمة منطقة اليورو أو أزمة الديون السيادية الأوروبية وهي أزمة ديون متعددة السنوات تجري في الأتحاد الأوروبي منذ نهاية عام 2009 والعديد من الدول الأعضاء في منطقة اليورو (اليونان والبرتغال وأيرلندا واسبانيا وقبرص) لم تتمكن من تسديد ديونها الحكومية أو إعادة تمويلها أو لإنقاذ البنوك المثقلة بالديون تحت إشرافها الوطني دون وجود مساعدة من الأطراف الثلاثة مثل بلدان منطقة اليورو الأخرى أو البنك المركزي الأوروبي أو البنك الدولي صندوق النقد الدولي.

وتفاوتت الأسباب التفصيلية لأزمة الديون وفي العديد من البلدان تم تحويل ديون خاصة ناجمة عن فقاعة الممتلكات إلى ديون سيادية نتيجة لإنقاذ النظام المصرفي واستجابات الحكومة لتباطؤ الاقتصاد بعد الفقاعة التي حدثت وقد ساهم هيكل منطقة اليورو بوصفها اتحادا نقديا (أي عملة واحدة) دون اتحاد مالي (على سبيل المثال مختلف قواعد الضرائب والمعاشات التقاعدية العامة) في الأزمة وحد من قدرة القادة الأوروبيين على الاستجابة. وتمتلك البنوك الأوروبية قدرا كبيرا من الديون السيادية حيث أن المخاوف المتعلقة بملاءمة النظم المصرفية أو السيادية تعزز بشكل سلبي

الإشارات التحذيرية

وتجلت الآثار السلبية للأزمات السياسية التي جلت بمنطقة اليورو في الفترة الأخيرة في تباطؤ النمو الاقتصادي الأوروبي في الربع الثالث من 2018، وفقا للقراءة الصادرة في نوفمبر الماضي. علاوة على تعرض ألمانيا، التي تقود اقتصاد المنطقة، لتراجع في النشاط الصناعي في نوفمبر الماضي إلى 1.9%. كما هبط النشاط الصناعي في كل من فرنسا وإيطاليا، ثاني وثالث أكبر اقتصادات المنطقة إلى 1.3% و1.6% على الترتيب.

ونرى أن أهم الأسباب التي أدت إلى تراجع في البيانات الاقتصادية الأوربية، التي تعكس الأوضاع الاقتصادية في المنطقة، الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وانفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي في إطار ما يُعرف بالبريكست..

وهناك اضطرابات أخرى ظهرت في المشهد السياسي في منطقة اليورو كان من شأنها تعزيز حالة انعدام اليقين حيال الاقتصاد العالمي، واقتصاد منطقة اليورو تحديدا، أبرزها أزمة الموازنة الإيطالية التي أثارت مخاوف حيال تماسك أكبر تكتل سياسي واقتصادي على مستوى العالم.

وجاءت أولى الإشارات التحذيرية لتدهور اقتصاد المنطقة من أكبر اقتصاداتها عندما أعلنت الجهات الإحصائية انكماش النمو الألماني للمرة الأولى منذ 2015 في الربع الثالث من 2018. ومنذ ذلك الحين، بدأت البيانات الاقتصادية السلبية تتوالى في الظهور، أبرزها تدهور قراءات قطاع التصنيع في ألمانيا، والذي ألقى الضوء على أسرع هبوط في أداء النشاط التصنيعي في أربع سنوات.

وظهرت بيانات النمو الصينية للربع قبل الأخير من العام الماضي لتؤكد على حالة من التدهور في الأوضاع الاقتصادية لثاني أكبر اقتصادات العالم، وهو ما جاء عل علاقة مباشرة بالتدهور في الاقتصاد في منطقة اليورو، إذ تُعد الصين الشريك الأكبر على الإطلاق خارج الاتحاد الأوروبي

معدلات بطالة او مستويات عجز عالية

واصل متوسط معدلات البطالة في الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في الانخفاض ليصل إلى أقل مستوياته منذ عام 2000. وأشار مكتب الاحصائيات الأوروبية (يوروستات) إلى أن معدلات البطالة في منطقة اليورو (19 دولة) بلغت 7,4% في شهر آب/أغسطس 2019، مسجلة بذلك انخفاضًا طفيفًا عن الـ 7,5% خلال الشهر الذي سبقه، وعن 8% خلال شهر آب/أغسطس 2018. أما متوسط معدلات البطالة في مجمل الدول ال28 في الاتحاد، فقد سجل 6,2% خلال الشهر الماضي مقارنة بـ6.3% في الشهر الذي سبقه.

وكانت معدلات البطالة في الدول ال28 قد سجلت في شهر آب/ أغسطس 2018 نسبة تصل إلى 6,7 %، مما يؤكد التوجه التدريجي نحو الانخفاض. وتُعد النسب المعلنة اليوم من قبل يوروستات هي الأقل منذ بدء المكتب بتسجيل معدلات البطالة على أساس شهري عام 2000. ولا تزال جمهورية التشيك تتربع على رأس قائمة الدول الأقل بطالة، إذ تبلغ نسبة العاطلين عن العمل 2% فقط حسب تقديرات آب/ أغسطس العام الحالي، تليها ألمانيا 3,1%، بينما لا تزال كل من اليونان وإسبانيا من بين الدول الأوروبية الأكثر معاناة من هذه الظاهرة بنسب تصل على التوالي إلى 17% و13,8%.

ويلاحظ يوروستات أن اليونان سجلت أكبر نسبة انخفاض على أساس سنوي أي ما بين تموز/يوليو 2018 والشهر نفسه من العام الحالي، بينما بقيت نسبة البطالة مستقرة في لوكسمبورغ وارتفعت في الدانمرك من 4,9% إلى 5% وليتوانيا من 6,1% إلى 6,6 % والسويد من 6,3 % إلى 7,1% في الفترة نفسها. لكن هذا لا يعني طمر عشرات ملايين العاطلين عن العمل في جورة النمو، إضافة إلى أن كريستين لاجارد رئيسة البنك الأوروبي المركزي الجديدة تكلمت عن نتائج غير مشجعة في العام القادم لتقليصه، وطالبت أوروبا بالخلق والخيال اللذين توفرهما لها المملكة، فعجز سوق العمل عن توفير فرص العمل للخريجين نظرًا لأعدادهم الكبيرة ، ويمكن مواجهة شح الموارد الاقتصادية في أوروبا بفيض الثروات الاقتصادية في الشرق الأوسط وتفاقم العجز الاقتصادي المتوقع في أوروبا الذي بسببه ندرة فرص العمل بالنمو الاقتصادي المتوقع في أيضا بمنطقة الشرق الأوسط.

ويضع تراجع النمو في 2018 والهبوط الذي أظهرته قراءات التضخم في أسعار المستهلك الأوروبي في ديسمبر الماضي رفع الفائدة في صيف 2019 موضع شكوك من قبل أسواق المال، ما من شأنه التأثير على أداء الأسهم الأوروبية واليورو في الفترة المقبلة نظرا للتوقعات السلبية التي تحاصر اقتصاد المنطقة.

دور صانعي السياسات المالية

وتعهد البنك المركزي الأوروبي في اجتماع لجنة السياسة النقدية في ديسمبر الماضي 2018 بأن يبقي على معدلات الفائدة عند مستويات منخفضة تاريخية على الأقل حتى صيف العام الجاري، ما أثار تكهنات بأن رفع الفائدة الأوروبية لم يكون قبل 2020، وهو الرفع الأول منذ الأزمة المالية العالمية التي ضربت اقتصاد العالم في أواخر 2008.
فرانسوا فيليروي، عضو مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي، إن رفع الفائدة يتوقف على مدى تحسن أو تدهور الأوضاع الاقتصادية لمنطقة اليورو.

و أن التحرك بالسياسة النقدية نحو التقييد ينبغي أن يكون تدريجيا، مرجحا أن جميع الخيارات لا تزال مفتوحة أمام البنك المركزي الأوروبي.

وعزا بذلك المراوحة بنفس المكان من حيث إجراءات التقليدية لسوق العمل وطلب في إعادة التخطيط بتنفيذ المشروعات الجديدة سوف تخلق أوروبا فرصًا جديدة للعمل بمساعدة نفسها على رفع مستوى التعليم بين صفوت القادمين الجدد الى اروربا وتأهيل الخريجين بما يتناسب مع حاجة سوق العمل في شتى التخصصات، تنشيط المناخ الاقتصادي مع اسيا ،.

المراقبين يعتقدون أن هناك فرصة كبيرة لأن يستمر اقتصاد أوروبي في التراجع، مما يزيد من المشاكل السياسية وهو ما يضيف رصيد المشاكل الاقتصادية القائمة بالفعل في أوروبا.

ويتوجب على صانعي السياسات المالية العمل على إصلاحات بالأنظمة المالية تواكب المتغيرات التي تفرضها الأوضاع الراهنة.

ومن المهم أيضا زيادة رأس مال البنوك، ووضع استراتيجيات طوارئ للتعامل مع البنوك والمؤسسات المالية الفاشلة.
ولتفادي أزمة جديدة، على المسؤولين عن السياسات المالية العمل بجد لتخفيض عجز الميزانية، وإعادة معدلات الفائدة تدريجيا إلى المستويات الطبيعية حسب ما تسمح به الظروف الاقتصادية.

وبالنسبة للحكومات فعليها العمل لدعم النمو المستدام الذي يساهم في تأمين أسعار صرف مرنة تمتص الصدمات، وأن تتعاون فيما بينها لمجابهة النمو السكاني المتنامي.

1.موسوعة ويكبيديا
2.عاطف إسماعيل (أوروبا على مشارف ازمة اقتصادية جديدة موقع تريدبلان 2019)
3.افنان القاسم (أوروبا تحب الممالكة رقم 2 ) حوار المتمدن
4. دراسة موقع سكاي نيوز (أوروبا تمتلك "القليل من الذخيرة" لمواجهة الأزمة الاقتصادية)

حول الموقع

سام برس